ارشيف من : 2005-2008

عزل الأغوار:مصادرة ثلث مساحة الضفة

عزل الأغوار:مصادرة ثلث مساحة الضفة

جنين ـ علي سمودي‏

في غمرة انشغال الفلسطينيين في تشكيل الحكومة والوضع السياسي المعقد، ووسط تصاعد الحرب الإسرائيلية عليهم وتفاقم أوضاعهم المأساوية, التي يترافق معها انشغال العالم عن قضيتهم, أعلنت حكومة الاحتلال عن أخطر مخطط استيطاني توسعي لعزل وفصل منطقة الأغوار الفلسطينية التي تشكل ثلث مساحة الضفة الغربية وسلة الغذاء الفلسطينية، وشرعت بخطوات عملية لتنفيذ القرار الذي اعتبرته الأوساط الفلسطينية محاولة لفرض سياسة أمر واقع جديد عليهم، بما يكرس احتلال الأغوار ويعتبر مقدمة لترسيم الحدود من جانب واحد يسلب مساحات واسعة من أخصب أراضي فلسطين.‏

الحرب الإسرائيلية على سلة فلسطين الغذائية ـ يقول عقاب دراغمة رئيس بلدية طوباس ـ بدأت تأخذ أشكالاً جديدة بهدف تحقيق مآرب قديمة تتمثل في الاستيلاء عليها وحرمان أصحابها الشرعيين من استغلالها.‏

مخطط قديم جديد‏

فمنذ نكبة عام 1948 كانت منطقة الأغوار في مقدمة أولويات الاحتلال، نظرا لأهميتها الحدودية والسياسية والاقتصادية، كما يقول محافظ جنين قدورة موسى.. فمنطقة الأغوار من شمالها حتى جنوبها تشكل ثلث مساحة الضفة، وهي سلة غذاء فلسطين، لذلك شرع الاحتلال في تنفيذ مخطط استعماري متكامل للاستيلاء على هذه المنطقة وتهويدها. وعلى سبيل المثال فإن أراضي طوباس ملك للشعب الفلسطيني برغم محاولات التهويد، وهي تتوزع على النحو التالي: 140 ألف دونم أراضي ملكية خاصة، و165 ألف دونم أراضي حرجية لمديرية الزراعة، وما تبقى هي أراضي خزينة دولة.‏

بدأت الهجمة الصهيونية في أراضيها الشفاغورية منذ عام 1949، حيث سيطر الاحتلال على 45 ألف دونم من أجود الأراضي. وفي الفترة بين عامي 1967 و1968 أغلق الاحتلال أكثر من 140 ألف دونم من أراضيها المحاذية للأردن، ويوجد 80 ألف دونم من أراضي طوباس المحاذية للأردن، كما دُمر في المنطقة 140 ألف مشروع ريّ على امتداد النهر، وأزيلت جميع المنشآت الزراعية والأبنية والمضخات والمدارس وكل ما يتعلق بالتجمعات السكانية.‏

وفي عام 1968 أغلقت قوات الاحتلال 140 ألف دونم من أحراج ومراعي واسعة مملوكة ملكية خاصة، حيث عملت "إسرائيل" على وضع مساحات وجعلها ساحات رماية للتدريب العسكري. وكذلك الأمر بالنسبة الى منطقة بردلا، اذ قامت بتدمير مشاريع الري وإزالة جميع التجمعات السكانية. كما أُغلقت خمسة آلاف دونم من أراضيها الزراعية التي يوجد فيها 14 نبع ماء و8 آبار ارتوازية، وقامت شركة مكوروث الإسرائيلية بحفر بئر ضخمة جفت إثرها الآبار، وسيطرت على بئر بردلا، بمعنى أن أكثر من مليون متر مكعب تُضخ لـ"إسرائيل" سنويا، بينما تعيش المنطقة وسكانها معاناة بالغة.‏

إجراءات احتلالية‏

فالاحتلال أعلن الحرب على أهالي المنطقة بإجراءاته المختلفة، فقد شرع في تضيق الخناق عليهم حتى يحرمهم من المياه، وذلك كما يقول عمرو دراغمة رئيس لجنة مواجهة الاستيطان، لإجبارنا على الاستسلام والرضوخ والهجرة وتنفيذ مآربه وأطماعه القديمة الجديدة، فالاحتلال يضيق على السكان، ويسعى بكل السبل لمصادرة أراضي الأغوار، إلا أن ثبات أهلها وصمودهم أفشل هذه المخططات.‏

