ارشيف من : 2005-2008
العدد السنوي // 2005 عام المتغيرات على الساحة الفلسطينية.. بداية التحرير
رام الله - الانتقاد
يعتبر العام 2005 من أكثر الأعوام كثافة في الأحداث السياسية الكبيرة التي شهدتها الأراضي الفلسطينية المحتلة عامة، بحيث اختلف المحللون على تقديم حدث على آخر بسبب تساوي أهميتها بالنسبة للشارع الفلسطيني، وكذلك أهمية تأثير كل منها على الخريطة السياسية الفلسطينية عامة. وقد شهد هذا العام صعود أحداث ستترك أثرها على القضية الفلسطينية على مدى سنوات طويلة.
يشير المحلل السياسي هاني المصري في حديثه الى اعتبار أن الساحة الفلسطينية شهدت خلال عام 2005 حدثين هامين وبارزين لا يمكن تقويم هذا العام بدونهما، وهما الانتخابات الرئاسية الفلسطينية، وثانيا الانسحاب الأحادي الجانب من قطاع غزة الى جانب جملة من التطورات التي اعتبرها في مرحلة ثانية من حيث أهميتها.
عام الديمقراطية الفلسطينية...
تعد الانتخابات الرئاسية أحد أبرز أحداث 2005 على الساحة الفلسطينية كونها ثاني انتخابات رئاسية تشهدها المناطق الفلسطينية بعد اتفاقية اوسلو الموقعة عام 93، وبعد انتخابات2111996، حيث انتخب ياسر عرفات أول رئيس للسلطة الفلسطينية.
وقد أفرزت هذه الانتخابات ثالث رئيس للسلطة الوطنية هو محمود عباس "أبو مازن" بعد ياسر عرفات وروحي فتوح رئيس المجلس التشريعي الذي تولى منصب رئيس السلطة بعد وفاة ياسر عرفات لمدة ستين يوما حسب القانون الفلسطيني.
وسارت الانتخابات الرئاسية وسط مقاطعة بعض القوى وخاصة الإسلامية منها ومشاركة قوى أخرى مثل حزب الشعب والجبهة الديموقراطية والمبادرة الوطنية، حيث ترشح لمنصب رئيس السلطة، أكثر من 10 مرشحين، وخاض الانتخابات سبعة مرشحين.
وقد حصل محمود عباس مرشح حركة فتح على أعلى الأصوات حيث حصل على نسبة 62,52%، وجاء في المرتبة الثانية د. مصطفى البرغوثي عن المبادرة الوطنية الذي حصل على نسبة 19.48%. وشارك في التصويت في انتخابات الرئاسة الفلسطينية، ما نسبته 45% من عدد السكان الفلسطينيين، حيث بلغ عدد المقترعين 802.077 مقترعا وفقاً لمصادر لجنة الانتخابات المركزية.
الانسحاب الأحادي الجانب من قطاع غزة..
برأي كثير من المحللين ان الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة الذي أنهى احتلالا إسرائيليا دام 38 عاما، كان على رأس هرم الأحداث السياسية في فلسطين فالانسحاب من غزة حدث تاريخي أعاد "إسرائيل" الى الوراء، وجعل فكرة "إسرائيل" "من البحر الى النهر" مجرد أسطورة غير قابلة للتنفيذ، أمام الصمود الفلسطيني.
ويرى بعض المحللين أن حكومة الاحتلال قد تكون نجحت في تحويل مطلب إسرائيلي ملح للانسحاب من قطاع غزة، بفعل المقاومة الفلسطينية، إلى مشروع يمكن تسويقه وتلقّي الثمن مقابله، سواء أموال التعويضات من الإدارة الأميركية، أو التزامات أمنية مشددة من الفلسطينيين، وحتى التزاماً امنياً مصرياً لحماية الحدود، وشهادة حسن سير وسلوك من "الرباعية" على أن "إسرائيل" بانسحابها من قطاع غزة تكون قد نفذت شيئاً من خارطة الطريق، إضافة الى ذلك أن حكومة الاحتلال حاولت من خلال الانسحاب استباق أي محادثات بشأن الوضع النهائي ورسم واقع يلبي طموحاتها على الأرض، بالإضافة الى فرض الحدود من خلال استكمال بناء جدار الفصل العنصري، التي أتمت حتى اليوم بناء 35% من مسار جدار الفصل العنصري الذي تقيمه على اراضي الضفة الغربية المحتلة، والذي من المتوقع أن تنتهي من بنائه في آذار/ مارس 2006 حسب المصادر الإسرائيلية.
