ارشيف من : 2005-2008

ستة عشر كيلومتراً مربعاً من مساحة القطاع : المنطقة العازلة.. زحف إسرائيلي بطيء نحو غزة

ستة عشر كيلومتراً مربعاً من مساحة القطاع : المنطقة العازلة.. زحف إسرائيلي بطيء نحو غزة

غزة ـ عماد عيد‏

التحدي بين فصائل المقاومة وبين قوات الاحتلال الصهيوني في شمال القطاع وشمال شرقه او ما تحاول "إسرائيل" فرضه على انه منطقة عازلة ما زال على أشده، فما زالت قوات الاحتلال تواصل لعبة ترسيخ هذه المنطقة كمنطقة عازلة يحظر على الفلسطينيين بموجبها الوصول اليها ليلا او نهارا، وكذلك يحظر على قوات الامن الوطني المرابطة فيها او مزاولة اعمالهم كالمعتاد فيها، في حين وجهت نداءات للمواطنين الذين يقطنونها عبر مكبرات الصوت وعبر القاء "المناشير" بضرورة اخلائها حتى لا يتعرضوا الى القصف، ولكن سكان المنطقة يتحدثون عن الوسيلة الصهيونية الابشع لفرض هذه المطالب وتتمثل بالقصف المكثف في الليل والنهار على هذه المنطقة، وبجوار البيوت بواسطة الدبابات التي تحاصر القطاع من الناحيتين الشمالية والشرقية.‏

وقد صعّدت "إسرائيل" من عمليات القصف واستخدمت قذائف اكثر فتكا وذات صوت مدوٍّ، كما اكد المواطنون وكما اعلن ذلك قادة في الجيش الصهيوني، هذا الى جانب تحليق الطائرات المكثف والغارات الوهمية وكسر جدار الصوت بين الحين والاخر، وتنفيذ غارات حقيقية بحق مواطنين يقول الجيش الإسرائيلي انهم مقاومون يعملون على اطلاق الصواريخ المحلية الصنع باتجاه الاهداف الصهيونية التي كان آخرها اغتيال اثنين من نشطاء شهداء الاقصى بالقرب من المنطقة، اضافة الى اغتيال عضوين من سرايا القدس ـ الجناح العسكري للجهاد الاسلامي. وبحسب ما هو قائم على الارض فإن سكان المنطقة لم يستجيبوا لكل هذه النداءات والتهديدات، وهو الامر الذي ساهم في رفع معدلات القلق لدى المواطنين والاجهزة الامنية الفلسطينية من ان يقدم الجيش الصهيوني على رفع معدل القصف ويستهدف عن عمد احد البيوت او اكثر، وارتكاب مذبحة في محاولة لبث الرعب في صفوف بقية السكان لدفعهم الى الهجرة من المنطقة واخلائها حتى يسهل ترسيمها كمنطقة عازلة.‏

وفي المقابل فإن الفصائل الفلسطينية المسلحة خصوصا سرايا القدس وكتائب الاقصى والوية الناصر صلاح الدين وكتائب ابو الريش ما زالت هي الاخرى في حالة تحدّ وصراع لرفض هذا المشروع الصهيوني وإفشاله وإثبات عجزه وذلك من خلال دعم الروح المعنوية لدى السكان وتشجيعهم على البقاء والصمود في المنطقة، الى جانب تكثيف اطلاق الصواريخ باتجاه سديروت على وجه الخصوص ومواقع استيطانية اخرى. وقد استخدمت هذه الفصائل سياسة وتقنية جديدتين في هذه المعركة مع قوات العدو إذ عمدت الى استخدام تقنية التوقيت، اي تجهيز الصواريخ وتوقيتها بمُوقِّت ليتمكن المقاومون من الانسحاب قبيل انطلاق الصاروخ تفاديا لعمليات المطاردة والاغتيال من قبل الطائرات الاستطلاعية من دون طيار التي لا تغادر سماء قطاع غزة على الاطلاق، اضافة الى اطلاق الصواريخ من اكثر من نقطة على امتداد الحدود من الناحيتين الشرقية والشمالية وليس من المنطقة العازلة فقط. هذا من جهة ومن جهة اخرى عمدت الفصائل خصوصاً سرايا القدس وكتائب الاقصى الى اطلاق صواريخ ابعد مدى من الصواريخ المتعارف عليها، فقد وصلت الصواريخ الى مشارف المجدل، وقد اعترف العدو بذلك في اكثر من مرة في الاونة الاخيرة عندما قال ان الجهاد الاسلامي تمكن من تطوير قدراته في الصواريخ، واصبحت اكثر دقة من ذي قبل، اضافة الى انها اصبحت تصل الى مشارف عسقلان، وهو ما يعطي اثرا عكسيا لهدف الاعلان عن المنطقة العازلة، وهو ما شكل جوهر التحدي بين الفصائل الفلسطينية وقوات الاحتلال.‏

وتشكل المنطقة العازلة اذا ما تمكنت قوات الاحتلال من اقامتها هاجسا لدى الفلسطينيين، فمن ناحية فإن الكيان الصهيوني يعلن عن نفسه طرفا اساسيا لما يجري على الساحة الفلسطينية على الرغم من الانسحاب من القطاع، كم انه يحاول ان يعطي شرعية مسبقة لاي عمليات قتل ترتكبها القوات الصهيونية في هذه المنطقة او المنطقة المحيطة بحجة منع اطلاق القذائف الصاروخية.‏

وتمتد المنطقة العازلة التي اعلن عنها الاحتلال على امتداد الشريط الحدودي مع القطاع من الناحية الشمالية بعمق يصل في بعض المناطق الى اكثر من الفي متر من جهة الغرب مثلا، وكذلك الامر على امتداد الشريط على الحدود الشرقية مع القطاع، وتلتهم بذلك الاف الدونمات من الاراضي الزراعية. وقد عمدت الجرافات الصهيونية الى تجريف هذه المناطق كلها منذ الانسحاب الإسرائيلي من القطاع وليس منذ الاعلان عن هذه المنطقة، وكذلك اقامت جداراً اسمنتيا كبيرا على امتداد الجزء الاكبر من الحدود الشمالية لقطاع غزة على غرار جدار الضفة الغربية.‏

ويقول المحلل السياسي يحيى رباح انه اذا استمرت "إسرائيل" في تنفيذ سياستها المعلنة، وهي اقامة منطقة عازلة شمال وشرق القطاع لمنع انطلاق القذائف الصاروخية فإن معنى هذا وجود زحف إسرائيلي جديد على غزة يتقدم في عمق الاراضي الفلسطينية كلما زاد تطور الصواريخ الفلسطينية، ولم يستبعد رباح ان تقدم "إسرائيل" على تنفيذ مجازر تدفع بالسكان في بلدتي بيت حانون وبيت لاهيا للرحيل نحو غزة لاجبار المقاومة على وقف الصواريخ.‏

وكانت وسائل الاعلام الصهيونية تحدثت عن خطة من ثلاث مراحل لوقف اطلاق الصواريخ تأتي المنطقة العازلة في مقدمتها، اضافة الى احتلال بيت لاهيا وبيت حانون في المرحلة الثانية، في حين تشمل المرحلة الثالثة تنفيذ عملية برية واسعة في غزة.‏

الانتقاد/ فلسطينيات ـ العدد 1143 ـ 6 كانون الثاني/ يناير 2006‏

2006-10-30