على امتداد البصر من طوباس حتى نهر الأردن شرقا ـ يقول أحمد أسعد مدير مكتب المؤسسات الوطنية في طوباس ـ تحتضن الجبال والسهول منطقه الأغوار التي تشكل ثلث مساحة الضفة الغربية التي تعتبر 80% من أراضيها زراعية، وتشكل أخصب المناطق في فلسطين حيث جودة التربة واعتدال المناخ. ولعل هذه المميزات ـ يضيف ـ إضافة لموقعها الاستراتيجي وتماسها مع الأردن، جعلها بؤرة اهتمام على مدى التاريخ القديم والحديث، حيث شكلت طوباس عمقاً استراتيجياً للأمن الغذائي, لما اشتملته من مخزون مائي جوفي وينابيع وتربة خصبة تصلح للزراعة في كل المواسم.‏

فسهولها تمتاز بجودة منتجاتها من المحاصيل البعلية والمروية، كما ان الله حباها بالجبال التي اشتهرت بزراعة اللوزيات الصالحة للمراعي، لذلك كله يقول أسعد: كانت طوباس محط أطماع "إسرائيل" بعد نكسة حزيران في عام 1967، فباشرت بمصادرة ونهب الأراضي الحدودية بعمق طويل لتشكل خط الدفاع مع الأردن ولإحكام سيطرتها على المنطقة التي اعتبرتها استراتيجية، فسرّعت من بناء المستوطنات وبشكل خاص الزراعية.‏

ويوضح ان الهدف الإسرائيلي تمثل في تأمين المخزون الغذائي للدولة العبرية، نظرا لاتساع مساحة الأراضي وجودة الأصناف الزراعية، فرصدت الحكومات المتعاقبة ميزانيات خاصة لإقامة مشاريع زراعية استراتيجية أصبحت السوق الإسرائيلية تعتمد عليها، خاصة في المحاصيل البعلية والنخيل والموز، وهكذا أصبحت المستوطنات مراكز زراعية وصناعية، ما انعكس سلبا على المزارع الفلسطيني.‏

تكثيف الهجمة الاحتلالية‏

ولكن معاناة المزارع الفلسطيني تفاقمت وقطاع الزراعة تأثر بشكل أكبر بعدما صادرت قوات الاحتلال الآبار الجوفية وجففت ما تبقى منها لمنع الفلسطينين من استخدامها.‏

يقول رئيس بلدية طوباس إن الخطة الإسرائيلية ركزت على التحكم بالزراعة في منطقة الأغوار، فأصبحت تتحكم بمنابع المياه، وحظرت عليهم حفر الآبار الجوفية. ويضيف: "منذ عام 1967 لم تصدر رخصة واحدة عن الحكم العسكري للسماح بحفر الآبار، وهكذا أصبحت طوباس الغنية بمخزون المياه تعاني أراضيها من شح ونقص، وفرض الاحتلال علينا شراء المياه من شركة مكوروث الإسرائيلية التي غدت تتحكم بالكميات وتمارس الوجه الآخر للمخططات الإسرائيلية لتدمير القطاع الزراعي.‏

ومنذ بداية انتفاضة الأقصى قطعت الشركة الإسرائيلية المياه عن أراضي الأغوار بشكل متعمد، ما ألحق خسائر فادحة. وخلال العامين الماضيين وجراء هجمة الاحتلال وإجراءاته على امتداد المنطقة مستهدفا شلّها وتدميرها ووضع اليد على ما تبقى من أراضيها، ويقول أسعد إن طوباس وأغوارها كانت من أولى المناطق التي استهدفها الحصار والطوق الذي قسمها الى عدة مناطق وعزل التجمعات السكانية بعضها عن بعض وأغلق 90% من الأراضي أمام المزارعين, فقد أقيمت الحواجز الدائمة بالمناطق الزراعية المهمة، وكذلك أغلقت مساحات واسعة من الأراضي.‏

