ارشيف من : 2005-2008

المجلس الدستوري شرعي وبتّه بالطعون النيابية قانوني

المجلس الدستوري شرعي وبتّه بالطعون النيابية قانوني

الانتقاد/ لبنانيات ـ العدد 1118 ـ 15 تموز/ يوليو 2005‏

وضع التنافس الانتخابي النيابي الحاد أوزاره، وشخصت الأنظار صوب الطعون الانتخابية التي قدّمها عدد من المرشحين الخاسرين في غير دائرة انتخابية الى المجلس الدستوري، وسط جدال ونقاش قانوني حول أهلية وشرعية هذا المجلس للنظر في هذه الطعون وبتّها بالصورة القانونية المناسبة، من دون أي شائبة تذكر.‏

فقد انتهت ولاية خمسة من أعضاء المجلس الدستوري قبل عام ونيف تقريباً هم: رئيسه القاضي أمين نصار، ونائبه القاضي مصطفى العوجي، وسليم جريصاتي، وحسين حمدان، وفوزي أبو مراد. وعمد مجلس النواب السابق يوم الخميس 26 كانون الثاني 2005 إلى انتخاب حصّته المؤلفة من ثلاثة أعضاء، حيث رسا "التصويت الديمقراطي" على اختيار القاضيين السابقين الماروني نصري لحود والشيعي حسن الحاج والمحافظ الأسبق لجبل لبنان السني أمين حمود، وبقيت حصّة الحكومة شاغرة من دون تعبئة، حيث كان من المقرّر أنْ يُعين الاثنان الباقيان من الطائفتين الكاثوليكية والروم الأرثوذكس، وبينهما القاضي إلياس موسى الذي اضطرّ إلى الاستقالة من سلك القضاء قبل أيام قليلة من تقاعده في 15 شباط 2005، لأنّ القانون لا يجيز للقاضي الموجود والعامل ضمن الجسم القضائي أنْ يصبح عضواً في المجلس الدستوري الذي دأب السياسيون منذ إنشائه في 14 تموز 1993 وقبل ممارسته الفعلية لمهامه في العام 1995، على اختيارهم وانتخابهم من ضمن القضاة المتقاعدين ورجال الحقوق والقانونيين الكبار ومن شغل وظيفة رسمية في الفئة الأولى ويحمل إجازة في الحقوق.‏

ولكن هؤلاء الثلاثة المنتخبين لم يصبحوا أعضاءً فعليين في المجلس حتى لو أنّهم انتخبوا على نحو صحيح وسليم من الناحية القانونية، والسبب أنّهم لم يؤدوا اليمين القانونية أمام رئيس الجمهورية كما يُفترض. وقد تأخّر تطبيق هذا الإجراء الروتيني بفعل اختلاف حكومة الرئيس عمر كرامي على اختيار العضوين الآخرين من بين سلّة أسماء كانت مطروحة لديها. وما لم يكتمل هذا الانتخاب وهذا التعيين فلا يمكن للأعضاء الجدد تأدية اليمين معاً قبل اكتمال النصاب القانوني للأعضاء الخمسة للحلول مكان الخمسة المنتهية ولايتهم، خصوصاً أنّ احتساب مدة ولاية أعضاء المجلس المحدّدة بستّ سنوات تبدأ من تاريخ أداء قسم اليمين من قبل الأعضاء المعينين مجتمعين.‏

وحال توالي الأحداث الداخلية دون تمكّن حكومتي الرئيسين عمر كرامي ونجيب ميقاتي من تعيين العضوين المكمّلين لهيئة المجلس الدستوري، ما أبقى الوضع على حاله، فاستمر "الطقم" القديم في ممارسة عمله انطلاقاً من روحية النظام الداخلي للمجلس، الذي تنصّ مادته الرابعة على أنه "عند انتهاء الولاية يستمر الأعضاء الذين انتهت ولايتهم في ممارسة أعمالهم إلى حين تعيين بدلاء عنهم وحلفهم اليمين. ويجري تعيين البدلاء مدّة ستّ سنوات من قبل المرجع نفسه الذي عيّن الأعضاء الذين انتهت ولايتهم وبالطريقة نفسها التي عُيّن بها هؤلاء".‏

ولا يجيز نظام المجلس أن يحلّ الأعضاء الثلاثة المنتخبون مكان أسلافهم ويبادروا إلى سدّ الفراغ القائم، وذلك بسبب وجوب خروج الخمسة الذين انتهت ولايتهم دفعة واحدة وتعيين الخمسة البدلاء دفعة واحدة. فالثلاثة المنتخبون لا يستطيعون أنْ يؤدّوا قسم اليمين القانونية أمام رئيس الجمهورية قبل اكتمال عددهم، ولذلك فإنّ المجلس بحلّته القديمة يبقى مواظباً على القيام بواجبه الدستوري، لأنّه لا يجوز إقفاله مهما كانت الأسباب والمبرّرات.. كما أنّه لا يجوز تعطيله وتقييد حركته المتمثلة بمراقبة دستورية أعمال الدولة وليس قانونيتها، وهذا يعني عملياً أنّ المجلس الدستوري شرعي بموجب النصوص القانونية نافذة الإجراء.‏

يقول عضو في المجلس لـ"الانتقاد": إن للمجلس الدستوري الحالي الحق الكامل في النظر في الطعون المعروضة عليه من المرشحين الخاسرين، وليس صحيحاً ما كتبه بعض الجهابذة عن أنه يجب مقاضاة الأعضاء الذين انتهت ولايتهم لقبضهم رواتبهم ومحاكمتهم أمام القضاء بجناية، فهذا كلام باطل ومسيء لسمعة الأعضاء ونزاهتهم، لأن الزملاء المنتهية ولايتهم استمروا في عملهم بحكم القانون، وبسبب تغاضي السياسيين عن تعيين البدلاء.‏

علي الموسوي‏

2006-10-30