ارشيف من : 2005-2008

الملف الحكومي في المجهول واعتذار السنيورة أحد السيناريوهات

الملف الحكومي في المجهول واعتذار السنيورة أحد السيناريوهات

الانتقاد/ موضوع الغلاف ـ العدد 1118 ـ 15 تموز/ يوليو 2005‏‏‏‏

عادت مسألة تشكيل الحكومة الجديدة إلى نقطة البداية بعدما فاجأ الرئيس المكلف فؤاد السنيورة العديد من القوى السياسية بالتشكيلة الحكومية التي سلمها إلى رئيس الجمهورية العماد إميل لحود أمس الأول الأربعاء، والتي ضمت ثلاثين وزيراً خلافاً للتوافقات التي تمت مع القوى السياسية التي قررت المشاركة في الحكومة، والتي نصت على أن تكون الحكومة من أربعة وعشرين وزيراً. وعليه فإن مؤشر أزمة الحكم التي كانت لفتت إليها "الانتقاد" الأسبوع الماضي يبدو أنها ستصبح أمراً مسلّماً به إذا لم تجر عملية تدارك سريعة لما تصفه بعض الأوساط "بالانقلاب على الاتفاقات التي جرت حول تشكيلة الحكومة". وتعتبر أن ما جرى غير مبرر ويعكس نوعاً من "النوايا السياسية" تجاه المرحلة المقبلة.‏‏‏‏

وبات من الواضح أن ما دفع السنيورة إلى خطوة الحكومة الثلاثينية دون التنسيق والأخذ بالاعتبار لأحجام القوى السياسية الأخرى، هدف إلى محاولة الحصول على الأغلبية التي تزيد عن الثلثين لتيار المستقبل وحلفائه في الحكومة، أي عدم إكساب رئيس الجمهورية الثلث المعطل في الحكومة، وإن كانت بعض المصادر تشير إلى مبالغة وعدم واقعية في هذا السعي إلا إذا جرى اعتبار بعض القوى الرئيسية على الساحة، أنها في خانة رئيس الجمهورية، وهو أمر ليس في محله، وإن كانت هذه القوى تربطها علاقات جيدة مع رئيس الجمهورية.‏‏‏‏

كما تلفت المصادر إلى أن خطوة الرئيس السنيورة برفع حصة تيار المستقبل في التشكيلة الحكومية إلى ما يتجاوز العشرة وزراء فيها مبالغة كبيرة للأحجام السياسية، فإذا كانت كتلة المستقبل التي تضم خمسة وثلاثين نائباً يحق لها أن تحصل على عشرة وزراء فلماذا لا يحصل تحالف حزب الله وحركة أمل الذي يبلغ حجمه النيابي ثلاثة وثلاثين نائباً على حجم وزاري قريب إلى حجم تيار المستقبل.‏‏‏‏

على أي حال فإن ما حصل أدخل الملف الحكومي في المجهول مجدداً، فرئيس الجمهورية إميل لحود لن يسير بها، وقد صدرت عنه مواقف تشير إلى ذلك لجهة إجرائه مشاورات مع القوى السياسية التي لم ينسق معها السنيورة في التشكيلة، وهي تحديداً التيار الوطني الحر وحزب الله وحركة أمل. على أن التيار الوطني الحر قد اتخذ قراره بعدم المشاركة في الحكومة بالصيغة التي أعدها السنيورة، واتهم تيار المستقبل بالنكث بالاتفاقات التي جرى التوصل إليها بين الطرفين حول التشكيلة التي كانت توجت بزيارة قام بها النائب العماد ميشال عون إلى قريطم، ويطالب تكتل الإصلاح والتغيير النيابي الذي يرأسه عون بخمسة وزراء في أي حكومة ثلاثينية، وإلا فإنه سيكون خارج الحكومة ويمارس تجاهها معارضة فاعلة، وهو ما أشار إليه عون عندما قال إنه لم يعد هناك إمكانية لفترة سماح جديدة.‏‏‏‏

أما حزب الله فإنه عارض ما حصل، وهو يؤكد على ضرورة تصحيح الخطأ وتمثيل القوى السياسية بأحجامها الحقيقية في الحكومة الجديدة سواء بعدد الوزراء أو توزيع الحقائب، لتأتي تركيبتها منسجمة في بعدها الوطني. كذلك عبر عن موقف مماثل رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي أعرب عن انزعاجه لرفع عدد أعضاء الحكومة من أربعة وعشرين كما كان متفقاً عليه إلى ثلاثين وزيراً، مشيراً إلى أن كتلته لن تكتفي بالتمثيل الشيعي هذه المرة مطالباً بتوزير النائب الماروني سمير عازار.‏‏‏‏

وأمام ما حصل فإن هناك العديد من الاحتمالات، فإما يعود الرئيس المكلف فؤاد السنيورة إلى الالتزام بما كان جرى الاتفاق عليه مع القوى السياسية لتسلك التشكيلة الحكومية طريقها نحو الولادة السهلة، وإما يعتذر عن التشكيل أمام إصرار الرئيس لحود على تشكيلة وزارية تراعي التوازن الوطني، وعندها تعود المسألة إلى نقطة الصفر لتجري عملية استشارات جديدة وسط أزمة وطنية حادة، وهو ما سيعيد خلط الأوراق من جديد، وهنا تلفت العديد من الأوساط إلى خطورة ما يجري لأن كل ما يحصل من تأخير سيكون على حساب الوطن والمواطن، وخصوصاً أن البلاد لا تزال تمر في مرحلة خطيرة على أكثر من صعيد، منها الأمني الذي كان آخره محاولة اغتيال وزير الدفاع في الحكومة المستقيلة إلياس المر، ومنها الاقتصادي والمعيشي حيث يزداد الوضع الاقتصادي تفاقماً كلما تأخر تشكيل الحكومة، وهو ما حذرت منه غرفة الصناعة والتجارة قبل أيام.‏‏‏‏

في كل الأحوال فإن مسألة تشكيل الحكومة باتت مفتوحة على كل السيناريوهات مع التعقيدات الجديدة الحاصلة، ولا يبدو أن الأمور ستحل خلال أيام، بل ربما تستغرق أسابيع إضافية بعدما مضى على تكليف السنيورة اسبوعان دون أن تبصر الحكومة النور.‏‏‏‏

هلال السلمان‏‏‏‏

2006-10-30