ارشيف من : 2005-2008
حرب بين ديمقراطيتين!
يمكن لأي متتبع لمحاولات واشنطن الهيمنة المتفردة على العالم أن يستشعر وجود حرب "ديمقراطية" طاحنة تدور على مسرح الصراع العالمي، قوامها طرفان يشتق اسمهما من الديمقراطية نفسها، لكن بفارق شاسع بينهما.
الديمقراطية الأولى التي يمكن اصطلاح تسميتها بديمقراطية الرأسمالية المتوحشة تشكل واشنطن وكيان العدو العمود الفقري لها، وهي تعيث فسادا في كل أنحاء المعمورة بحثا عن دولة أو شعب لا يزال متفلتا من الدوران في فلكهما.
أما الديمقراطية الثانية فيمكن أيضا اصطلاح تسميتها بديمقراطية الشعوب التي تحاول جاهدة كف يد الهيمنة الصهيو ـ أميركية، وتأكيد حق الشعوب بحكم أنفسهم بأنفسهم بعيدا عن كل احتلالات ووصايات.
وحتى اللحظة ترجح الكفة لمصلحة ديمقراطية الشعوب التي سجلت في السنة الأخيرة العديد من النقاط لمصلحتها، وتمكنت من الوصول إلى تخوم عقر دار رأسي الديمقراطية الرأسمالية "الولايات المتحدة وإسرائيل"، إلى درجة يمكن القول بأنها بدأت قلب الطاولة على رأسيهما بعدما ظنا بعض الوقت أن وقت حصادهما قد حان.
فمن هزائمهما في أميركا اللاتينية إلى كسر شوكتهما في ايران والعراق إلى تعثرهما في سوريا ولبنان وصولا إلى الضربة القاضية في فلسطين المحتلة، انكشف الوجه الحقيقي لهذه الديمقراطية التي صم الرئيس الأميركي جورج بوش "الأصغر" آذان العالم وخاصة شعوب الشرق الأوسط بها، بعد أن "ربّحهم من الجميل" أرطالا وأرطالا بأنه قادم لإحلال الديمقراطية في أوساطهم.
نعم، باتت الأمور واضحة ليسقط القناع عن هذا الوحش الرأسمالي، فيضطر لإظهار وجهه البشع من دون حياء.
الطريف في الأمر أن التطورات ووقائع الحرب كانت تدور كما لو كانت الديمقراطية الرأسمالية مسخّرة لإعلاء كلمة ديمقراطية الشعوب، فترى في كل معركة إصراراً ثابتاً من الأولى على ترك الباب واسعا أمامها لتقع في شر أعمالها وأمام الثانية لتربح الجولة تلو الأخرى.. وإلى معركة أخرى ونصر جديد.
محمد يونس
الانتقاد/ باختصار ـ العدد 1147 ـ 3 شباط/ فبراير 2006
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018