ارشيف من : 2005-2008
فتح تتوحد في الدعاية الانتخابية:هجوم سياسي على حماس
غزة ـ عماد عيد
بدأت الحملة الدعائية الانتخابية تأخذ طابعا اخر قبل نحو أسبوع على يوم الاقتراع بين القوائم المتصارعة على هذه الانتخابات، خصوصا بين القائمتين التابعتين لحركتي فتح وحماس، وهو ما اعتبره المراقبون والناخبون مرحلة جديدة يمكن ان تصبح اكثر سخونة يوما بعد يوم.
ويعتبر دخول فتح بثقلها قبل ايام قليلة فقط معترك هذه الحملة العامل الجديد الذي ميز اجواء الايام الاخيرة من ايام الدعاية الانتخابية، وذلك بعد ان حسمت امرها بدخول الانتخابات والمشاركة فيها، وبعد ان يئست من امكانية تأجيلها او الغائها، وذلك اثر الاصرار الدولي لا سيما الاميركي على اجراء الانتخابات في موعدها مهما كانت الاعذار والنتائج، تبعه مؤتمر صحافي اعلن فيه الرئيس الفلسطيني محمود عباس تصميمه على اجراء الانتخابات في موعدها، ودعا الجميع الى الاقبال عليها وحمايتها وعدم الالتفات الى اية اعمال من شأنها ان تخرب العملية الديمقراطية.
وهكذا نزلت فتح الى الشارع الفلسطيني وأعلنت بدءها بالحملة، وبدأت تستخدم اوراق القوة المختلفة بعد أن كانت حماس هي القوة الرئيسية الوحيدة في هذه الحملة، وهو ما يعتبره المراقبون تفسيراً لوقوع توترات وصلت الى حد الاشتباك بالايدي في بعض المناطق في قطاع غزة على خلفية أعمال دعائية دون أن يصل الأمر إلى الاشتباكات المسلحة التي شهدها القطاع في الاونة الاخيرة.
ولكن الكثير من المراقبين والمحللين وحتى العاملين في اعمال الدعاية لمختلف القوائم الانتخابية اعربوا عن تخوفهم من حدوث اعمال عنف بسبب الدعاية الانتخابية والتنافس عليها، إذ أن الخطاب المستخدم من قبل رؤساء الكتلتين الرئيسيتين بدأ يأخذ الطابع الهجومي بعد ان اعلن وزير الشؤون المدنية السابق محمد دحلان هذا الهجوم بمهاجمة مواقف حماس التي سماها انقلابية ومتذبذبة من القضايا المبدئية مثل القدس والتفاوض مع الكيان الصهيوني، وقد رد عليه رئيس قائمة حماس اسماعيل هنية وفنّد تهمه.
على أن هذه السخونة ألقت بظلالها أيضا على الساحة الحزبية داخل الفصائل لا سيما حماس التي تعتبر الانتخابات تجربة جديدة بالنسبة لها، فبعد ان كانت حماس تركز كل جهدها على المقاومة والعمليات والخطاب المعارض للسلطة، وهو السبب الرئيس لشعبيتها، دخلت المعترك الآن وخلال فترة وجيزة وجمدت اعمال المقاومة وتفرغت لكسب هذه الانتخابات ما اعتبر انقلابا على مواقفها السابقة، وبالتالي تفجرت اجتهادات داخل الحركة عبر عنها الشيخ أحمد نمر الوجه المعروف والبارز في حركة حماس ـ جنوب قطاع غزة، وبالتحديد في خانيونس، والذي أصدر فتوى خلال خطبة الجمعة أفتى فيها بحرمة المشاركة في الانتخابات ترشيحا وتصويتا، وانتقد بشدة مشاركة حماس فيها في ضوء تراجع السقف السياسي الذي جرت تحته انتخابات العام ستة وتسعين، وهو سقف اوسلو، وهو ربما نفس السبب الذي أدى إلى توزيع بيان موقع باسم حركة حماس ـ جناح عبد الله عزام وصل الى المكاتب الصحفية، وانتقد بشدة دخول حماس العملية الديمقراطية وتجليات عديدة أخرى. إلا أن ذلك لن يؤثر في ما يبدو في الوجهة الأساسية لحركة حماس، ولا لمختلف القوائم التي يبدو انها حسمت أمرها وتسير قدماً وبكل ما أوتيت من قوة نحو صناديق الاقتراع يوم الخامس والعشرين من الشهر الجاري..
ولعل اللافت في كل ما يجري هو تقلص الفارق بين شعبية حماس وفتح للمرة الأولى حسب آخر استطلاعات الرأي حول النتائج المتوقعة للانتخابات، والتي اوضحت ان فتح ستحصل على 35% من اصوات الناخبين بينما تحصل حماس على 30% من الاصوات في اخر استطلاع اجرته جامعة بير زيت قبل نحو عشرة أيام على الانتخابات، والذي جاء تعبيرا عن الوضع المتردي الذي تعيشه حركة فتح بسبب الخلافات والفلتان الأمني، وتردد وضعف السلطة الفلسطينية، وعدم احتواء القوائم التابعة لها لاسماء من التكنوقراط بشكل لافت كما فعلت حماس في قوائمها، وهو الامر الذي تحاول فتح في الايام الاخيرة المتبقية تجاوزه بتكثيف اعمال حملتها الدعائية في مختلف المناطق.
لكن المراقبين لا يتوقعون ان تحسن هذه الاعمال من موقف الحركة كثيراً على مستوى النتائج الحقيقية لهذه الانتخابات، بل ان بعض التوقعات ذهبت بعيداً عندما توقعت ان تتفوق حماس على فتح في هذه الانتخابات، غير أن القول الفصل في ذلك يبقى للمقترعين وحدهم.
مقالات/ العدد 1145 ـ 20 كانون الثاني/ يناير 2006
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018