يقول المزارع عبد العزيز الحاج أحمد: إن الحاجز أدى لتجزئة الأرضي لقسمين وكلاهما لا يمكن دخوله، لأن الجيش أعلن المنطقة عسكرية مغلقة ويطلق النار على كل من يقترب منها.. وخلال عامين لم أتمكن من زراعة أرضي أو الاستفادة منها. وكذلك المزارع أحمد محمد بشارات فإنه يمتلك مساحة كبيرة من الأراضي التي أقام فيها مشاريع زراعية برأس مال كبير، ولكن الطوق والحواجز تسببت بتدمير كل شيء.. ويضيف: "خسارتي لا توصف".‏

آثار الإجراءات الإسرائيلية..‏

وتشهد المنطقة بشكل مستمر نشاطاً دائماً للجيش الذي ينصب حواجز متنقلة في محاور الطرق المؤدية لأراضي الأغوار ويتحكم بحركة وتنقل المزارعين، ولكن الأخطر في إجراءات الاحتلال أن من يتمكن من الوصول لأرضه بحاجة لمعجزة لتصدير منتجاته الزراعية خارج طوباس.‏

ويقول المزارع محمد صالح: "واجهنا إجراءات إسرائيلية صعبة منذ عشرات السنين، ولكن ما نتعرض له اليوم أكبر وأخطر وأصعب.. فبعد حرماننا من استغلال الأراضي, فإن المحاصيل التي نزرعها في الأراضي المتبقية لنا والتي نعول عليها كثيرا لنتمكن على الأقل من الحياة، لا تنتج حتى رأس مالها، فالاحتلال يمنعنا من تسويقها، مذكرا بأن القطاع الزراعي يعتمد على تصريف منتجاته في أسواق الضفة الغربية وقطاع غزة.‏

وأشار رئيس اتحاد الفلاحين جمال مبسلط إلى أن قوات الاحتلال تحتجز الشاحنات وتقوم بإتلاف المحاصيل أو مصادرتها وتمارس بحق أصحاب الشاحنات أساليب قمعية للضغط عليهم للتوقف عن التنقل، وهذه الإجراءات شكلت انتكاسة كبيرة للاقتصاد المحلي الذي تشكل الزراعة عموده الفقري، ونجم عنها دمار غالبية المشاريع الزراعية وتدني أسعار المحاصيل وانضمام المئات من المزارعين لجيش العاطلين عن العمل.‏

حملة واسعة وتوسع استيطاني‏

إضافة لذلك عمد الاحتلال مؤخرا لتدمير مساحات واسعة من البيوت البلاستيكية والمئات من البركسات التي تمتد من قرية بردلة والجفتلك وعين البيضاء حتى أريحا، والتي تشكل عصب الحياة للفلسطينيين.‏

وقال المزارع محمد صوافطة إن قوات الاحتلال شرعت منذ مطلع العام الجاري بتنفيذ خطوات عملية في سياق مخطط تدمير القطاع الزراعي في الأغوار، وذلك من خلال طرد المزارعين ومنعهم من دخول أراضيهم.. في وقت نشطت حركة التوسع الاستيطاني في المنطقة.‏

ويقول بلال ضراغمة من لجان مواجهة الاستيطان: إن السلطات عملت على توسيع حدود المستوطنات في الأغوار خاصة الزراعية منها، فصودرت آلاف الدونمات خاصة في محيط مستوطنات مخولا وأشدموت وشيلح والحمرا وروعيه والبقيعة وضُمت اليها, مشيرا إلى قيام الاحتلال بمصادرة آلاف الدونمات لإقامة جدار الفصل العنصري في الجهة الشرقية في المنطقة.‏

وقال: إن تنفيذ هذا المخطط يعني عزل وفصل منطقة الأغوار عن الضفة بشكل كامل، وهذا يعني تحقيق مخطط الاستيلاء على سلة فلسطين الغذائية الى الأبد.‏

في المقابل صعّدت قوات الاحتلال من هجمتها الاستيطانية لتبلغ ذروتها في مطلع شهر شباط، عندما سلمت السلطات أصحاب المواشي إنذارات لجميع السكان بإخلاء المنطقة فورا.‏

وأفاد رئيس بلدية طوباس ان السلطات أتبعت ذلك بعملية هدم واسعة لبيوت و"بركسات" أصحاب المواشي، إضافة لمصادرة المعالف وصهاريج المياه، مهددة بالقضاء على الثروة الحيوانية في البقيعة بشكل مطلق.‏

