ارشيف من : 2005-2008
أطفال فلسطين في يومهم: خنق المستقبل.. ومعتقلون بعمر الورود
يحاول الكيان الصهيوني القضاء على الانتفاضة الفلسطينية بأساليب عدة، ولكن الأخطر منها هو ما يتناول الأطفال الفلسطينيين. ففي يوم الطفل الفلسطيني أصدر نادي الاسير الفلسطيني تقريراً ضمنه أبرز ما يتعرض له أطفال فلسطين، حيث يمارَس العنف والانتهاكات بحقهم على مرأى ومسمع العالم وجمعية حقوق الانسان والطفولة، وليس من معين لهؤلاء الأطفال القابع بعضهم في عتمات الزنازين بدل الذهاب الى المدارس.
ماذا في التقرير:
اعتقلت قوات الاحتلال الصهيوني منذ بدء انتفاضة الاقصى ما يقارب 4.000 طفل فلسطيني بقي محتجزاً منهم 350 تتراوح أعمارهم بين 13 و 18 عاما. وقد تعرّض العديد منهم خلال فترة اعتقالهم لأنماط متنوعة من التعذيب والإهانة والمعاملة القاسية منذ لحظة إلقاء القبض عليهم والطريقة الوحشية التي اقتيدوا بها من منازلهم في ساعات متأخرة من الليل، والمعاملة المهينة التي تعرضوا لها أثناء نقلهم للمعتقلات أو مراكز التحقيق، إضافة إلى طرائق التحقيق القاسية التي تمارس ضدهم، وإجراءات المحاكم التعسفية وغير العادلة بحقهم.
التقرير المفصل لنادي الاسير الفلسطيني يتناول اعتقال الأطفال على أيدي قوات الاحتلال الاسرائيلي وسياسة الاعتقال والتعذيب وتأثيرها على هؤلاء الأطفال. وأما أبرز هذه النقاط الخمس فهي السياسة الإسرائيلية في اعتقال الأطفال الفلسطينيين والطرائق المتبعة في ذلك.
يشير التقرير إلى انه من خلال إفادات المعتقلين الأطفال الذين تمت زيارتهم في اماكن حجزهم تبين ان الجيش الاسرائيلي وأجهزته الامنية قد اتبع عدة طرائق في اعتقالهم، اذ ان بعض الأطفال الفلسطينيين اعتقلوا من الشارع لمجرد الاشتباه بإلقائهم الحجارة على دورية عسكرية او سيارة امنية اسرائيلية (مثلما حدث اثناء اعتقال الطفل ايهاب خميس منصور من مواليد مخيم بلاطة عام 1985، الذي اعتُقل من الحي الذي يسكن فيه بعد قيام مجموعة من الشبان بإلقاء حجارة على الجنود الاسرائيليين، وذلك بتاريخ 16/1/2002).
إضافة إلى حالات تم اعتقالها اثناء مرورها على الحواجز الاسرائيلية بسبب ورود اسمائها على لوائح المطلوبين الموزعة على افراد الامن الاسرائيلي.
معظم الحالات تم اعتقالها من قبل جهاز المخابرات الاسرائيلية بتنسيق مع وحدات الجيش، حيث دوهمت منازل الأطفال في ساعات متأخرة من الليل بطريقة وحشية تثير الرعب والخوف في نفوس افراد عائلة المعتقل، ويُفتش المنزل ويُعبث بمحتوياته، وأحياناً تُحطم ابوابه وربما تُفجر، حيث يتم اخراج سكان المنزل وسبحهم الى الخارج والتدقيق في هوياتهم وتفتيشهم جسدياً، ومن ثم يلقى القبض على الطفل المنوي اعتقاله. وعادة ما تُقيد يداه بكلبشات بلاستيكية او معدنية وتُعصب عيناه على مرأى من افراد عائلته، ويجري اقتياده الى جهة مجهولة (مثلما حدث اثناء اعتقال الطفل عاصف محمود ابو الرب من مواليد قباطية/ جنين، الذي دوهم منزله الساعة الواحدة والنصف بعد منتصف الليل بتاريخ 14/12/2005، فأُخرج جميع افراد اسرته وألقي القبض عليه من بينهم، وكُبلت يداه وعُصبت عيناه واقتيد الى معسكر سالم.
وكذلك الحال اثناء اعتقال الطفل رأفت محمد محمود صلاح من بلدة الخضر/ بيت لحم، والبالغ من العمر 15 سنة. حيث تم محاصرة بيته من قبل قوات الجيش والمخابرات الاسرائيلية يوم 20/11/2005 واعتقاله بعد الاعتداء عليه بالضرب المبرح بالهراوات وأعقاب البنادق امام افراد اسرته. اما الطفلة خولة عبد الله سليمان حشاش من مواليد مخيم بلاطة فقد اعتقلت مع ابيها بتاريخ 10/4/2003 الساعة الثالثة والنصف صباحاً، بعد ان دوهم بيت أهلها وفُتش تفتيشاً دقيقاً).
