ارشيف من : 2005-2008

التقنين "يتلوّن" وخسائر المواطنين الى ازدياد

التقنين "يتلوّن" وخسائر المواطنين الى ازدياد

الانتقاد/ لبنانيات ـ العدد 1118 ـ 15 تموز/ يوليو 2005‏‏

تقارب الساعة السادسة مساءً, يتحضر المواطنون لأن الانقطاع وشيك. يهدأ كل شيء لحظة ومن ثم تنشط تأوّهات هنا وحسرات هناك. "الموتور" يعمل مضيفاً الى ضيق الصدور ضجيجاً.‏‏

وفي الشارع لا تكاد ترى شيئاً, في الظلمة الملطفة ببعض الأنوار.. وطوبى لمن عنده "اشتراك"، وويل لفاقده من الحرّ والعرق.‏‏

كآبة في كآبة يغرق فيها المواطنون كلما حان موعد انقطاع الكهرباء, "ليعُدّ" أصحاب المحلات التجارية وغيرها خسائر.. وزبائن لم يأتوا..‏‏

لم تغيّر الزيادة الطفيفة في ساعات التغذية الكهربائية شيئاً في واقع الناس اليومي والمعيشي، فالتقنين لا يزال مهيمناً وإن اختلفت مواعيده, وعدد كبير من المواطنين يعتمدون المولدات الكهربائية بديلاً "عقيماً" عن الكهرباء المرتهنة لـ"الفيول" وباخراته.‏‏

وكما يتخوف الناس من عودة مشابهة لأزمة الانقطاع الأخيرة, يبدي التجار وأصحاب المصالح قلقاً من انخفاض مستمر في مدخولهم اليومي الذي قد يتحول خسارة كاملة في المدى المتوسط.‏‏

يتحدث عبد حدرج مالك "ميني ماركت" عن خسائر نفسية في الحد الأدنى: "أعاني تأزماً نفسياً عندما ينقطع التيار، فلا أستطيع استعمال المكيف في المحل وفي البيت.. لا يمكن الاستحمام من دون المياه الساخنة".‏‏

ويضيف: "أنا أقل المتضررين، لأني أدفع بدل "اشتراك" مبلغ 50 دولاراً في الشهر, وتتلف‏‏

بعض المواد كاللبن الذي "يحمّض"، عدا الخبز الأسمر الذي تذهب جودته من دون البراد. في بادىء الأمر كنت أبقي 50 علبة من اللبن, أمّا الآن فأصبح العدد عشراً. ولا تقبل الشركة إعادة اللبن، ما يعني أن قلة الربح خسارة. وأقول إن أزمة الكهرباء انحسرت إعلامياً وليس عملياً, فالتيار ينقطع بين 14 الى 16 ساعة.. إنه المورفين.. تخدير الناس".‏‏

ويقول مالك "ميني ماركت" أخرى: "يؤثر انقطاع الكهرباء على إقبال الناس، فتضعف حركة البيع. فمن يسكن في الطابق الخامس لن ينزل الى المحل ليبتاع شيئاً من دون مصعد كهربائي. وهناك خسائر في بعض المواد الغذائية مثل الأجبان والبوظة, وما دام التقنين على فستزداد الخسائر".‏‏

شكاوى متنوعة‏‏

وبرغم أن أصحاب المصالح الحساسة لديهم احتياط (المولد الكهربائي), يؤكد فادي بهجت مالك متجر لحوم أن "الخسائر هائلة.. كنت أدفع مئة وخمسين ألف ليرة لبنانية ثمن اشتراك في مولد كهربائي, وزاد المبلغ الى مئتين وخمسين ألف ليرة بسبب ارتفاع كلفة المحروقات.. توقفت المكيفات عن العمل، وكذلك البرادات، فلم نستطع حفظ اللحوم فيها".‏‏

ويحدد بهجت الخسارة بنسبة 20 في المئة عن الوضع العادي للكهرباء, لكنه لا يعتبرها خسائر، بل "نقص في المدخول العام".‏‏

ولا يقتصر الضرر على متاجر المواد الغذائية واللحوم, فللمحال الأخرى نصيب أيضاً.‏‏

ويقول مالك أحد محال التسلية "بلاي ستايشن": "الاشتراك لم يساعدنا نهائياً.. انخفض المدخول في أثناء موجة التقنين القاسي الى 70 في المئة. فكان المدخول 25.000 ل.ل، وتراجع الى عشرة آلاف.. إضافة الى ان عدداً من رواد المحل كان يأتي ولم نعد نراه الآن".‏‏

ويُلاحَظ أن قسماً من المتاجر "يستعير" الكهرباء من نظيره, بينما يجهّز أحد النجارين "موتورين" ليكفيا حاجة عمله. ويشرح ذلك: "لا نتأمل من الكهرباء ان تخدمنا, لدي مولدان لكي لا يضيع عملي هدراً".‏‏

وريثما تعود الأمور الى مجاريها تبقى الحال كما هي: مولدات وأكلاف إضافية, ويأس المواطنين من "استقرار" كهربائي يريحهم قليلاًً, والدولة لا تحدد وقتاً للبدء في حل مشكلة الكهرباء، بل تترك المبادرة لتكهنات اللبنانيين ولانتهاء شحنات الفيول الأربع التي تعاقدت عليها الى أوّل أيلول/ سبتمبر المقبل.‏‏

فهل يلحظ البرنامج الحكومي الآتي هذه المسألة و"ينفض" الغبار عن قطاع الطاقة؟‏‏

حسن زراقط ‏‏

2006-10-30