ارشيف من : 2005-2008
الاختطاف الفاضح.. سعدات في يد الإسرائيليين
غزة ـ عماد عيد
وضعت عملية اختطاف الأمين العام للجبهة الشعبية عضو المجلس التشريعي المنتخب احمد سعدات واللواء فؤاد الشوبكي مدير الإدارة المالية في السلطة الفلسطينية، والمتهم بصفقة السلاح "كارين واحد" ومن معهما من سجن أريحا بهذه الطريقة، وضعت كثيراً من الأطراف في مأزق، وكشفت أوضاعا لم تكن هذه الأطراف تريد كشفها. فقد كان بإمكان القوات الصهيونية أن تنفذ عملية الاختطاف وفق ما تتم به عمليات الاختطاف، وليس وفق السيناريو الذي تمت به، بغض النظر عن التوقيت الذي جاء بسبب المعلومات عن جدية توجه الرئيس الفلسطيني محمود عباس حول اطلاق سراح احمد سعدات وفق ما دار خلال اللقاء بين الرئيس وجميل المجدلاوي في غزة في آخر زيارة للرئيس اليها، وتم الاتفاق على التنسيق مع الأطراف الموقعة على الاتفاق من اجل ضمان حياته بعد الافراج عنه..
فالجيش الصهيوني كان بإمكانه حسب المحللين ان ينفذ هذه العملية بعدد قليل من الاليات دون خسائر بسبب الوضع الخاص لمحافظة اريحا، سواء أكان بالنسبة لموقعها الجغرافي او بالنسبة الى طبيعة السكان وقلتهم، فقد بقي لاريحا طابع خاص طوال فترة الانتفاضة على الرغم من تعرضها لبعض الاجتياحات، وكان بإمكان الجيش ان يدخل اريحا ويقتحم المقاطعة ويختطف سعدات ومن معه دون الحاجة الى هذا الضجيج، ودون الحاجة الى اراقة الدماء التي سالت بسقوط ثلاثة شهداء وإصابة العشرات.
ولكن بحسب المحللين والمراقبين فإن قيادة الجيش الصهيوني وكذلك القيادة السياسية التي اعطت الضوء الاخضر لهذه العملية ارادت ان يكون اخراج العملية بشكل مختلف، وأن تكون عملية استعراضية بامتياز، وأرادت ان تستغرق وقتا طويلا، وان تتم العملية على مراحل وببطء شديد، وان يرافقها ضجيج اعلامي، وان تسمح لبعض الصور على وجه التحديد بالانتشار كصور استسلام حراس السجن وظهورهم مجردين من الملابس، ثم استسلام السجناء بمن فيهم سعدات في نهاية العملية، وذلك لتحقيق اهداف كثيرة في وقت واحد في عملية واحدة.
وكما يعتقد المراقبون والمحللون في فلسطين فالحكومة الاسرائيلية تريد اولا ان تحرج كل الاطراف بما فيها السلطة الفلسطينية عندما تكشف ان البريطانيين ابلغوها بنيتهم سحب المراقبين من السجن على الرغم من عدم تحديد الوقت لعملية السحب، وأرادت القوات الصهيونية ان تضع حماس امام تحدّ من نوع قد يؤشر لطبيعة التحديات المستقبلية، وجس نبض رد الفعل بالنسبة لها ازاء هذا النوع، وإدخال الاراضي الفلسطينية في جو الانتفاضة التي لم تنته، وتهيئتها الى مرحلة تصعيدية جديدة، فضلا عن ان العملية كشفت بالنسبة للفلسطينيين طبيعة التنسيق القائم بين الكيان الصهيوني والادارة الاميركية والبريطانيين، وهو أيضاً ما قد يعطي انطباعات لأطراف فلسطينية خصوصاً حماس حول هذا التحالف وضرورة التفكير في كيفية التعاطي معه، إضافة إلى التأكيد مجددا على انه لا مقدس بالنسبة لكل التفاهمات او الاتفاقات مع العدو الصهيوني حتى وان كانت بشهادة وضمان اطراف دولية مثل اميركا وبريطانيا، او أي طرف من الاطراف الاخرى ما دامت موازين القوى لمصلحة الكيان، وما دامت الهيمنة الاميركية على العالم.
لكن الفصائل الفلسطينية لم تكن بعيدة عن توجيه مثل هذه الرسائل، فقد أريد من خلال هذه العملية ان تمتحن رد الفعل بالنسبة للجبهة او الفصائل مجتمعة، وعلى الرغم من رد الفعل الذي وقع، واستجاب لهذه العملية، فقد اعتبر بطيئاً ومتواضعاً أمام استعراضية العملية التي استخدمت من قبل الكيان الصهيوني لأغراض انتخابية.
الانتقاد/ مقالات ـ العدد 1153 ـ 17 آذار/مارس 2006
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018