معبر رفح
وكخطوة لاحقة للانسحاب من القطاع، تولى الجانب الفلسطيني ولو نسبياً السيادة على أحد منافذ قطاع غزة البرية، وهو معبر رفح الحدودي، وجاء ذلك بعد مداولات عديدة ومديدة ومفاوضات فلسطينية مصرية إسرائيلية، وافتتح المعبر لأول مره بسيطرة فلسطينية يوم 25/10/2005 باحتفال رسمي شاركت فيه دول عربية واللجنة الرباعية.
وحسب الاتفاق بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي وبوساطة أميركية ستكون "إسرائيل" قادرة على مراقبة حركة المرور من خلال كاميرا مراقبة لعمل المعبر، ولكن ليس لها سلطة إيقاف أو الاعتراض على سفر المغادر أو القادم، بالإضافة الى عدم احتجاز أي من المسافرين لمدة أكثر من ست ساعات خلال تعرضه للفحص الأمني، وانشاء غرفة عمليات مشتركة فلسطينية ـ إسرائيلية، مع طرف ثالث، وإدخال البضائع المصدرة عبر معبر رفح بإشراف طرف ثالث، وإدخال موظفي جمارك فلسطينيين في "كيرم شالوم" للإشراف على التعرفة الجمركية والتخليص الجمركي للواردات إلى القطاع، وكذلك وافقت "إسرائيل" على السماح بدخول 150 شاحنة تصدير من غزة حتى نهاية العام و400 شاحنة مع نهاية 2006، وكذلك تصدير جميع بضائع موسم الحصاد للدفيئات الزراعية بدون عراقيل، وستقوم بتركيب جهاز فحص "سكانر" جديد مع نهاية العام.
أما بخصوص التنقل بين غزة والضفة فإنه حسب الاتفاق سيتم في البداية من 15 كانون الأول/ ديسمبر تسيير قوافل باصات للتنقل بين غزة والضفة وبالعكس عبر "إسرائيل"، وابتداءً من 15 كانون الثاني/ يناير 2006 سيتم تسيير قافلة شاحنات بين غزة والضفة لنقل البضائع.
كما تم الاتفاق فوراً على البدء ببناء ميناء غزة البحري، وتعهدت "إسرائيل" بتسهيل عمل الدول المانحة في هذا المجال، وسيتم اتباع آلية الطرف الثالث لتشغيل الميناء بعد اتمامه، كما اتفق الطرفان على أهمية المطار وأن تستمر المحادثات بشأنه.
انتخابات الهيئات والمجالس المحلية
وفي مرتبة لاحقة، اعتبر المحلل هاني المصري اعادة انتخاب المجالس المحلية في المناطق الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة ولأول مرة منذ عام 67، خطوة سيطرت على الشارع الفلسطيني، لكنها في الوقت ذاته كانت عملية مرهقة امتدت لأشهر طويلة، وتم تقسيمها الى دورات أربعة، وكانت مرهقة للجانب الرسمي وللمواطنين نظرا للآليات التي تمت بها، ولقانون الانتخابات الذي تم تعديله حيث أجريت الدورتان الأولى والثانية تحت نظام انتخاب الأفراد المباشر، في حين أجريت الدورتان الثالثة والرابعة تحت نظام التمثيل النسبي أي انتخاب القوائم.
وقد جرت المرحلة الأولى من الانتخابات المحلية في الضفة الغربية يوم 23/12/2004 في 26 هيئة محلية من أصل 36 هيئة محلية. أما في قطاع غزة فجرت المرحلة الأولى في 27/1/2005 في 10 هيئات محلية.
