ارشيف من : 2005-2008
في احتفال تكريم الطلاب الناجحين في مدارس المهدي(عج) نصرالله: لا يجوز ان نبيع بلدنا وقراره ببعض الصدقات المسمومة
الانتقاد/ الحدث- 1128- 23 أيلول/ سبتمبر 2005
أطلق الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصرالله جملة مواقف مهمة تتعلق ببعض الملفات المستجدة على الساحة لفتت أنظار المراقبين والمحللين السياسين، وخصوصاً أن هذه المواقف جاءت في لحظة سياسية مهمة تتعلق بعدد من الملفات المتشابكة في ذروة الاندفاع الدولي باتجاه لبنان لممارسة الوصاية عليه اقتصادياً وسياسياً.
وكان انتقاد السيد نصرالله لهذه الوصاية مرتفع النبرة داعياً اللبنانيين إلى مواجهة هذا التحدي محذراً من الصدقات المسمومة بالشروط السياسية قائلاً: "لا يجوز ان نبيع بلدنا وقراره وسيادته، واستقلاله وامنه، وبقاءه ووجوده وكرامته، ببعض الصدقات المسمومة من هنا وهناك. هذه الصدقات في الحقيقة نحن محتاجون ان نواجهها".
وأبدى قلقه مما قيل في نيويورك، مفضلاً عدم استعجال الأمور بانتظار عودة رئيس الوزراء فؤاد السنيورة، وتقديم توضيحات في مجلس الوزراء حول ما جرى ويجري.
وكان لافتاً الاتهام المباشر الذي وجهه للشبكات الإسرائيلية في التفجيرات التي طالت عدداً من المناطق لا سيما المسيحية، ومحملاً مسؤولية الفوضى في لبنان لمن يطرح نظرية الفوضى المنظمة لتحقيق أهدافه السياسية، ومؤكداً أن ضحايا الأشرفية هم ضحايا "المخطط الأميركي ـ الإسرائيلي الذي يستهدف لبنان ليصل من خلاله إلى سلاح المقاومة وإلى بقية بنود القرار 1559".
وكشف السيد نصرالله أن إطلاق المزارعين اللذين اختطفتهما "إسرائيل" في مزارع شبعا بسرعة إنما كان نتيجة تهديد الإسرائيلي بأن المقاومة الاسلامية لن تسكت على هذا التجاوز، ولن تسكت على احتفاظ "اسرائيل" باللبنانيين اللذين خطفتهما، وستقوم برد قاس ومناسب وبحجم هذه الاهانة.
كما توقف السيد نصرالله عند نقطة أخيرة انمائياً تتعلق بمنطقة بعلبك الهرمل مؤكداً رفض حزب الله مشروع إنشاء مطمر للنفايات في بلدة الخريبة البقاعية، مشدداً على أن هذا المشروع لن يمر.
كلام نصرالله جاء خلال رعايته حفل تكريم الطلاب الناجحين في مدارس المهدي (عج) الذي اقيم في مدرسة شاهد ـ طريق المطار وقال "اليوم بكل صراحة يجب على اللبنانيين ان يواجهوا تحدياً حقيقياً اسمه الوصاية الأميركية على لبنان، والكل مدعوون لمواجهة هذه الوصاية، ومن يريد ان يقدم المساعدة للبنان أهلا وسهلا به، لكن من يريد ان يدس السم في عسل المساعدة ليفتن بين اللبنانيين ويخرب لبنان فلا اهلاً به ولا سهلاً.
اضاف: نحن أيضا نضم صوتنا إلى صوت الحكومة اللبنانية ونطالب العالم مساعدة لبنان. وكنا طرحنا في السابق وقلنا حتى في اطار مساعدة لبنان، لو تفضل هذا العالم وساعد لبنان في الحصول على تعويضات الاعتداءات الاسرائيلية منذ 1948 حتى اليوم لكفانا. لا نريد صدقة من احد. نريد تعويضات على بلدنا نتيجة هذا العدوان المستمر على بلدنا. لكن يجب ان نكون حذرين، ولا يجوز ان نقبل ان يعطينا لقمة في فمنا ليسترقّ رقابنا... لا يجوز ان نبيع بلدنا وقراره وسيادته، واستقلاله وامنه، وبقاءه ووجوده وكرامته، ببعض الصدقات المسمومة من هنا وهناك. هذه الصدقات في الحقيقة نحن محتاجون ان نواجهها.
