ارشيف من : 2005-2008

عين على العدو

عين على العدو

New Page 1

ما

بعد شارون: تحديات صعبة أمام ايهود اولمرت

يحيى

دبوق

     لا يختلف اثنان في

الكيان الإسرائيلي ان الحياة السياسية لاريئيل شارون قد انتهت، سواء بنتيجة العجز،

وهو اقل ما يمكن ان يحدث له، أو بنتيجة الموت.. والتساؤل المنطقي ما بعد رحيل شارون

عن المسرح السياسي في الكيان الإسرائيلي يتعلق بمصير حزب كديما الذي اسسه شارون

كحزب "الرجل الواحد" ليخوض من خلاله الانتخابات للكنيست بحرية مطلقة في اختيار

المرشحين ومراكزهم، كما يطرح تساؤلا اضافيا حول حراك الحكومة الإسرائيلية

الانتقالية برئاسة ايهود اولمرت حتى اجراء الانتخابات، إن سياسيا أو امنيا.

    وعلى الرغم من استقرار استطلاعات الرأي على

تقديم نتائج تفيد ان حزب كديما ما زال إلى الآن يحظى بتأييد ثلث الناخبين

الاسرائيليين، أي انه سيحصد العدد الاكبر من مقاعد الكنيست نسبة للاحزاب

الإسرائيلية الأخرى، الا انه من الصعب الركون إلى نتيجة هذه الاستطلاعات والبناء

عليها، إذ ما زال الجمهور الإسرائيلي محكوما لغاية الان بالعامل العاطفي تجاه الوضع

"التراجيدي" الذي يقبع فيه اريئيل شارون، خاصة مع الاداء الخاص للاعلام الإسرائيلي

الذي يواكب حدث شارون على انه الزعيم المحبوب من الجمهور الإسرائيلي مع كل مستلزمات

التغطية على هذا الاساس، وهو ما يدفع بالاسرائيليين إلى مواصلة النظر إلى حزب كديما

بنظرة تعاطفية مساوية للنظرة التعاطفية التي يكنونها إلى شارون نفسه في وضعه

الحالي.. الا ان العامل العاطفي سيضعف تدريجيا مع اشتداد سعير الحملات الانتخابية

من قبل حزب الليكود والعمل وبقية الاحزاب الأخرى، الذين سيركزون على النيل من كديما

ورئيسه الجديد ايهود اولمرت وموزاييك السياسيين في الحزب الذين يجتمعون معاً للفوز

بمغانم سياسية ليس الا.. وبالتالي فإن حكم الناخب الإسرائيلي على كديما والخليط

السياسي المنضوي في اطاره سيتحدد بناءً على ما يقوم به هؤلاء، إن لناحية الفعل

المبادر إليه أو لناحية رد الفعل على مواقف وطروحات منافسيهم الاكثر تنظيما

وارتياحا لناحية بلورة المواقف وأسلوب اطلاقها، وهو واقع يفتقده كديما في ظل غياب

شارون.

    من المتوقع ان يركز حزب كديما، ان قدّر

لايهود اولمرت ان يوزع القائمة التي سيخوض فيها الانتخابات بشكل يتناسب مع طموحات

كل اللاعبين الاساسيين في الحزب.. على اظهار مقدرة اولمرت في ادارة الحكم ومواجهة

التحديات في الساحة الداخلية والخارجية على حد سواء،  في محاولة لجبر غياب رئيس

الحزب المؤسس لحزب الرجل الواحد القادر على مواجهة الصعوبات، ما يعني ان حراك كديما

سيتركز حول بلورة شخصية اولمرت في نظر الجمهور الإسرائيلي كرجل محافظ على ارث شارون

ونهجه.. الا ان هذا الاتجاه المرجح لن يصمد امام جملة من الانتقادات والمواقف

المضادة من قبل الاحزاب الإسرائيلية الأخرى.. فالسجالات الانتخابية ستبرز جملة من

الاسئلة الحرجة التي تحتاج إلى إجابات من قبل اولمرت وكديما، ليس اقلها اهمية ما

يتعلق بالساحة الفلسطينية والمسار الذي سينتهجه اولمرت في وجه الفلسطينيين، وخاصة

ان الموقف تجاه هذه الساحة هو المعيار الذي يحدد وجهة الناخب الإسرائيلي لهذه

المرحلة، فهل سيواصل اولمرت وكديما نهج الانفصال عن الفلسطينيين والقيام بفصل اخر

في الضفة الغربية.. علما ان اريئيل شارون نفسه قد ناور كثيرا وابتعد عن الاجابة عن

هكذا سؤال، مرتكزا على رصيده الشخصي..

    حزب كديما ملزم مع غياب شارون بإعطاء

إجابات، وهو ما سيتيح للخصوم فرصة تهشيم النهج الاحادي الجانب واطلاق رؤى أخرى لها

ان تكون بديلا لدى الجمهور الإسرائيلي لتعيد وضع الناخب الإسرائيلي امام خيارات

أخرى، سواء تعلقت بخيارات اكثر يمينية (نتنياهو) أو اكثر يسارية (بيرتس).

    للمرحلة الانتقالية حتى آذار القادم، سيحكم

فيها ايهود اولمرت كرئيس للوزراء بالوكالة، مع كامل الصلاحيات والقدرة النظرية على

اتخاذ وبلورة القرارات الامنية والسياسية، الا ان اولمرت بالتأكيد ليس شارون، إذ

يقر الجميع ان لديه مشكلة على صعيد رصيده الجماهيري وخبرته الامنية وإرث النهج

والمواقف والقرارات التي اتخذها اريئيل شارون منذ ما يزيد عن خمس سنوات، وهي

بالتأكيد تقف حائلا امامه لاتخاذ قراراته الخاصة، أو بعبارة اكثر تحديدا سيكون

للمؤسسة الامنية والعسكرية الاسرائيليتين (الشاباك والجيش) دور اكثر ترجيحا في

مقاربة ساحات المواجهة.. برغم أن اولمرت سيحرص على ابقاء هذه الساحات ـ بقدر امكانه

ـ هادئة أو اكثر هدوءا ممكنا للمحافظة على اجواء العامل العاطفي تجاه اريئيل شارون

الذي ينعكس ايجابا عليه وعلى حزبه.. الأمر الذي يفرض رصد هذه المواقف وتتبعها

باهتمام اكثر مما كان عليه خلال حقبة شارون السياسية والامنية، الذي استأثر عمليا

بكل القرارات السياسية والامنية وخالف في بعضها توصيات المؤسسة العسكرية نفسها..

    السؤال الاكثر حضورا في هذه المرحلة هو: ما

هي السيناريوهات النظرية في جعبة المؤسسة العسكرية الإسرائيلية تجاه ساحات المواجهة

(فلسطين، لبنان وايران..) والتي تملك المقومات العملية والناجعة في حال تنفيذها،

انها مسألة تحتاج إلى تأمل ورصد خاص.

2006-10-30