حرمان من التطوير..‏

وفي الوقت الذي تتوسع فيه المستوطنات، فإن قوات الاحتلال ما زالت تحرم جميع المناطق الواقعة في الأغوار كقرية بردلة من إقامة مشاريع البنية التحتية. وقال علي رضوان رئيس لجنة المشاريع إن القرية مقامة قبل الاحتلال، ولكن بلمح البصر أقيمت المستوطنات ووفرت لها كل المرافق ومقومات الحياة الأحدث، بينما ما زالت شوارعنا مدمرة ونفتقر للمياه والكهرباء والمجاري. وقال سامي صادق رئيس لجنة مشاريع العقبة: إن قرية العقبة تعيش واقعا كالعصور الوسطى, بينما المستوطنات التي لا تبعد عنها سوى أمتار تنعم بخيرات الأغوار.. وأهالي العقبة يعيشون بلا مراكز صحية أو مدارس، وتنعدم فيها جميع مشاريع البنية التحتية. وتعتبر قرية البقيعة من أهم مناطق الأغوار، لأنها تعد مركزاً للثروة الحيوانية لما تحتويه أراضيها من مراعٍ جذبت قطاعاً واسعاً من المزارعين الذين أقاموا مناطق رعوية، ولذلك كانت في مركز الاستهداف الإسرائيلي كما يقول مبسلط، فقد مورست عدة أساليب للسيطرة عليها وترحيل المزارعين منها، من إغلاق مناطقها تحت ذريعة الأمن والتدريبات الى ملاحقة المزارعين ومصادرة مواشيهم.‏

وقال المزارع خليل يوسف: "هذه ليست حياة، عصرونا بالطوق وحرمونا من العمل، لذلك أقمت مشروع تربية ثروة حيوانية بعد الحصول على قرض كبير من البنك، ولكن خسارتي تتضاعف بإغلاق المنطقة ومنعنا من رعي الماشية".‏

وبحسب رئيس المجلس البلدي في طمون فإن الواقع فيها لا يختلف كثيرا، فقد صودرت 60% من مساحة أراضيها التي حوصرت بعشرة معسكرات للجيش والنشاط الاستيطاني، وحملات التضييق على الأهالي مستمرة، كما حظر الاحتلال على رعاة الماشية استخدام المنطقة، وهذا يعني مصيبة كبيرة على حد تعبيره، فهناك خطر كبير يتهدد الثروة الحيوانية لأنه يوجد في طمون 27 ألف رأس غنم. وأشارت لجنة مقاومة الاستيطان إلى أساليب أخرى تستخدم للتوسع الاستيطاني، ذكر عمرو أن أبرزها المناورات العسكرية التي تجري على مدار أيام السنة.. فتحت ذريعة التدرب تقوم السلطات بإغلاق مساحات واسعة من الأراضي التي يعلن عنها مغلقة عسكريا وتصادَر، حتى أصبحت أكثر من 20% من أراضي الأغوار عسكرية. كما أن لهذه العمليات نتائج أكثر خطورة، فقد استُشهد وأصيب العشرات بسبب الانفجارات التي تنجم عن مخلفات الجيش الذي يتعمد زرع الأجسام المشبوهة لمنع الأهالي من استخدام المنطقة.‏

الهجمة الاستيطانية‏

وكان الاستيطان أحد أبرز أشكال السيطرة على الغور.. يقول محافظ جنين: أقيم في هذه المنطقة 27 مستوطنة تبدأ من ميحولا في أقصى الشمال في منطقة طوباس إلى مستوطنة متسيه شاليم في محافظة بيت لحم، والتي تقع على الشاطئ الغربي للبحر الميت.. وهذه المستوطنات بُنيت حسب خطة آلون بهدف السيطرة على الأغوار لقربها من نهر الأردن الذي يمثل الحد الشرقي للضفة الغربية، حيث المسافة بين هذه المستوطنات ونهر الأردن من واحد إلى 6.5 كيلو متر. كما تتمركز هذه المستوطنات قرب السفوح الشرقية للمرتفعات الوسطى نابلس والقدس والخليل وخلفها، والسهل الخصيب أمامها، كما أنها تسيطر على مساحات واسعة من الأراضي ما بين مناطق عمرانية ومناطق أمنية تجعل منها عبارة عن سلسلة متشابكة من البؤر الاستيطانية في هذه المنطقة المهمة اقتصادياً واستراتيجياً، حيث تمثل هذه المستوطنات خط الدفاع الأول من الشرق، كما أنها تجعل هذا المحور يشكل حاجزا بين التجمعات السكانية الفلسطينية في الداخل وامتدادها شرق النهر، وبالتالي المحيط العربي، وهذا هو الهدف الاستراتيجي من وراء إقامة المستوطنات، إضافة إلى منع أو إعاقة أي عملية تسلل لأي قوة عسكرية قادمة من الشرق، ليتولى الهجوم المغاير ضد أي هجوم محتمل من الجانب العربي.‏