وجرت المرحلة الثانية من الانتخابات المحلية في العديد من الدوائر في محافظات الضفة الغربية وقطاع غزة في 4/5/2005، والجدير ذكره أن الدورتين الأولى والثانية تم تنظيمهما تحت قانون التصويت للمرشحين الذي يسمى "سانت لوغي"، بينما أجريت المرحلتان الثالثة والرابعة تحت نظام التمثيل النسبي وذلك بعد أن عدّل المجلس التشريعي القانون من التصويت للمرشحين إلى التصويت للقوائم.
وأجريت المرحلة الثالثة من الانتخابات المحلية بتاريخ 29 أيلول/ سبتمبر 2005، وشملت 104 هيئات محلية، جميعها في الضفة الغربية. وجرت المرحلة الرابعة في دوائر بالضفة الغربية وقطاع غزة، ومن ضمنها كبرى بلديات الضفة الغربية نابلس وجنين والبيرة ورام الله، في حين شهدت الخليل الانتخابات في 15/12/2005، وشملت 42 هيئة محلية حققت فيها حركة حماس فوزا مهما على حساب حركة فتح التي شهدت انقسامات في داخلها وصلت إلى حد التقدم بلائحتين منفصلتين، كما يذكر أن حركة الجهاد الاسلامي لم تشارك في هذه الانتخابات.
التهدئة...
في 17/3/2005 اتفقت الفصائل الفلسطينية على إقرار التهدئة ووقف العمليات العسكرية على الساحة الفلسطينية، بالإضافة إلى ثلاث توصيات تتعلق بتوسيع المشاركة السياسية للفصائل كافة في القرار الفلسطيني، جاء ذلك في البيان الختامي لحوار القاهرة، حيث وافقت الفصائل الفلسطينية المجتمعة في القاهرة في ختام اجتماعاتها على استمرار حالة التهدئة، والعمل على إلزام الجانب الإسرائيلي الوفاء بالاستحقاقات المطلوبة، وفي مقدمتها وقف العدوان، وتجميد الاستيطان، وإطلاق سراح الأسرى والمعتقلين، وعودة المبعدين، ووقف العمل في بناء الجدار، وتفكيك المستوطنات التي تم بناؤها عقب مارس 2001، والعودة إلى خطوط ما قبل 28-9-2000 واعتبار هذا الانسحاب خطوة على طريق الانسحاب الكامل إلى ما قبل خطوط الرابع من يونيو 1967". وبرغم إعلان التهدئة إلا أن حكومة الاحتلال واصلت خروقاتها لها من خلال الاغتيال وازدياد وتيرة الاعتقالات وخاصة في الضفة الغربية.
ويعلق المحلل هاني المصري قائلا: إن قرار الفصائل بشأن التهدئة، كان إجماعا وطنيا جاء تلبيةً لما تتطلبه المرحلة من وقفة هدوء وتفكير للخطوات المستقبلية، وهو من المحطات الهامة هذا العام، نظرا لسياسة التصعيد المستمرة من الجانب الإسرائيلي، والتي انعدمت خلالها فرص التهدئة في الأعوام السابقة من الانتفاضة.
وفي تشرين الثاني/ نوفمبر استأنفت "إسرائيل" الاغتيالات في القطاع واغتالت حسن المدهون من كتائب شهداء الأقصى المحسوبة على حركة فتح، وفي وقت آخر اغتالت محمد الشيخ خليل قائد سرايا القدس ـ الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي في رفح، وعلى صعيد آخر بدأت السلطة في ذات الوقت حملة أمنية مكثفة بهدف منع الفصائل من استمرار عملياتها.
كما شهد عام 2005 عدداً من العمليات الإستشهادية داخل فلسطين المحتلة عام 1948 حيث سجلت حتى بداية شهر كانون الثاني أربع عمليات استشهادية نفذت في مناطق الـ48، وكانت حركة الجهاد الإسلامي تقف خلف معظم هذه العمليات نظرا لاستمرار استهداف كوادرها ونشطائها. وشهد العام أيضا ازدياداً واضحاً في إطلاق الصواريخ باتجاه المستوطنات الإسرائيلية والذي جاء رداً على انتهاك قوات الإحتلال للتهدئة المعلنة.
عودة الى الاعتقالات السياسية
واستأنفت السلطة الوطنية الاعتقال السياسي بعد عملية حركة الجهاد الإسلامي الأخيرة في نتانيا والتي أوقعت ستة قتلى صهاينة، حيث اعتقلت العشرات من كوادر الجهاد في الضفة وخاصة في مدينة طولكرم وجنين والخليل.
