ارشيف من : 2005-2008

حزب الليكود المتصدع: بنيامين نتنياهو رئيساً

حزب الليكود المتصدع: بنيامين نتنياهو رئيساً

الانتقاد/ فلسطينيات / العدد 1141 ـ 23 كانون الاول/ ديسمبر 2005‏

يحيى دبوق‏

يوشك المشهد السياسي الإسرائيلي أن ينهي تموضعه العام استعدادا لانتخابات الكنيست القادمة (آذار 2006)، وخاصة أن الانتخابات التمهيدية في حزب الليكود، التي فاز بموجبها بنيامين نتنياهو برئاسة الحزب، تعني إنهاء الاستحقاقات الكبيرة وبدء توجه كل الأقطاب إلى رسم سياساتها وخطابها الانتخابي بهدف جذب اكبر عدد ممكن من الناخبين، الذين عليهم أن يختاروا بين اتجاهات سياسية ثلاثة: اليمين، الوسط واليسار.. على عكس الاعتياد التاريخي في تمحور هكذا انتخابات بين اتجاهين أساسيين (اليمين واليسار).‏

في ظل استطلاعات الرأي الأخيرة، يظهر انه قبل اقل من مئة يوم تفصل الشارع الإسرائيلي عن موعد انتخابات الكنيست، تواصل هذه الاستطلاعات إظهار توكيدها لمكانة حزب أريئيل شارون الجديد (كديما) والتأييد الكبير الذي يحوزه لدى الناخب الإسرائيلي، إذ أعطت استطلاعات الرأي حزب كديما 42 مقعدا، مقابل 22 مقعدا لحزب العمل و13 مقعدا لحزب الليكود، الذي يواصل تمركزه في أسفل سلّم الأحزاب الرئيسية الثلاثة، بعد الضربة التي وجهها إليه شارون بانسحابه منه مع عدد كبير من أقطابه الأساسيين..‏

في هذا السياق يأتي انتخاب نتنياهو رئيساً لليكود، بعد 6 سنوات من محاولات العودة إلى رئاسة الحزب تمهيداً للعودة إلى رئاسة الحكومة الإسرائيلية.. فما الذي يعنيه فوز نتنياهو:‏

أثبتت انتخابات حزب الليكود واتجاهات التصويت فيها، أن أريئيل شارون قد ترك خلفه حزباً ذا أغلبية يمينية متطرفة بمعظمها، حيث حظي بنيامين نتنياهو بأكثر من 44% من الأصوات، إضافة إلى 12% لموشيه فايغلين و8.7% ليسرائيل كاتس، وكلاهما أكثر تطرفاً من نتنياهو نفسه، ويعبران عن تمسك أيديولوجي عقيم بأرض إسرائيل الكاملة، وهو مؤشر على الاتجاه الذي سيسلكه التصويت لاحقاً في انتخاب لائحة مرشحي الحزب لانتخابات الكنيست، بحيث سينتخب جزء كبير من هذه النسبة لائحة جلها من المتطرفين الذي سيأسرون نتنياهو في مواقفهم المتطرفة، ويسلبونه ما يسميها استراتيجية تبادلية التنازلات مع الفلسطينيين، التي على خلفيتها عارض الانسحاب من قطاع غزة كونه انسحاباً أحادي الجانب دون "تنازل" فلسطيني مقابل.‏

من الناحية العملية، يتوقع أن تتمحور الخطوات القادمة لبنيامين نتنياهو بعد فوزه في رئاسة الليكود، على سحب فوري لوزراء الحزب من الحكومة، والتصويب على إسقاط شارون من خلال الآلية القانونية المتاحة أمامه، وذلك من خلال تأمين أغلبية 61 عضو كنيست ليشكل حكومة بديلة، على أن يجري ذلك قبل الـ29 من الشهر الحالي، وإلا ستجري الانتخابات المبكرة كما هو مقرر في أواخر شهر آذار القادم.‏

رهان نتنياهو على تحقيق مطلبه هذا يستند أساساً الى إمكانية تكتل المتضررين من الانتخابات حوله، وخاصة أن معظم الأحزاب تآكلت مكانتها لدى الجمهور الإسرائيلي لمصلحة حزب أريئيل شارون كما يظهر جلياً في استطلاعات الرأي المتكررة.. إلا أن هذه الخطوة، وبرغم أنها تصطدم بعقبة رفض رئيس حزب العمل وحزب شاس لها، وهو ما يفقده بالتأكيد الأغلبية المطلوبة، ويفرغ مسعاه من مضمونه، ستكسبه فائدة معنوية بحيث سينظر الجمهور الإسرائيلي، واليميني تحديداً، إلى انه كان لديه خيار كي يتسلم اليمين الحكم من غير أن يخوض الانتخابات، التي يظهر أن شارون سيفوز فيها، وهي فائدة ستساعده لاحقاً في وجه خصومه الآخرين من اليمين خلال الانتخابات.‏

التحدي الماثل أمام نتنياهو هو إعادة ترتيب الوضع الداخلي للحزب، خاصة بعد التصدعات التي عصفت به مؤخراً، وأظهرت حجم الهوة وتباعد الرؤى بين أقطابه، إضافة إلى الانشقاقات المتوالية فيه، بحيث كاد أن يصبح إطاراً سياسياً فارغاً من سياسييه الأكثر قبولاً لدى الجمهور الإسرائيلي، وهو واقع سيدفع نتنياهو إلى تطعيم حزبه بوجوه جديدة من شخصيات بارزة تجبر ما جرى كسره.. وبالفعل بدأ يتسرب من مقربي نتنياهو أن في نيته ضم رئيس أركان الجيش الإسرائيلي السابق موشيه يعلون إضافة إلى بنيامين بيغن وغيرهما اليه..‏

التحدي الآخر الذي يواجهه نتنياهو هو بلورة خطاب انتخابي لحزب الليكود لا يرتكز على الشعارات اليمينية المعتادة التي تبدو أنها متطرفة جداً قياساً لما يطرحه أريئيل شارون، إذ يتوجب على نتنياهو أن يستميل الجمهور الوسطي، أو اقله يمين الوسط، المرشح أن ينتقل بمعظمه إلى حزب كديما..‏

لجهة حزب أريئيل شارون، يعتبر فوز بنيامين نتنياهو برئاسة الليكود حدثاً يصب في مصلحته ويعود بالفائدة عليه في الانتخابات القادمة، كون التقدير لدى مقربي شارون هو أن يعمد معظم ما تبقى من جمهور الليكود المحسوب على الوسط أو على يمين الوسط، إلى التصويت لمصلحة حزب كديما. وهو جمهور معتدّ به، إذ تظهر عينة التصويت في مركز الليكود أن 33% من مصوّتيه قد أيدوا سيلفان شالوم ذا الاتجاه الوسطي، وهو الأول بين الخاسرين من الذين نافسوا نتنياهو في انتخابات رئاسة الحزب.‏

بالتأكيد يمكن القول ان فرص تشكيل حكومة إسرائيلية بعد إجراء الانتخابات مشكلة من كديما، العمل والليكود برئاسة أريئيل شارون، هي فرص ضئيلة.. ما يعني انه سيبقى أمام شارون التوجه إلى حزب العمل والى الأحزاب الدينية (شاس ويهودت هاتوراه) لتشكيل حكومته، وهو احتمال أكثر معقولية، إذ لا إمكانية للائتلاف مع الليكود، ما دام نتنياهو رئيساً له.‏

2006-10-30