ارشيف من : 2005-2008

الشتاء على الأبواب و"المازوت" نار تشعل هموم المواطن:هل تتبنى حكومة السنيورة سياسة دعم المازوت؟

الشتاء على الأبواب و"المازوت" نار تشعل هموم المواطن:هل تتبنى حكومة السنيورة سياسة دعم المازوت؟

الانتقاد ـ العدد 1126 ـ 9 أيلول/ سبتمبر 2005‏

مع اقتراب فصل الشتاء بدا المواطن القاطن في المناطق الداخلية أمام استحقاق لا طاقة له به، مع ارتفاع سعر المازوت الذي لامس 18 ألف ليرة، في ظل الضائقة المعيشية واستفحالها.‏

التدفئة أصبحت له هماً كبيراً، فلكي يحصل عليها بشكل كاف لا بد من إضرام النار بأمواله، ولكن لا أموال لديه! وكذلك الأمر بالنسبة إلى المزارع والصناعي، فالهم واحد وكبير جداً.. ففي لبنان كل شيء مختلف عما هو في الدول المجاورة وغير المجاورة.‏

في الشتاء الماضي وخلال عهد حكومة الرئيس عمر كرامي، جرى التخفيف من الأزمة بتثبيت سعر المازوت على 13 ألف ليرة، وكانت الصرخة كبيرة حينها، فكيف بها هذا العام وسعر صفيحة المازوت تجاوز 18 ألفاً، وربما يرتفع أكثر مع ازدياد الطلب على هذه المادة!‏

بوادر الأزمة بدأت مع ارتفاع صوت الاتحاد العام لنقابات المزارعين والفلاحين، عندما طالب بتثبيت دعم سعر المازوت كما في العام الماضي، ودعا المسؤولين إلى ضرورة الالتفات إلى الأمر قبل فوات الأوان. ويبدو أن هذه الصرخة لن تلقى آذاناً صاغية من قبل أهل الحل والربط، لأن الجميع مشغولون بالتطورات السياسية والمستجدات القضائية على حد قول رئيس الاتحاد انطوان حويك، الذي رأى أن ارتفاع أسعار المازوت في الأسواق العالمية لا يمنع من تدارك الموقف مسبقاً، لكون الأجواء توحي بأن الأسعار آيلة إلى الارتفاع بسبب احتمال ارتفاع نسبة الطلب على هذه المادة مع اقتراب فصل الشتاء.‏

"حتى الساعة لا شيء يوحي بأن الحكومة تأخذ هذا الموضوع على محمل الجد، خصوصاً أنها منشغلة باستحقاقات سياسية كثيرة على الساحة الداخلية"، وفق ما يقول بعض النقابيين الذين استمزجت "الانتقاد" آراءهم، برغم أن على أجندة الرئيس السنيورة طلب موعد من قبل الاتحاد العام لنقابات المزارعين والفلاحين منذ أكثر من أسبوع، وإلى الآن لم يُحدد الموعد. يقول الحويك في هذا الإطار: "نحن كاتحاد ننتظر أن يحدَّد لنا موعد من قبل الرئيس السنيورة، لنرى ما إذا كان هناك إمكانية لتثبيت سعر المازوت، وإلا فسنلجأ إلى السلبية من خلال الاعتصامات والتظاهرات في المناطق والقرى، وصولاً إلى العاصمة، وذلك بالتنسيق مع مختلف القطاعات الإنتاجية والنقابية".‏

ويبدو أن الحويك يدرك سلفاً أن الحكومة سترفض هذا الإجراء، ويعزو سبب هذا الإدراك "لأن حكومة السنيورة تبحث عن عصر للنفقات والحد من المصاريف والدعم، وتالياً من الصعب الشروع بهذه الخطوة.. ولكن علينا الانتظار".‏

ويشير رئيس اتحاد نقابات المزارعين في لبنان جهاد بلوق إلى عمق معاناة المزارعين من ارتفاع المازوت وتأثيره على كلفة الإنتاج الزراعي فيقول: "عندما كانت صفيحة المازوت في الفترات الماضية بـ7 آلاف ليرة لبنانية كان المزارع اللبناني يعتبرها ذات كلفة عالية في عملية الإنتاج، فكيف الحال مع ارتفاع سعر الصفيحة إلى 18 ألف ليرة!".‏

ويتابع: "كنا قد طالبنا منذ زمن بعيد بتخصيص سعر خاص للمزارع بشأن مادة المازوت كما حصل في بعض الأوقات مع الصناعيين، لكن هذا الأمر لم ينفع واصطدمت هذه المطالبة بتحديد من هو المزارع، وإلى الآن ليس هناك جهة تحدد من هو المزارع بصفة رسمية!‏

وعلى قاعدة "فالج لا تعالج"، يجد بلوق أن أي بصيص أمل لم يعد مطروحاً من قبل حكومة السنيورة، والمطلوب برأيه الآن كيفية المحافظة على السلع التي تنوي الحكومة رفع الدعم عنها، مثل القمح وما سواه، قبل البحث في إمكانية دعم المازوت!‏

بدورها جمعية الصناعيين اللبنانيين تشكو من ارتفاع أسعار المازوت الذي يشكل مادة أساسية في إنتاج الطاقة الكهربائية لمعامل الإنتاج.. ويقول مدير عام جمعية سعد الدين العويني لـ"الانتقاد": إن الصناعة اللبنانية تتأثر كلياً بتقلبات أسعار المحروقات، ومنها المازوت، حيث يصل طن المازوت الصناعي إلى 623 دولاراً، فيما لا يتعدى سعره في دول الخليج 100 دولار للطن الواحد!".. كنا طالبنا الحكومة الجديدة بتضمين عقد استيراد المشتقات النفطية من دولة إلى دولة المازوت الصناعي، ونحن في انتظار تنفيذ الاتفاقية".‏

والجدير ذكره أن هناك نوعين من المازوت: الأول نسبته0.2% من الكبريت يستخدم عادة للتدفئة، والثاني "ديزل أويل" ويطلق عليه تسمية المازوت الأخضر، ويستخدم للمركبات الآلية. ويقول الخبير النفطي المهندس علي زغيب: إن استيراد مادة المازوت لا تخضع لأي رسوم جمركية باستثناء الـ TVA التي فرضها الرئيس السنيورة عندما كان وزيراً للشؤون المالية أيام الرئيس رفيق الحريري ،أي ما يعادل 1650 ليرة للصفيحة الواحدة، ثم يضاف اليها عمولة 400 ليرة لصاحب المحطة ، و160 ليرة أجرة نقل، بحيث تصل إلى المواطن بسعر 18.300 ليرة. علماً بأن سعر صفيحة المازوت ـ تبعاً للأسعار العالمية ـ وقبل أن يضاف عليها ما ذكرنا أعلاه، يصل إلى10.72 دولاراً.‏

حسين عواد‏

2006-10-30