ارشيف من : 2005-2008
عقبات اميركية امام حلول مقترحة:الأزمة المالية .. التحدي الاصعب امام الحكومة الفلسطينية
غزة- الانتقاد
ما زالت الحلول الابداعية للأزمة الاقتصادية، خصوصاً ازمة الرواتب في السلطة الفلسطينية تواجه بالمزيد من العراقيل من قبل اطراف عدة تشكل الولايات المتحدة الاميركية رأس الحربة بالنسبة لهذه الاطراف، كما اوضح رئيس الوزراء الفلسطيني اسماعيل هنية في احدث تصريحاته حول الازمة بعد ايام من الصمت والتريث وعدم اطلاق التصريحات وتوزيع الاتهامات. وبرأي كثير من المراقبين فإن هذه التصريحات ربما تشكل مؤشرا على أن هنية والحكومة الفلسطينية قطعوا الامل بإمكانية التوصل الى حل مع الادراة الاميركية حول السماح بتحويل الرواتب لموظفي السلطة البالغ عددهم نحو 160 الف موظف دون الحصول على تنازلات من هذه الحكومة.
هنية وباسم الحكومة رفض حتى الان مقايضة تنازلات سياسية من اي نوع كانت مقابل حل ازمة الرواتب التي دخلت شهرها الثالث، وتوجه بنداء للامين العام للجامعة العربية ورئيس القمة العربية والزعماء العرب والمسلمين للتدخل من اجل انهاء هذه الازمة، وانهاء التدخل الاميركي في لقمة العيش للانسان الفلسطيني.
هنية الذي اوضح ان وزراءه وعلى رأسهم وزير الخارجية محمود الزهار تمكنوا من جمع مبالغ مالية كبيرة من عدة دول عربية واسلامية، فضلا عن المبالغ الموجودة فعلاً لدى الجامعة العربية، اعتبر أن البحث الان ينصب على ايجاد الاليات والسبل لكيفية تحويل هذه المبالغ الى الاراضي الفلسطينية، ومن ثم الى الموظفين، واتهم الادارة الاميركية بصراحة بعرقلة هذه المسألة، ما يعني من وجهة نظر رئيس الوزراء الفلسطيني ان قضية المال هي قضية مسيسة الهدف منها الضغط على الحكومة لتقديم تنازلات سياسية، واستخدام المال للمس بكرامة الشعب الفلسطيني.
وكان الناطق باسم الحكومة غازي حمد قد قال انه تم ارسال كشوفات فعلا الى الجامعة العربية باسم موظفي السلطة الفلسطينية تمهيدا لتحويل الرواتب على ارقام حسابات الموظفين مباشرة من حساب الجامعة العربية في القاهرة، واضاف ان الاتصالات ما زالت جارية ومكثفة من اجل اتمام هذه القضية قبل ان يصرح هنية بوجود عراقيل اميركية لعرقلة مثل هذه الحلول التي طرحت من قبل اطراف عربية واعتبرت من الحلول الابداعية. وتتذرع الادارة الاميركية بالخشية من إمكانية ان تصل هذه الاموال حتى عبر هذه الالية التي لا تتدخل فيها الحكومة الى "ارهابيين" كما قالت. وتتخوف اوساط فلسطينية واسعة من استخدام الادارة الاميركية لهذه الطريقة او غيرها من الطرق ان تم الاتفاق عليها في الابتزاز والانتقائية في توزيع الاموال عبر التحفظ على بعض الاشخاص والموظفين من خلال الكشوفات الامنية الصهيونية بحجة انهم مطلوبون، ويتقاضون رواتب من السلطة الفلسطينية.
ويعيش عدد من المطلوبين من كل الفصائل خصوصا من فتح وحماس من رواتب السلطة باعتبارهم موظفين فيها قبل ان ينخرطوا في فصائل المقاومة الفلسطينية، وهو ما من شأنه ان يصنع ازمة اكبر من الازمة القائمة، وان يدخل الساحة في تجاذبات من نوع اخر، ولذلك تفضل هذه الاوساط ابقاء الوضع على ما هو عليه، او حل الازمة بحلول مُرضية لكل الاطراف. هذا فضلا عن ازمة الموظفين الجدد الذين صدرت بحقهم قرارات استيعاب وتوظيف من الحكومة الجديدة، وعدد كبير منهم من الفئات المتقدمة، اي مدراء او مدراء عامون او مستشارون، وبعض العاملين في الاجهزة الامنية خصوصا القوة الامنية الخاصة التي شكلتها وزارة الداخلية، وهو امر يحتاج الى تسوية من نوع مختلف، وينتظر حلا هو الاخر قبل ان يتقاضى اصحاب هذه المناصب الجديدة رواتبهم ايضا.
وتتوجه الانظار الان نحو الاقتراح الداعي الى اقامة صندوق تحت اشراف البنك الدولي بمسؤولية احد الخبراء من السلطة الفلسطينية، مثل وزير المالية السابق سلام فياض، ومن ثم تولي قضية الرواتب، اي تصبح هذه الرواتب تحت مسؤولية الرئاسة الفلسطينية والرئيس محمود عباس شخصيا بإشراف البنك الدولي، وهو ما لم يحسم بعد، ولم توافق عليه الحكومة التي تشكلها حماس، والتي وافقت مضطرة على اقتراح تحويل الاموال مباشرة من الجامعة العربية... ويتوقع الخبراء والمحللون ومصادر مطلعة في السلطة الفلسطينية ان الازمة ستستمر لعدة ايام ان لم يكن اكثر قبل التوصل الى اتفاق لالية محددة لتحويل الاموال التي بحوزة الجامعة العربية، والذي سيستغرق بعد الاتفاق عليها اياما اخرى، اي ان الشهر الجاري ممكن ان يمضي دون تحويل الرواتب لموظفي السلطة.
وعلى خلفية استمرار الازمة الاقتصادية الخانقة فقد دخلت بعض الجوانب الحياتية في الاراضي الفلسطينية في ازمة خطيرة لا سيما الجوانب الانسانية مثل مخزون وزارة الصحة من الادوية والمعدات والاجهزة الطبية اللازمة، والتي بدأت فعلا في النفاد، وبدأت تهدد بعض القطاعات الطبية وبعض المستشفيات في التوقف عن العمل، وبالتالي تهديد حياة الالاف من المرضى مثلما هو الحال في مستشفى الشفاء بمدينة غزة، وهو ما استدعى وصول بعض المساعدات التي وصلت الى هذا المستشفى فعلا من الحكومة الاردنية، وهو لا يعتبر حلا جذريا لهذه الازمة التي يمكن ان تتكرر وتتجدد في الايام المقبلة مع هذا القطاع الانساني وغيره من القطاعات.
الانتقاد/ مقالات ـ العدد 1160 ـ 5 أيار/مايو 2006
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018