ارشيف من : 2005-2008
تفاصيل تنشر لأول مرة: التنفيذ تأجل ثلاث مرات:الوهم المتبدد.. الإعداد استمر عدة أشهر
غزة ـ عماد عيد
أربع مرات حاولت استخبارات جيش العدو كشف تفاصيل عملية الوهم المتبدد.. فقد كانت الاستخبارات تمتلك معلومات مؤكدة جمعتها عن طريق رصد الاتصالات الهاتفية بين المقاومين، والتي تتحدث عن هجوم محتمل مركزه معبر كرم أبو سالم أو كما يسميه الإسرائيليون "كيرم شالوم"...
الجيش الصهيوني اغتال قائد لجان المقاومة الشعبية جمال أبو سمهدانة في الثامن من هذا الشهر (حزيران/ يونيو)، وقال إنه كان على وشك الإشراف على عملية كبيرة ضد الاحتلال وجنوده، ثم عاد وأغلق معبر كرم أبو سالم مرتين خلال أسبوع واحد بداعي ورود إنذارات أمنية ساخنة، وقبل العملية بيوم واحد اعتقل جيش العدو شقيقين من عائلة أبو معمر على الخلفية نفسها، لكن في النهاية خرجت العملية للنور.
يقول أبو مالك، أحد القادة البارزين في لجان المقاومة الشعبية، إن الإعداد للعملية استغرق عدة أشهر شملت رصد مواقع الاحتلال ومواعيد الدوريات وعدد الأفراد الموجودين في المواقع.
وأضاف: ثلاث مرات توقف تنفيذ العملية في اللحظة الأخيرة لأن المعلومات كانت تشير إلى تغيير في خطة عمل الجيش الإسرائيلي، لكن في الوقت المناسب خرجت العملية إلى النور.
وقال أبو مالك "إن القائد الشهيد جمال أبو سمهدانة كان واحدا من عدة شخصيات قيادية في الجهاز العسكري للتنظيمات الثلاثة المشاركة الذين أشرفوا على العملية "إلا أن الله سبحانه وتعالى قدر للراحل العظيم أن تثمر غراسه بعملية شهد لها القاصي والداني بالتميز والنوعية".
وكشف القائد في لجان المقاومة أن تنفيذ الجزء الخاص باقتحام الموقع من قبل الاستشهاديين لم يستغرق سوى دقائق قليلة تمكن خلالها المقاومون من الإجهاز على جنود الموقع والعودة ومعهم الجندي جعاد شافيت، وان عشرات المقاومين من وحدة الإسناد شاركوا في العملية وكان لهم دور يوازي دور الاستشهاديين في العملية حيث أربكوا جنود الاحتلال وسهلوا الطريق لعودة المقاومين.
واستطرد مضيفا حول تفاصيل العملية ان المقاومين تمكنوا من الوصول إلى الموقع العسكري الصهيوني بطريقة رأى أن الوقت غير مناسب للحديث عنها، لأنها قد تستخدم مرة جديدة ان لزم الأمر: "لقد انقسم المقاومون السبعة الى ثلاث مجموعات لمفاجأة جنود الاحتلال وهم يحملون قذائف صاروخية وأسلحة رشاشة وعبوات ناسفة تمكنوا من زرع إحداها أسفل دبابة إسرائيلية، وتمكنوا من اقتحامها وقتل وإصابة من فيها، وهاجموا الموقع العسكري الواقع على نقطة التقاء قطاع غزة بمصر وبالأراضي المحلتة عام ثمانية وأربعين".
وتحدث القيادي عن أن المقاومين السبعة نجحوا في مفاجأة الجنود، وان الاشتباك الوحيد الذي وقع في البداية هو بين الشهيد حامد الرنتيسي مع جنود كانوا في برج المراقبة قبل أن يتدخل الشهيد محمد فروانة ويستشهد في الاشتباك نفسه، فيما كان الهدف أن يتسلق المقاوم برج المراقبة ويكمن لحين حضور التعزيزات، لكن إرادة الله شاءت أن تتوقف العملية عند هذا الحد من النجاح الذي مكن المقاومين الخمسة الآخرين من العودة عبر طريق تم إعداده مسبقا حيث كانت الخطة تقضي بعودة الاستشهاديين جميعا مع احتمال استشهادهم جميعا, وقد عاد آخرهم بعد أربع ساعات تقريبا من بدء العملية دون أن يجرؤ جيش الاحتلال على الدخول إلى قطاع غزة وملاحقتهم.
وعن هوية المنفذين وطريقة اختيارهم قال أبو مالك: إن كل تنظيم رشح أعضاءه بعد أن تم تدريبهم جيدا، وكانوا من أكثر الشباب حبا للشهادة، مشيراً إلى أن اختبارات عملية جرت لهم خلال عمليات الاجتياح التي كانت تنفذ في السابق داخل المخيمات الفلسطينية والتي تشهد على شجاعتهم.
وقال: "إن الشرط الاساسي هو تمتعهم بروح قتالية عالية وإرادة تقرأ من اسم الوهم المتبدد.. فقد كان لديهم إيمان بأنهم المنتصرون، وكانوا متيقنين من أنهم سيستطيعون في هذه العملية قهر تحصينات العدو والإثبات له انه لن يكتب له البقاء على أرضنا.. وبهذه القدرات الروحية مع التدريب المميز نجحت العملية".
وحول الشروط التي وضعتها فصائل المقاومة للإفراج عن الجندي المختطف قال أبو عدنان إن هذه الشروط لا رجعة عنها، وهي شروط أولية ستتلوها شروط مقابل الإفراج عن الجندي، ونسأل الله أن يوفقنا في الإفراج عن الأسرى والأسيرات، وأن نوقف نزيف المعاناة التي يعيشونها.
العملية التي استمرت حسب المراقبين للأوضاع نحو أربع ساعات فقد فيها جيش الاحتلال توازنه ولم يدرك أن جنديا من جنوده قد فقد إلا بعد نحو ساعتين، فقد كان المقاومون يرتدون الزي نفسه الذي يرتديه جنود الاحتلال ويحملون الأسلحة نفسها التي يقاتل بها جيش الاحتلال حيث اختلط الأمر على جنود الاحتلال ولم يكتشفوا غياب أحدهم إلا بعد وقت طويل.
المقاومون وحسب بعض التقديرات دخلوا عن طريق نفق يمتد أكثر من خمسمئة متر، وفاجأوا جنود الاحتلال من الخلف، فيما نفذت قوة الإسناد هجوما أربك جنود الاحتلال وشتت نظرهم ليتم أسر الجندي وهو بحالة صحية جيدة الى القطاع بطريقة يعتبر المقاومون ان الوقت مبكر للحديث عن تفاصيلها، إلا أن تحقيقات الجيش الصهيوني أثبتت انه خرج ماشياً على قدميه في حين كان لبعض العبوات التي زرعها المقاومون في طريق دخولهم أثرا كبيراً على تردد الجيش في متابعة المقاومين خشية اصطيادهم، ليسجل المقاومون نصراً كبيراً أذهل كيان العدو برمته.
الانتقاد/ خاص ـ العدد 1168 ـ 30 حزيران/يونيو 2006
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018