ارشيف من : 2005-2008

ضغوطات سياسية تتزامن مع البحث عن معلومات استخبارية

ضغوطات سياسية تتزامن مع البحث عن معلومات استخبارية

أمطار الصيف لغسل العار في كرم أبو سالم‏

غزة ـ "الانتقاد"‏

البحث عن الجندي الصهيوني في قطاع غزة كالبحث عن إبرة صغيرة في كومة من القش وأصعب.. فهذا الجندي إن ثبت انه موجود في قطاع غزة فهذا يعني أن أمام جيش العدو مهمة تبدو شبه مستحيلة في إخراجه حيا على الأقل من خلال التجارب التي خاضها المقاومون في الضفة والقطاع والتي انتهت جميعها بالفشل في تحريرهم أحياء، لكن الأمر مختلف في قطاع غزة الذي يبدو بعيدا عن سيطرة جنود الاحتلال على الأقل داخل المخيمات المكتظة بالسكان.‏

حكومة الاحتلال وضعت خيارات عديدة للإفراج عن الأسرى أولها الضغط السياسي على السلطة الفلسطينية ورئيسها محمود عباس لإجباره على العمل على الإفراج عن الجندي، وقد استجاب عباس للطلبات الصهيونية، واجتمع يوميا برئيس الحكومة الفلسطينية إسماعيل هنية للبحث في هذه القضية دون التوصل إلى نتائج حتى اللحظة. لكن الرئيس الفلسطيني لم يكتف بمقابلة هنية بل أوعز إلى أجهزة الأمن الفلسطينية بالبحث عن الجندي وهو ما يزيد من الأعباء الملقاة على عاتق المقاومين، فإخفاء الجندي عن عين "إسرائيل" برغم صعوبته ممكن، لكن إخفاءه عن عيون الفلسطينيين أمر فيه مخاطرة.‏

على أن الضغوط تشارك فيها عدة أطراف دولية أبرزها فرنسا التي يحمل الجندي جنسيتها، ومصر التي تلعب دور الوسيط بخبرة كافية مارستها من خلال المساعدة على الإفراج عن أشلاء الجنود الستة في حي الزيتون قبل نحو عامين.‏

المحور الثاني الذي تستخدمه "إسرائيل" هو الضغط على مجمل الشعب الفلسطيني من خلال إغلاق جميع المعابر المؤدية إلى قطاع غزة سواء التي تربطه بالأراضي المحتلة عام 1948، أو معبر رفح الدولي نقطة الاتصال الوحيدة مع العالم بالإضافة إلى إغلاق الساحل بالتزامن مع نشر مصر لألفين وخمسمئة عنصر امني لمنع نقل الجندي إلى خارج القطاع عبر أراضيها، لكن الأخطر هو التهديد بالقيام بعملية عسكرية واسعة النطاق في قطاع غزة على أربع مراحل بدأت من سلسلة من القصف الجوي لأماكن مفتوحة، ثم قصف منشآت ومؤسسات حكومية، ثم اغتيال قيادات وأخيراً تنفيذ عملية توغل واسعة، وتقسم القطاع مجددا إلى عدة أقسام يتم استخدامها في عملية التوغل المحدودة وذلك في عملية يطلق عليها أمطار الصيف، والتي تحاول من خلالها قوات الاحتلال غسل عارها في معبر كرم أبو سالم، وقد نفذت قوات العدو اعتداءات على الجسور في قطاع غزة كما قصفت محطة الكهرباء الرئيسية.‏

المحور الثالث وهو الأهم في نظر الجيش الاسرائيلي وهو الحصول على معلومات استخبارية قد ترشد إلى مكان الجندي فيتم إنزال وحدة كوماندوس خاصة لإنقاذه، وهذه الوحدة قد جهزت بالفعل لكنها لا تملك المعلومات الكافية حول مكان الجندي برغم التسريبات التي تطلقها الاستخبارات الصهيونية من حين لآخر حول معرفتها لمكان الجندي لإرباك المقاومين ودفعهم إلى تغيير مكانه فيتم رصدهم عن طريق الطائرات التي لا تغادر سماء القطاع.‏

على الجانب الآخر يقف المقاومون الفلسطينيون رافضين الحديث في الإفراج عن الجندي المختطف أو حتى إعطاء معلومات عن مصيره إلا مقابل الإفراج عن مئة وثماني فتيات فلسطينيات معتقلات في سجون الاحتلال والإفراج عن 313 طفلا فلسطينيا معتقلين في سجون الاحتلال، وذلك قبل طرح باقي الشروط التي يتوقع أن تشمل أعدادا أخرى من المعتقلين خاصة من ذوي الأحكام العالية.‏

الفصائل التي تحتجز الجندي تتعرض لضغوطات من نوع آخر وهي من أهالي المعتقلين والمعتقلين أنفسهم والتي تطالبهم بعدم التراجع على الإطلاق في القضية لأنها الأمل الوحيد للإفراج عنهم، وقد بدأت الفصائل الفلسطينية نشاطات مكثفة لحماية القطاع من اجتياح محتمل حيث نشر المقاومون عدداً من السيارات المفخخة في الطرقات المؤدية للمخيمات الفلسطينية مع أعداد من الاستشهاديين الجاهزين لمواجهة الاحتلال، في حين كانت الكثبان الرملية تقام في كل الطرقات وهي مزروعة بالألغام لحماية المخيمات التي يتوقع أن تشهد معركة لا سابق لها إن فكر جيش الاحتلال باقتحام غزة.‏

الانتقاد/ مقالات ـ العدد 1168 ـ 30 حزيران/يونيو 2006‏

2006-10-30