ارشيف من : 2005-2008

استهداف المر لعب على المكشوف وتغيير للقواعد:من يقف وراء العبث بأمن لبنان؟

استهداف المر لعب على المكشوف وتغيير للقواعد:من يقف وراء العبث بأمن لبنان؟

الانتقاد/ موضوع الغلاف ـ العدد 1118 ـ 15 تموز/ يوليو 2005‏‏

حوالى عشرين يوماً فصلت الانفجارات الثلاثة الأخيرة عن بعضها البعض، والتي استهدفت على التوالي الصحافي سمير قصير في 2 حزيران/ يونيو الماضي, الأمين العام السابق للحزب الشيوعي اللبناني جورج حاوي في 21 من الشهر نفسه، ووزير الدفاع في الحكومة المستقيلة الياس المر في 12 تموز/ يوليو الجاري. وأقل من نصف ساعة كان الفارق في توقيت كل انفجار عن الآخر حيث وقعت جميعها بين الساعة العاشرة والعاشرة والنصف صباحاً. والدمار ذاته والخراب ذاته مع فارق أن الجريمتين الأولييين أودتا بحياة كل من قصير وحاوي فيما نجا المر في الجريمة الثالثة.‏‏

وإذا كان من الطبيعي القول إن هذا المسلسل من التفجيرات يأتي في خانة الإمعان في زعزعة الاستقرار في لبنان, إلا أن استهداف المر قلب المشهد مع احتمال أن تكون الرسالة ذاتها, إذ أن الشخصية المستهدفة ليست في المعارضة بل وزير للدفاع، وقبلها وزير للداخلية، فضلا عن كونه صهر رئيس الجمهورية العماد إميل لحود المتهم من قبل شخصيات المعارضة بالوقوف وراء التفجيرات التي أودت بحياة عدد من السياسيين على رأسهم الرئيس رفيق الحريري.‏‏

لم يعد اتهام رئيس الجمهورية ممكناً وعقلانياً بعد هذا التفجير حتى من قبل ألدّ المعارضين له, لقد خيّم الوجوم على وجوه كل من حضر إلى مسرح الجريمة أو إلى المستشفى حيث يعالج الوزير المر, ليس هناك كلام أو اتهام لأحد لأول مرة، لا سوريا ولا الأجهزة الأمنية ولا لحود.‏‏

عاد الجميع فجأة إلى القانون وكأنهم عادوا إلى رشدهم، وانطلقت الدعوات من الأفواه المتهِمة دوماً بعدم استباق نتائج التحقيق إلا بعضهم ممن وضع هذه الجريمة في خانة إخفاء من لديهم معلومات حول جريمة اغتيال الرئيس الحريري. وبطريقة ما جمعت المصيبة "الأخصام" على اختلاف مراتبهم السياسية والأمنية والعسكرية في مشهد قد يكون عفوياً لكنه ذو دلالة.‏‏

ربما أدرك الجميع أن المستهدف واحد هو لبنان، وخاصة أن ما يُقال أقل بكثير مما لا يُقال.‏‏

وبناءً على ما تقدم يمكن قراءة هذا التفجير من زوايا عدة:‏‏

أولاً: أن يكون هذا التفجير قامت به الجهة نفسها التي نفذت التفجيرات السابقة, الأمر الذي يدل على أن البلد دخل في مرحلة جديدة نقلت من خلاله الجهة المنفذة الصراع من تحت الطاولة الى فوق الطاولة. فبعد أن كانت كل الإستهدافات تنال من الفريق المعارض لرئيس الجمهورية كانت في الوقت نفسه تطال من الرئيس بطريقة غير مباشرة من خلال تداعياتها ونتائجها وما يعقبها من مواقف تصعيدية ضده, لكن هذه المرة جاء استهداف المر ليطال رئيس الجمهورية بشكل مباشر من الناحية العملية والسياسية فيما يشبه الرسالة القوية له قبل أي طرف آخر. هنا لا يستبعد بعض المتابعين القيام بعمليات تفجير جديدة تصب في هذا الاتجاه، وخاصة أن الجهات الدولية التي تسعى لتطبيق القرار 1559 ونزع سلاح المقاومة تصطدم بموقف الرئيس لحود.‏‏

ثانياً: لقد أتى هذا الانفجار في جو سياسي مرجح إما إلى التأزم أكثر أو إلى الانفراج على أبواب تشكيل الحكومة الجديدة التي كانت قاب قوسين أو أدنى على ولادتها، وكان الوزير المر من بين الأسماء المطروحة ضمن التشكيلة قبل حصول الانفجار وفق ما تم تسريبه في الصحف. وبالرغم من الضغوط الدولية التي مورست من قبل الولايات المتحدة الاميركية يمكن القول انه لم تحصل الأخيرة على كل ما تريد، ولم تنجح في فرض كل ما تريد. من هنا يصبح السؤال التالي مشروعاً: من له مصلحة في عرقلة قيام حكومة من المفترض أن تكون قوية وقادرة على معالجة الأزمات؟ لا سيما الوضع الأمني والاقتصادي. ومن له مصلحة في عدم حصول توافق بين القوى الفاعلة في المجتمع اللبناني لإنقاذ البلد؟ ومن يريد للبنان أن يغرق في دائرة الفلتان الأمني؟‏‏

ثالثاً: هناك احتمال لا يمكن إغفاله وإن كان ضعيفاً من الناحية العملية واللوجستية وهو أن يكون هذا التفجير انتقامياً من الوزير المر على خلفية أحداث مجدل عنجر ومواقفه وإجراءاته في الضنية وعكار ضد من يصفهم بالمتشددين الإسلاميين.‏‏

ومهما كان الأمر فإن محاولة اغتيال المر لم تكن وليدة اللحظة وليست عملاً صبيانياً, إنما قد تكون أتت في إطار البحث عن بدائل أراد من ورائها منفذوها تغيير قواعد اللعبة بعد أن فشلت كل المساعي لإخراج رئيس الجمهورية من القصر.‏‏

مروان عبد الساتر‏‏

2006-10-30