ارشيف من : 2005-2008

حماس تواصل خلط الأوراق:الغرب يتراجع أمام الاحتضان العربي والإسلامي لها

حماس تواصل خلط الأوراق:الغرب يتراجع أمام الاحتضان العربي والإسلامي لها

غزة ـ عماد عيد‏‏

التشكيل الحكومي الحمساوي ما زال هو الحدث الأهم في الساحة الفلسطينية، والذي يستقطب اهتمام المواطن والمراقب والأطراف السياسية الفلسطينية على حد سواء، إلى جانب الاهتمام الكبير من قبل الأطراف الإقليمية والدولية بهذا الحدث الانقلاب كما يقول البعض، وكل حسب دوافعه وأسبابه الخاصة، فحماس ما زالت تجري ما تبقى من مشاورات مع بعض الشخصيات المستقلة ذات القيمة الاعتبارية في الاراضي الفلسطينية، كان من بينها لقاء رئيس الوزراء المكلف إسماعيل هنيّة بالمفكر عبد الله الحوراني أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير سابقا.‏‏

والملاحظ أن نتائج اللقاءات مع الشخصيات لم تختلف عن نتائج اللقاءات مع الفصائل والكتل الممثلة داخل المجلس التشريعي الفلسطيني، حيث أبدت الشخصيات ترحيبا للقاء، وعدم ممانعة للمشاركة في الحكومة، أو على الأقل دعمها، ولكن دون الإعلان عن موقف حاسم بالمشاركة من خلال حقائب وزارية في الحكومة، ويبقى الامر رهن لقاءات اخرى.‏‏

ولكن برأي كثير من المراقبين فإن مثل هذه اللقاءات قد لا تحصل اصلا مع عدد من الشخصيات على وجه الخصوص، وقد تقتصر على الكتل، وخصوصا كتلة فتح والجبهة وبقية الكتل، وذلك لان حركة حماس تحرص على اظهار الحكومة المقبلة كحكومة تضم اطيافا متعددة وليست حكومة الطيف السياسي الواحد.‏‏

لم يتسرب عن المشاورات حتى الآن معلومات مؤكدة حول شكل هذه الحكومة، لكن مصادر مطلعة في حركة حماس اكدت ان الحركة حريصة على التمسك بحقيبتي الداخلية والخارجية كوزارتين سياديتين. وكل الامر متوقف حتى الآن على الموقف النهائي لحركة فتح من المشاركة، والذي لم تتخذه الاخيرة بشكل نهائي حتى الان، ولكن بحسب مصادر متعددة ومطلعة في الحركة فإن التوجه العام يسير بهدوء نحو عدم المشاركة في الحكومة، لكن التوجه العام ايضا يريد ترك هذا الموقف للمفاوضات، ولا يريدون اعلان الموقف بشكل مسبق، وقد ذكرت مصادر موثوقة ان التيار الذي كان يميل الى المشاركة لاسباب وطنية اكثر منها حزبية اخذ بالاضمحلال ان صح التعبير لمصلحة الرأي الذي يدفع باتجاه عدم المشاركة، ما دام ان حماس ترفض حتى الآن الموافقة على البرنامج السياسي "الشروط السياسية" لفتح كثمن لاستقطابها الى حكومتها، وهو امر ينطبق على الرئيس الفلسطيني محمود عباس، فقد ذكرت مصادر مقربة من الرئيس انه تدريجيا يقتنع بعدم مشاركة فتح بسبب الاشارات التي تصدر من حماس، والتي تفيد بنيّة الحركة عدم الموافقة في هذه المرحلة على الشروط التي وردت في كتاب التكليف لاسماعيل هنية، والتي تحدثت بوضوح عن اعتماد الحكومة المقبلة لخطاب عباس في التشريعي، والقانون الفلسطيني الأساسي والاتفاقيات والالتزامات الدولية للسلطة الفلسطينية كشرط لتشكيل الحكومة، وهو ما يعني ان المرحلة القادمة ستكون مفتوحة على حالة استقطاب ربما تكون حادة بين مؤسسة الرئاسة الفلسطينية وحركة فتح من جهة، وبين الحكومة والمجلس التشريعي ذي الاغلبية الحمساوية من جهة اخرى، سواء اكان ذلك في الشؤون الداخلية او فيما يتعلق بالشؤون السياسية.‏‏

كل هذه التفاعلات الداخلية وانعكاساتها على الوضع الداخلي تتزامن مع اتصالات مع اطراف اقليمية ودولية وعلى رأسها زيارة الوفد المكون من الدكتور محمود الزهار رئيس كتلة حماس في المجلس، وعضو المجلس التشريعي، عضو قيادة حماس السياسية، الى الاردن، والتي استغرقت عدة ايام، للتشاور مع المسؤولين الاردنيين بصفتهم غير الرسمية على هامش الجلسات الخاصة باتحاد البرلمانات العربية التي تنعقد في عمان للاطلاع على توجهات المملكة الهاشمية مما يجري على الساحة الفلسطينية بعد الانتخابات، ومعرفة توجهات المملكة في المرحلة المقبلة، وكيف ستتعامل مع حماس، في حين يهب رئيس المكتب السياسي للحركة خالد مشعل على رأس وفد الى روسيا للتشاور دون لقائه مع الرئيس الروسي بوتين في هذه المرحلة، وعلى الرغم من الاشارات التي تصدر من خلال التصريحات الصادرة عن القادة في حماس حول مرونة الحركة تجاه القضايا التي من المفترض ان تشكل خلافا مع العالم لم يشكل ذلك حافزا لدى الاطراف المعنية لتتعامل مع حماس كشريك.‏‏

وامام الضغط والتحريض الصهيوني المستمر والذي اصبح يصور السلطة ـ بما في ذلك مؤسسة الرئاسة فيها ـ ككيان ارهابي تبدو الاطراف المعنية غير جاهزة للقبول بأقل من اعتراف صريح بالكيان الصهيوني، وما يترتب عليه من تغيير للميثاق وغيره..‏‏

غير ان الاوضاع السياسية ليست الجانب الوحيد الذي يطرح كحاجات ملحة للمواطن الفلسطيني، فقضية استمرار الدعم ورواتب الموظفين وتوافر المواد الاساسية لا تقل اهمية لدى المواطن الفلسطيني، ولعل هذه القضية وان كانت تشكل تحديا امام الحكومة المقبلة، الا ان حلولا في الافق بدأت تلوح بعد زيارة خالد مشعل الى طهران التي وعدته بتغطية العجز في الميزانية الفلسطينية مهما بلغ وطرح مشروع فرض ضريبة على بترول العالم الاسلامي لمصلحة الفلسطينيين على مؤتمر القمة الاسلامي المقبل كما ذكرت مصادر مطلعة، وهو ما دفع الاتحاد الاوروبي من وجهة نظر المراقبين الى الاسراع في الافراج عن 120 مليون يورو، ويعد بالمزيد كمساعدة عاجلة للفلسطينيين خشية ان تنفرد طهران في دعم الفلسطينيين وتسيطر على القرار وتشكل بذلك محورا "غاية في الخطورة"، وهو الأهم من وجهة نظر العالم في فلسطين ولبنان وسوريا وطهران إلى جانب النفوذ في العراق.‏‏

الانتقاد/ مقالات ـ العدد 1151 ـ 03/03/2006‏‏

2006-10-30