خطوات جديدة‏

واستمراراً للمخطط الإسرائيلي الرئيسي الهادف الى الاستيلاء الكامل على أراضي الأغوار، لجأت قوات الاحتلال الى أسلوب المراحل ـ كما يقول دراغمة رئيس بلدية طوباس ـ التي توصلها لإعلان خطة الفصل عن الجسم الفلسطيني. ومنذ عام 2000 قامت قوات الاحتلال بعدة خطوات عزلت الأغوار عن محيطها الفلسطيني، منها إقامة جدار الفصل العنصري وإقامة الحواجز في الحمرا وتياسير، وإغلاق معبر بردلة وغيرها من الإجراءات التي فُرضت على أبناء الشعب الفلسطيني العزّل. ولم تكتفِ بذلك، بل قامت بتدمير أكبر في البنية التحتية من خلال تجريف الطرق وتدمير المنشآت الزراعية وقتل الحيوانات وحرق المحاصيل ومنع التسويق وتدمير البسطات وقلع الأشجار.. ثم كانت الخطوة الأشد حظر دخول المنطقة والإقامة فيها إلا لمن يحمل هوية الأغوار، وإصدار المزيد من الإنذارات لترحيل المزارعين ومصادرة أراضيهم بقرارات عسكرية.. كل ذلك كان مقدمة لعزل المنطقة من خلال الحواجز.‏

أبعاد الخطة‏

وينظر الفلسطينيون بخطورة بالغة الى هذا المخطط الذي وصفه دراغمة رئيس بلدية طوباس بأنه تكريس لسياسة التهويد والضم للمنطقة، وبداية لترحيل أصحابها الشرعيين، مؤكدا أهمية تحرك السلطة الفلسطينية السريع قبل فوات الأوان للتصدي للمخطط الذي وصفه المحافظ موسى بأنه يشكل نهاية سريعة وقاتلة لأي عملية سلام في الشرق الأوسط.. فالعزل والفصل جزء من مخطط قديم ينفذ بوتيرة متسارعة، لأن الأغوار تشكل العمق الاستراتيجي لفلسطين والفلسطينيين من ناحية زراعية واقتصادية وتنموية واجتماعية وسياسية، وهي اتصالنا الوحيد مع العالم.‏

لذلك فإن آليات التحرك ستركز على كل المناحي، أولا نضاليا حيث شُكلت لجنة وطنية للتصدي للمخطط باشرت ببرنامج وطني نضالي للمواجهة وتأكيد التمسك بالأغوار.. وسيكون هناك أوجه مختلفة للدفاع عن أرضنا مهما كان الثمن. وعلى الصعيد الشعبي يستمر التصعيد والتعبئة الجماهيرية لحشد كل القطاعات للمواجهة.. أضف الى ذلك التحرك العربي والدولي لمطالبة المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته ومنع "إسرائيل" من فرض مخططاتها التي تمهد للخطة الرامية لفرض الحدود المؤقتة للدولة الفلسطينية في كانتونات معزولة بعد ضم القدس والغور وإسقاط ملفات اللاجئين والمستوطنات والمياه, فالاحتلال يريد تقطيع أوصال الضفة ثلاث مناطق رئيسية محاصرة بحواجز وسواتر وأنفاق وقنوات، لتتحول الضفة الى كانتونات معزولة وليُقضى على التواصل الجغرافي بين أجزاء الدولة.‏

الانتقاد/ تحقيقات ـ الانتقاد1155 ـ 31 آذار/مارس 2006‏

2006-10-30