3176 أسيراً اعتقلوا خلال العام 2005
وعلى الرغم من اعلان التهدئة، سجل العام 2005 ارتفاع وتيرة الاعتقالات الإسرائيلية، حيث بلغ عدد المعتقلين حتى نهاية تشرين الثاني 9200 أسير وفقاً لمعلومات وزارة شؤون الأسرى الفلسطينية، منهم 3176 أسيراً اعتقلوا خلال العام 2005 على الرغم من أن سلطات الاحتلال أفرجت منذ تفاهمات شرم الشيخ في فبراير عن 898 معتقلاً، على دفعتين، في شباط وحزيران، إلا أنها اعتقلت أكثر من ثلاثة آلاف مواطن، وازدادت أوضاع الأسرى في سجون الاحتلال سوءاً هذا العام ما أدى الى استشهاد 4 معتقلين داخل الأسر نتيجة للتعذيب القاسي والإهمال الطبي المتعمد، وهم: عبد الفتاح راداد، علي أبو الرب، بشار بني عودة، جواد أبو مغصيب.
الشهداء
وصل عدد الشهداء الفلسطينيين منذ اندلاع انتفاضة الأقصى في 28/9/2000 وحتى اعداد هذا التقرير الى أكثر 4222 شهيداً، يضاف إلى هذا العدد 82 شهيداً لم يتم تسجيلهم بسبب الإجراءات الإسرائيلية، فيما بلغ عدد الجرحى ما يقارب من 46000 جريح، وبلغ عدد الشهيدات 270 شهيدة، أما عدد الشهداء الذين سقطوا جراء سياسة الاغتيالات والتصفية الجسدية فبلغ370 شهيداً من المواطنين المستهدفين. كما بلغ عدد الشهداء من المرضى جراء الإعاقة على الحواجز140 شهيداً ما بين طفل وسيدة وشيخ مسن من مرضى القلب والكلى والسرطان، إضافة إلى شهداء اعتداءات المستعمرين الذين بلغ عددهم 61 شهيداً. كما بلغ عدد شهداء الأطقم الطبية والدفاع المدني في هذه الفترة 36 شهيداً، واستشهد 9 من العاملين في الحقل الإعلامي والصحافي، كما سجل استشهاد 220 رياضياً.
الفلتان الأمني...
وقد عانى الفلسطينيون كثيراً من فوضى السلاح وما سمي بظاهرة الفلتان الأمني التي انتشرت خاصة في العام 2005 بشكل خطير جداً، حيث نتج عنها 127 حالة قتل و25 حالة اختطاف، وذلك برغم تخصيص ربع موازنة عام 2005 للسلطة الفلسطينية للأمن الداخلي، إلا أن مستواه تدهور بشكل غير مسبوق، وذلك حسب التقرير السنوي للهيئة المستقله لحقوق المواطن.
الانتخابات التشريعية
وفي نهاية العام يعيش الفلسطينيون حالة من الترقب والانتظار والتحضير للانتخابات التشريعية الثانية من نوعها بعد انتخابات عام 1996، وكان المميز هذه المرة مشاركة جميع الفصائل الفلسطينية لا سيما حركة حماس ومقاطعة حركة الجهاد الإسلامي بسبب ارتباط العملية بسقف اتفاقية أوسلو كما قالت.
وستجري الانتخابات التشريعية في 25/1/2006 وذلك وفقاً للمرسوم الرئاسي الذي حدد فيه موعد الانتخابات التشريعية، والذي كان مقرراً أن تجرى في 17/7/2005 وأجّلها الرئيس عباس الى أجل غير محدود الأمر الذي لاقى معارضة شديدة في الشارع الفلسطيني، وذلك وفقاً لقانون الانتخابات المعدل لعام 2005 القائم على نظام المناصفة الذي اتفقت الفصائل عليه في حوار القاهرة، حيث يكون نصف المقاعد لنظام الدوائر، والنصف الآخر للتمثيل النسبي تحت نظام القوائم وليس الأفراد.
الانتقاد العدد 1142 ـ 30 كانون الاول/ ديسمبر 2005
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018