ارشيف من : 2005-2008

اثنا عشر شهيداً في أقل من أسبوع:فلسطين المحتلة: تصعيد ميداني لأهداف سياسية

اثنا عشر شهيداً في أقل من أسبوع:فلسطين المحتلة: تصعيد ميداني لأهداف سياسية

غزة- عماد عيد‏

مسلسل التصعيد الميداني الذي أشعلته "إسرائيل" من جديد وتريد من خلاله تحقيق اهداف سياسية بدأت فصوله بتكثيف الغارات الصهيونية ضد المقاومة الفلسطينية، وخصوصا ضد كتائب الاقصى التابعة لحركة فتح، وسرايا القدس ـ الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي. فقد نفذت قوات الاحتلال خلال ثلاثة ايام اربع غارات جوية عبر طائرات الاستطلاع بدون طيار "الزنانه" على سيارات فلسطينية كانت تقل مقاومين في مناطق مختلفة من مدينة غزة خلفت احد عشر شهيدا، وعددا من الجرحى..‏

ثلاث من بين الغارات التي استهدفت كوادر من كتائب الأقصى استهدفت إحداها محمد أبو شريعة أحد القادة البارزين لكتائب شهداء الأقصى مع رفيقه سهيل بكر، وواحدة استهدفت عدنان بستان قائد وحدة التصنيع في سرايا القدس، فيما استشهد المقاوم محمد الهور من كوادر كتائب الأقصى في اشتباك مسلح شرق مخيم البريج وسط القطاع. وكما يبدو فإن هذه الغارات مجرد اتجاه او مؤشر لما يمكن ان تكون عليه الايام المقبلة في قطاع غزة، خصوصا الذي انسحبت منه قوات الاحتلال الصهيوني وفي الاراضي الفلسطينية بشكل عام، فقد نفذت القوات الصهيونية معززة بالدبابات عملية خاصة استمرت ثماني ساعات في نابلس كبرى المدن في الضفة الغربية واغتالت مسؤول سرايا القدس في الضفة الغربية ويدعى احمد رداد (35 عاماً)، وأدت العملية أيضاً إلى جرح اثني عشر مواطنا، واصابة جنديين صهيونيين بجراح بعد اشتباكات عنيفة بين مقاومين وبين الجيش الصهيوني المدجج بالسلاح، لتتضح ملامح المخطط الصهيوني تدريجيا مع عمليات الاغتيال في الضفة والقطاع وذلك بعد ايام فقط من اعلان نتائج الانتخابات التي حققت فيها حماس فوزا ساحقا.‏

ومع دخول الساحة الفلسطينية في حالة استقطاب وأخذ ورد مع هذه النتائج، واثر اللقاء الذي جمع قادة حماس والرئيس الفلسطيني محمود عباس في مقر الرئاسة بغزة، والذي تمخض عن اتفاق رئاسي حمساوي حول الخطوط العريضة للمرحلة المقبلة اكدت خلالها حماس على احترامها المبدئي للاتفاقات والالتزامات التي التزمت بها منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية، والتزامها بتشكيل الحكومة الفلسطينية بعد انتخاب رئاسة المجلس، والسير على خطى المجلس القديم، في وقت اطمأنت فيه حماس الى سلامة النيات الرئاسية فيما يتعلق بالمؤسسة الامنية، وابقاء الوضع في هذه المؤسسة على ما هو عليه. وهنا بالتحديد تدخل الكيان بمخططه على ما يبدو ليلفت انظار الجميع بمن فيهم حماس الى وجوده باعتباره اللاعب الاساسي في الاراضي الفلسطينية، فهو يحاول بحسب المراقبين خلط الاوراق على الساحة الفلسطينية كما كانت عليه في ذروة الانتفاضة الحالية، وهو يريد ان يضع حماس في الدوامة التي وضع فيها حركة فتح ابان اتفاقات اوسلو اولا باستقطابها لمصلحة احبال السياسة من برنامج المقاومة الفلسطينية، ووضعها في مقابل الفصائل التي من المتوقع ان تستمر في برنامج المقاومة والرد على الخروقات الصهيونية من قبيل هذه الاغتيالات، وهي فعلا المعضلة الحقيقية التي كانت تواجه السلطة عندما كانت فتح حزب السلطة، والان اصبحت حزبا في المعارضة، فبدأت "إسرائيل" باستهدافها مع الجهاد الاسلامي لتحضيرها كحزب قوي امام حماس، وهو من وجهة نظر المحللين بمثابة المشكل الاساسي امام حركة حماس. فإن تعاملت حماس بمرونة مع هذا المخطط الصهيوني فإنها ستخسر على صعيد الناخبين الذين صوتوا لحماس اساسا على برنامج المقاومة الى جانب قضايا الفساد والخلافات والفلتان الامني الذي حصدت فتح اثاره السلبية، وان رفضت حماس التعامل مع هذا المخطط وواجهته فإنها ستواجه الضغوط من قبل المجتمع الدولي، ومع ذلك فإن المراقبين يرون ان الكيان الصهيوني والمجتمع الدولي سيظهران مرونة تجاه حماس لفترة من الوقت حتى تتحقق الاهداف التي اشرنا اليها، وبعد ذلك يمكن محاصرتها واعادة الامور الى مربع الصفر من جديد، وفي المقابل فإن الكيان الصهيوني سيعمد الى التسريع في اقامة الجدار كترسيم واقع للحدود واجراء بعض الانسحابات من مناطق في الضفة الغربية على غرار ما جرى في القطاع، ومن ثم سيقدم المناطق الفلسطينية على انها بدون شريك، ويتوجب على المجتمع الدولي مساعدة الكيان الصهيوني في مواجهة الاخطار التي تتهدده من هذه المناطق. ويعتقد المحللون ان المجتمع الدولي جاهز للتعامل مع هذا الطرح الصهيوني، وبالتالي فإن الاراضي الفلسطينية في ضوء ذلك كله مفتوحة على كل الخيارات.‏

الانتقاد/ مقالات ـ العدد 1148 ـ 10 شباط/ فبراير 2006‏

2006-10-30