وتابع: ينهون دول العالم عن التدخل بالشأن الداخلي اللبناني، ولكن يسمحون لأنفسهم من رئيس اميركا الى وزيرة خارجيتها، الى سفيرها في لبنان، ان يتدخلوا في كل تفاصيل وضعنا اللبناني. نحن نرفض ذلك، ونحن اللبنانيين بلغنا سن الرشد منذ زمن طويل. لسنا بحاجة الى من يمارس وصاية علينا، ونريد ان نكون سادة انفسنا، ونحن قادرون على ان نبني بلدنا وعلى ان نخرج بلدنا وشعبنا من كل المآزق، واللبنانيون الذين استطاعوا ان يلحقوا الهزيمة التاريخية بأعتى هامان ومتسلط في هذه المنطقة وهو "اسرائيل"، هم يملكون من العزم والارادة والعلم والمعرفة والقدرة على ما يمكنهم من تجاوز أي محنة يواجهونها ويرفضون الوصاية.
ومضى يقول "ما قيل في الأيام القليلة الماضية يثير القلق... نحن لا نريد ان نستعجل اتخاذ المواقف. نحن بانتظار ان يعود دولة رئيس مجلس الوزراء ليطلع الحكومة اللبنانية على مجريات المؤتمر في اميركا، وما جرى فيه وما هي النقاط المطروحة، وما هي الشروط الموضوعة على لبنان، وبعد ان نستبين الامر اذا كانت الامور مطمئنة فنحن نرحب بأي مساعدة اقتصادية للبنان، واذا كانت الأمور مثيرة للريبة او للقلق، اللبنانيون الحريصون على سيادتهم وعلى استقلالهم وعلى كرامتهم معنيون ان يواجهوا الموقف بالطريقة التي يرونها مناسبة.
وعن اطلاق المزارعين اللبنانيين اللذين خطفتهما قوات العدو الاسرائيلي قال سماحته: شاهدتم انتم رد الفعل في لبنان والعالم على اختطاف المزارعين اللبنانيين. لم نسمع أي بيان او استنكار على خلفية هذا الموضوع، ولم يصدر أي بيان في هذا الخصوص، وبعض وسائل الإعلام اهتمت في الموضوع والبعض اعتبره "كلعبة الفتبول"،
اضاف "لو عكسنا الصورة، وافترضنا ان شباب المقاومة دخلوا الى المناطق المحتلة واخذوا اثنين من الإسرائيليين "مزارعين او رعاة غنم"، ماذا يحدث في لبنان والمنطقة وماذا يحدث في اميركا والامم المتحدة؟ كوفي عنان يعطل الجمعية العامة ويجري مؤتمراً صحفياً من اجل الموضوع. طبعا انا أتكلم باحترام ... لو فرضنا ان حزب الله خطف "غنمتين من اسرائيل" لكان شارون هدد وأرعد بينما ان اثنين من اللبنانيين بشر محترمان لهما كرامتهما. من المفترض ان اللبنانيين حسب الدستور متساوون في الحقوق والواجبات، متساوون في الكرامة. هذان اللبنانيان يساويان أي لبنانيين في البلد الذي يوجد فيه من لم يشاهد ولم ير ولم يسمع ولم يتكلم ... ولا همه الموضوع! وكأن هذين اللبنانيين اللذين اختطفا من مزارع شبعا لا نعرف من أين أتيا. هذا الامر يدعو الى الحزن والخيبة؟".
وقال "لكن الشيء الذي لم تتداوله وسائل الاعلام، وترتب عليه المواقف: نحن من اللحظة الاولى من اختطاف الراعيين ابلغنا ونسقنا مع الخارجية اللبنانية ومع قيادة الجيش اللبناني وقوات الطوارئ. ابلغنا الإسرائيليين، وتعاطينا بهدوء، لأن البلد فارغ. الرؤساء والوزراء والزعماء أغلبهم خارج البلد. ما أحببنا ان يقول أحد ان حزب الله عجل، وبالتالي سيقال ان الوضع في البلد حساس لماذا تتصرفون بهذه الطريقة".
وقال "نحن ابلغنا انه الى الساعة "كذا" اذا لم نتبلغ من خلال جواب قطعي ان المواطنين سيعودان من مكان اختطافهما او يتم تسليمهما الى قوات الطوارئ، المقاومة الاسلامية لن تسكت على هذا التجاوز، ولن تسكت على احتفاظ "اسرائيل" باللبنانيين اللذين خطفتهما، وستقوم برد قاس ومناسب وبحجم هذه الاهانة. وقبل 15 دقيقة من انتهاء المهلة جاء الجواب من "اسرائيل" انها ستفرج عنهما.
