ارشيف من : 2005-2008
قرع لطبول "المعركة الرئاسية" في واشنطن وباريس: فتح "بازار" الأسماء وتحمية قبل ساعة "الصفر"
الانتقاد/ مقالات ـ العدد 1127 ـ 16 أيلول / سبتمبر 2005
بات من الواضح أن ساعة الصفر لبدء معركة الرئاسة يرتبط تحديدها بالتقرير النهائي لرئيس لجنة التحقيق الدولية بجريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ديتليف ميليس، وأن إشارة البدء سيقولها هو من خلال ما يتضمنه تقريره، الذي يرغب البعض بأن يكون بمثابة "الضربة القاضية" على حلبة التغيير التي يبدو أن جولاتها لم تنتهِ بعد. لكن ذلك لم يمنع الصخب العالي الذي يشبه إلى حد ما قرع طبول الحرب للضغط على "العدو" وهزيمته نفسياً وإعلامياً قبل بدء المعركة.
ما أجج هذا الصخب هو دخول العامل الأميركي بقوة على هذا الملف، وما أطلقه السفير الأميركي في لبنان جيفري فيلتمان من تصريحات، وتحديده هوية الرئيس المقبل من فريق 14 آذار، مع الإيحاء والتلميح إلى زعيم التيار الوطني الحر النائب ميشال عون، وهو ما فُسّر بأنه إيذان بفتح "بازار" الأسماء المرشحة لموقع الرئاسة، وخصوصاً أن معظم الأطراف المعنية بالملف الرئاسي محلياً وخارجياً تتقاطع على "أنه لم يحن الوقت بعد لفتح هذا الملف".
وأشارت أوساط متابعة إلى أن الضجيج المرتفع يأتي في إطار الضغط النفسي والإعلامي تحضيراً ربما لخطوة شعبية يتم التشاور حول جدواها، تتزامن مع إعلان ميليس لتقريره, وهذه الخطوة تهدف إلى المطالبة برحيل الرئيس إميل لحود تحت ضغط التظاهرات والإعتصامات بعد تحميله المسؤولية المعنوية والسياسية عن اغتيال الرئيس الحريري، وإن كان لا يتحمل أي مسؤولية جنائية.
وفي وقائع تطورات هذا الملف ميدانياً، بدا أن هناك مؤشرات عدة يمكن التوقف عندها، وتشير إلى تحضيرات ومشاورات منها:
ـ السفر المفاجئ لكل من رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط والنائب بطرس حرب ووزيرة الشؤون الاجتماعية نائلة معوض والنائب السابق غطاس خوري إلى فرنسا، ولقاؤهم رئيس كتلة تيار المستقبل سعد الحريري.
ـ لم يكن من قبيل الصدفة سفر فيلتمان إلى باريس وعقده لقاءات مع السياسيين اللبنانيين الموجودين في باريس تناولت الموضوع الرئاسي ومرحلة ما بعد لحود، وما كُشف عنه خلال هذه اللقاءات كان كافياً لتوضيح طبيعة رحلة فيلتمان الباريسية حيث حاول تسويق العماد عون، مقابل ميل الأطراف المعنية إلى رئيس توافقي آخذة بعين الإعتبار مواقف الأقطاب اللبنانية الأخرى.
ـ إعلان النائب بطرس حرب من باريس ترشحه للانتخابات بعد عون، ما يوحي بأن هذه الخطوة ليست من فراغ، بل أن السباق قد بدأ فعلياً، وإن اقتصر الآن على مشتركين إثنين فقط.
ـ محاولة عزل وتطويق رئاسة الجمهورية من زاوية رحلة نيويورك والسعي للفصل بين الرئيس وموقع الرئاسة لعدم استنفار مشاعر الطائفة المارونية.
ـ الحصار الأميركي للحود في نيويورك من خلال سحب الدعوة التي كانت موجهة له، لحضور حفل البيت الأبيض إلى جانب رؤساء الوفود المشاركة في قمة الأمم المتحدة.
وبحسب مصادر مطلعة فإن هذه الحركة ليست كافية، ما دام أن ميليس يحتفظ بأوراق تحقيقه, إذ أن رئيس الجمهورية العماد أميل لحود ما زال خارج إطار الإتهام، وهو يتحدى أن يثبت أحد ما أنه "يحمل نقطة دم واحدة أو قرش حرام"، وهو أيضا أعلن مراراً أنه لن يغطي أحداً حتى لو كان أقرب المقربين منه, وبالتالي فإن أي خطوة تصعيدية لا تجد حتى الآن قبولاً عند بكركي خصوصاً، والموارنة عموماً، ولا عند القوى الشيعية الرافضة لاستغلال التحقيق لأهداف سياسية.
وتلفت المصادر إلى أن الحماسة الأميركية للإطاحة بلحود تندرج في إطار تنفيذ باقي بنود القرار 1559، لا سيما في شقه المتعلق بالرئاسة بعد أن تعذر عليها في الوقت الحاضر نزع سلاح المقاومة, وهي لذلك سارعت ودخلت على خط التحمية في هذا الملف.
وترى المصادر أن ترشيح كل من عون وحرب ـ ويمكن إضافة قائد القوات اللبنانية سمير جعجع إلى قائمة المرشحين ـ هو للإيحاء بأن تحقيق ميليس انتهى، وأن اتهام لحود ما هو إلا مسألة وقت وكذلك سوريا, وبالتالي ينبغي البحث عن البديل، وعلى جميع الأطراف المعنية في 14 آذار التوصل إلى اتفاق بين الأطراف المعنية بهذا الملف مع ميل أميركي باتجاه عون.
ويمكن القول ان المسعى الأميركي أمامه عقبات عدة، وخاصة أن الجانب الفرنسي حتى الآن يعطي الأولية للتحقيق الذي على ضوئه يضع شروطه السياسية التي تناسب تلك المرحلة.
وبما أنه ما زالت تفصلنا عن تقرير ميليس أسابيع عدة، تظهر التحركات القائمة حالياً أن الأطراف الداخلية تتحسب لفراغ ما قد ينتجه تقرير ميليس، وهي تحاول تجنب عنصر المفاجأة أو مجيء من لا يُرغب فيه، لذلك يجري البحث عن بدائل تحظى بتوافق معظم الأطراف الداخلية والدولية، وإيجاد حاجز في وجه عون حتى لا يؤول الأمر إلى الأخير في حالة الفراغ الفجائي.
وفي هذا المجال يضع المتابعون المشاورات الباريسية لا سيما من قبل جنبلاط في إطار تطويق مفاعيل الدعم الأميركي لعون من خلال تقديم مرشح توافقي ضمن الخط العربي الداعم للمقاومة وللعلاقات المميزة مع سوريا، كما أكد هو في أكثر من مناسبة.
مروان عبد الساتر
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018