ارشيف من : 2005-2008

بوابة الحاجز هي السبورة:المعبر في الخليل... مدرسة وطالبات ومعلمون

بوابة الحاجز هي السبورة:المعبر في الخليل... مدرسة وطالبات ومعلمون

رام الله ـ هادي يونس‏

بدت الطالبة سماح أبو سنينه في الصف السادس متعبة، وهي تخط عنوان حصة الإجتماعيات "عائدون" على جدار الحاجز الذي منعها وزميلاتها من طالبات مدرسة الفيحاء للبنات في الخليل من التوجه لمدرستهم.‏

وكانت سلطات الإحتلال وضعت 16 بوابة حديدية وبوابتين الكترونيتين، ولم تسمح لأحد باجتياز الحاجز الى المدرسة الا عبر البوابات الإلكترونية التي تحتوي على إشعاعات تؤثر على المرضى والأطفال والحوامل، لذا... كان الخيار الوحيد.. إقامة الصفوف على الحاجز بعد أن ضاقت الطالبات ومعلمتهن ذرعاً بالإجراءات الإسرائيلية المذلة والمهينة.‏

لم أعد أخاف منكم‏

كانت نظرات الحقد والكراهية تملأ أعين "جنود الاحتلال" وهم ينظرون الى الطالبة سماح أبو سنينه وهي تخاطبهم وتقول "لم أعد أخاف منكم لأنني قررت أنا وزميلاتي ومعلماتي عدم الدخول من هذه البوابة، مصدر الخوف والإرهاب"، ولم أعد أهتم لكم، لأننا نتلقى دروسنا وهو الأهم، فلم ولن تجبرونا بعد ذلك على دخول تلك البوابات المليئة بالإشعاعات الضارة.‏

وتتوجه لزميلاتها بنبرة واثقة وحريصة على مستقبلها ومستقبل زميلاتها والوطن وتقول "سلاحنا العلم ونحن أقوى منهم"، هذه الكلمات شحنت عقول وقلوب زميلاتها، التي انعكست على نظراتهم وتصرفاتهم.‏

أكثر من 600 طالب وطالبة يدخلون الى غرف التفتيش مرتين يوميا‏

أوضاع صعبه يعانيها أكثر من 600 طالب وطالبه من مدرستي الفيحاء والابراهيمية ومدرسوهم جراء اخضاعهم للتفتيش مرتين يومياً، وتستغرق المرة الواحدة ثلاث ساعات على الأقل، إذ تبدأ عملية دخول البوابة الإلكترونية من السابعة حتى الساعة العاشرة صباحاً، ما يعني فقدان ثلاث حصص يومياً.‏

من جهتها قالت مديرة مدرسة الفيحاء سعدية الجنيدي "لم يعد الوضع يطاق، فطالبات المدرسة وأهاليهم خائفون وقلقون على حياة أبنائهم ومستقبلهم، حيث نضطر الى دخول البوابة صباحاً ومساءً، ويتم اغلاقها علينا بحجة التفتيش".‏

وأضافت "نحن نرفض وجود هذه البوابات لوجود الإشعاعات فيها، التي تؤثر على الحوامل والمرضى والأطفال، ويجب على الجميع أن يتحرك، لإنهاء معاناة أكثر من 200 طالبه مستقبلهن مهدد... من خلال ازالة هذه البوابات التي تمثل مصدر تهديد للطلاب من أجل أن يعودوا الى مدارسهم ويواصلوا مسيرتهم التعليمية".‏

فتشوا أحلامنا وآمالنا‏

هناك ... أطفال وفتيات لم يعرفوا الا البيت وبيتهم الثاني "المدرسة" مجردون من كل شيء الا من حبهم للعلم وإصرارهم على مواصلته، يحملون حقائبهم المدرسية الصغيرة على ظهورهم بينما يحمل جنود الاحتلال عتادهم الحربي على ظهورهم وجنوبهم. مشاهد نادرة تراها في ذاك المكان.. أطفال ينطقون بعبارات تسبق عمرهم، وآخرون ترتسم على وجوههم علامات الغضب والكره للمحتل.‏

إحدى الطالبات كانت تهمس لزميلتها وتقول "ما الذي يريدونه منا، يفتشوننا صباح مساء، فتشوا أحلامنا وآمالنا.. لم يبقَ الا أن يفتشوا قلوبنا وعقولنا، بماذا نفكر وكيف نفكر، وإن توافر لهم ذلك لن يضيعوا الفرصة".‏

وأخرى تتحدث وعلامات الخوف تظهر على وجهها وحركاتها وتقول "كل يوم يحشروننا داخل الغرفة ويغلقون علينا الباب يقولون لي: أدخلي الغرفة، أتركي الشنطة، وبعد دقائق يقولون: احملي الشنطة واخرجي من الغرفة، بعدها تغيبها الأفكار عن المكان للتجوال في عقلها الصغير لتبحث عن سبب ما تعانيه هي وزميلاتها، وتعود لتقول "نعم لأننا فلسطينيون، ولأنه الاحتلال الذي يهاب صغارنا وكبارنا والفلسطينيين في الضفة أو القطاع، وفجأة تنزع الخوف من قلبها وترتدي ثياب الصبر والثبات وتصرخ بأعلى صوتها: أخرجوا من أرضنا لا مكان لكم بيننا، وان لم تخرجوا سنقاومكم بعلمنا ولو في الخيام أو على الحواجز".‏

على مؤسسات حقوق الإنسان أن تتحرك‏

مدير التربية والتعليم محمد القواسمي دعا الطلبة وذويهم الى الصبر على هذه الاعتداءات حتى ينتصر الطلبة ويحققوا مطلبهم العادل بعدم استخدام تلك البوابات التي تعرض حياتهم للخطر.‏

ويضيف القواسمي "ان مرور الطلبة من تلك البوابة يشكل خطراً كبيراً على صحة الطلاب والمدرسين، وخاصة أنهم يتعرضون لها أكثر من مرة في اليوم، بدليل أن الجنود على تلك البوابات يلبسون لباساً خاصاً".‏

كما طالب القواسمي المجتمع الدولي ومؤسسات حقوق الإنسان أن يتحركوا من أجل انهاء معاناة مئات الطلبة الذين لا يطلبون الا العلم ومواصلة مسيرتهم التعليمية.‏

ان هذه المشاهد تبرهن للعالم بأن دولة الاحتلال تحارب العلم والتعليم، وتحرم الأطفال من أبسط حقوقهم.‏

2006-10-30