وتوقف السيد نصرالله عند التفجير الذي حصل في الاشرفية وسأل: لماذا هذا الضياع حتى الان؟ انا انصح الأجهزة الامنية اللبنانية اذا كانت تريد الوصول الى خيط جدي بأن تعمل على الشبكات الاسرائيلية. وبكل صراحة أريد ان الفت اللبنانيين الى احتمال جدي، ولا اريد ان احكم حتى لا يقول احد انكم تحكمون حكماً سياسياً. هناك احتمال جدي بأن تكون الشبكات الاسرائيلية ـ وهي المتهم بالدرجة الاولى ـ التي تقف خلف هذه التفجيرات، لأن اول المستفيدين من زعزعة الأمن في لبنان "اسرائيل"، ولان استهداف المناطق المسيحية بالتحديد هدفه إثارة المسيحيين وتحريضهم وعدم اشعارهم بالأمن والاستقرار، من اجل ان تنطلق الدعوات إما لتتحدث عن أمن ذاتي وضرورة اقامة ميليشيات مسيحية والحصول على السلاح لندخل في دوامة سلاح وميليشيات، وإما لدفع المسيحيين للتحدث او لبعض متطرفي المسيحيين للتحدث عن الفيدرالية أو عن تقسيم لبنان من جديد!
وأضاف "أقول بصراحة انه قبل وبعد تفجير الاشرفية، هناك جهة اسمها الاتحاد الماروني العالمي، وقيادتها في الولايات المتحدة الاميركية اصدرت بياناً اتهمت فيه حزب الله بتفجير الاشرفية! أما أنا فأقول ان الجهة التي فجرت الاشرفية، هي نفس الجهة التي طلبت من الاتحاد الماروني العالمي اتهام حزب الله في التفجير، هي نفسها، يعني "اسرائيل". اذا أردتم الامن فتشوا عن الشبكات الاسرائيلية. ان هذا المستوى من الاتقان في العمل يتناسب مع أداء هذه الشبكات. ونحن نسأل حتى الآن برغم كل ما كتب في الصحف، لا يوجد رأس خيط ولا أي معلومة ولا اعتقال معين، لماذا؟ هل ذهبتم الى الشبكات الاسرائيلية والمتعاملين مع "اسرائيل" وأوقفتموهم وحققتم معهم ولم تجدوا رأس خيط ؟ لماذا تغفلون هذا الخط الذي هو اقصر ما يكون؟ إن المسؤول عن الفوضى في لبنان، هو من يطرح نظرية الفوضى المنظمة، والذي يريد من خلال الفوضى المنظمة، تحقيق أهدافه السياسية. هؤلاء الذين قتلوا او جرحوا في الاشرفية، هم ضحايا هذا المخطط الاميركي الاسرائيلي الذي يستهدف لبنان ليصل من خلاله الى سلاح المقاومة، والى بقية بنود القرار 1559.
وتعليقا على مشروع انشاء مطمر للنفايات في بلدة الخريبة البقاعية قال السيد نصر الله: أنا اريد اولا ان ادين هذا المشروع، وثانيا ان اطمئن اهلنا في بعلبك الهرمل، ان هذا المشروع لن يمشي ولن يمر ولن يسمح له ان يمر، ولو وصل الى مجلس الوزراء ليناقش فإن الوزراء الذين يمثلوننا في الحكومة لن يسمحوا لمشروع من هذا النوع بأن يمر.
أضاف "لكن مع اطمئناني الشديد بأنه لن يسمح لمشروع من هذا النوع وهو مشروع مؤسف ومؤذ ان يمر. اقول ان دلالات طرح مشروع من هذا النوع دلالات سيئة وخطيرة، ان اهل بعلبك ـ الهرمل ينتظرون من مؤسسات الدولة عقلية مختلفة في التعاطي مع مناطقهم. هم ينتظرون في بعلبك ـ الهرمل الاوتوستراد الموعود. ينتظرون فتح المستشفيات، وفتح المراكز الصحية، وانجاز مشروع المدارس، والمساعدة لتأمين فرص العمل، فاذا بهم يسمعون من وسائل الاعلام انه يوجد مشروع عظيم جدا قادم الى المنطقة هو طمر نفايات بيروت وجبل لبنان... هذا أمر مهين ومعيب ولا يجوز ان يفكر به احد او يناقش به احد. هذه الطريقة في معالجة المسائل هي طريقة سيئة جدا، وبالتالي انا انصح اولاً المسؤولين الذين قدموا هذا المشروع ان يتخلوا عنه اساساً، وان لا يزعجوا الحكومة والوزراء في مناقشته، وان يسحبوه من التداول، وعليهم ان يفكروا بطريقة مختلفة في هذه المنطقة وكل المناطق المحرومة في لبنان".
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018