المعاملة المهينة والقاسية
بعد الاعتقال مباشرة يتم اقتياد الأطفال المعتقلين ونقلهم مكبلي الايدي ومعصوبي الاعين الى مراكز الاعتقال والتحقيق، حيث ثبت انهم تعرضوا للاعتداء والضرب والشتم من قبل الجنود الذين رافقوهم في طريقهم وأثناء نقلهم الى هذه المراكز. وقد افاد الطفل سليم صابر سليم سالم من مواليد طولكرم ان الجنود الاسرائيليين بعد اعتقاله من بيته الساعة الثانية صباحاً يوم 11/2/2003، وأثناء نقله الى مقر الارتباط الاسرائيلي في طولكرم، انهالوا عليه بالضرب بقبضات الايدي والارجل بعد ان كبلوا يديه بكلبشات بلاستيكية وعصبوا عينيه. كذلك أفاد الطفل بلال محمد سعيد السعدي من جنين الذي تم اعتقاله الساعة الرابعة صباحاً من بيته بتاريخ 5/12/2002، بأن جنود الاحتلال قاموا بالاعتداء عليه بالضرب المبرح مستخدمين أعقاب البنادق والخوذ الحديدية، وذلك اثناء نقله الى معسكر سالم بعد اعتقاله مباشرة، وما زال السعدي يعاني من حالة نفسية صعبة جداً، وهو الآن رهن الاعتقال الاداري في سجن النقب الصحراوي.
كما أفاد العديد من الأطفال المعتقلين ان القيود البلاستيكية التي يستخدمها الجيش الاسرائيلي مؤذية جداً، وأحياناً تنغرز في الجلد مسببة آلام شديدة وتورم، وقد يصل الامر الى درجة إحداث نزف دموي، وأن هؤلاء الأطفال قد تعرضوا للشبح المتواصل ساعات طويلة، حيث كانت ايديهم مكبلة وأعينهم معصبة، ولم يسمح لهم بشرب الماء او تناول الطعام او قضاء الحاجة.
التحقيق والتعذيب
يُنقل الطفل بعد اعتقاله الى احد مراكز التحقيق او التوقيف العسكرية (معسكر عوفر، بيت ايل، عتصيون، سالم، قدوميم، حوارة)، او الى اي من مراكز التحقيق التي تخضع مباشرة لاشراف جهاز المخابرات العامة، حيث يتعرضون خلال حجزهم لأنماط مختلفة من التعذيب والإهانة منها:
ـ الضرب على جميع أنحاء الجسم، وخاصة في المناطق العليا والرأس.
ـ الهز بشكل متكرر، الامر الذي يعرض الطفل الى فقدان الوعي والاغماء، كما حدث مع الطفل مجدي عيسى من مواليد الخضر/ بيت لحم، الذي اعتقل من بيته يوم 18/1/2002.
-الشبح المتواصل، وذلك بربط الأرجل والايدي وإجبار الطفل على الوقوف او الجلوس ساعات طويلة. (كما حدث مع الطفل محمود راضي عريقات من سكان ابو ديس، والبالغ من العمر 16 سنة، والذي اعتقل في بداية شهر نيسان 2005، اذ تعرض لتعذيب وحشي وقاسٍ اثناء اعتقاله في مركز توقيف معالي أدوميم، حيث قام المحققون بشبحه بطريقة مقلوبة تكون اليدان الى الاسفل والارجل الى الاعلى مدة طويلة.. وتم ربط خصيتيه بحبل وشدها، ما سبب له آلاماً شديدة، اضافة الى إطفاء السجائر على جسده من لإجباره على الاعتراف).
ـ الحرمان من النوم والطعام وقضاء الحاجة.
ـ الإذلال والإهانة وشتم الأطفال بكلمات نابية وبذيئة وتهديدهم بالمساس بأهلهم او بيوتهم.
ـ سكب الماء البارد او الساخن على الطفل اثناء التحقيق معه.
ـ ارسال الطفل الى غرف العملاء لانتزاع الاعتراف منه.
ـ عزل الطفل في زنزانة انفرادية والعمل على ارهاقه نفسياً وجسدياً.
ظروف الحجز والاعتقال والمحاكمات الجائرة
بعد الانتهاء من عملية التحقيق مع الأطفال الفلسطينيين يُنقلون الى احد مراكز الاعتقال الاسرائيلية بانتظار المحاكمة او قضاء مدة حكمهم، وتصدر بحقهم احكام جائرة ويعاقبون بدفع غرامات مالية باهظة تصل في بعض الاحيان الى 15.000 شيكل. ويتضح من خلال متابعات نادي الاسير الفلسطيني ان المعتقلين الأطفال يُحتجزون في عدة سجون هي: تلموند الذي يضم حوالى 127 طفلا، مجدو الذي يضم حوالى 20 طفلا، النقب وفيه حوالى 11 طفلا، عوفر وفيه 90 طفلا، والباقي موزعون على عدة سجون ومعسكرات مثل عتصيون وسالم وحوارة وقدوميم. هذا اضافة الى وجود 7 قاصرات يُحتجزن في سجن تلموند للنساء. ويعيش المعتقلون الأطفال ظروفاً اعتقالية سيئة للغاية من حيث:
ـ حرمانهم من زيارة اهاليهم.
ـ تعرضهم للضغط النفسي والجسدي الناتج عن استمرار احتجازهم.
ـ حرمانهم من وصول الملابس والمواد الغذائية.
ـ حرمانهم من متابعة تحصيلهم العلمي، مع ما يترتب على ذلك من آثار نفسية ومعنوية.
ـ حرمانهم من تلقي العناية الصحية المناسبة.
التأثير النفسي والاجتماعي على الأطفال المعتقلين
لقد تركت ظروف الاعتقال غير الإنسانية والمعاملة المهينة وأساليب التحقيق القاسية، أثراً سلبياً على حياة معظم الأطفال الفلسطينيين الذين اعتقلوا في السجون الاسرائيلية، حيث لم يتوقف تأثير اعتقال الأطفال على الجانب النفسي فقط، بل تخطاه الى جوانب اجتماعية اخرى. وقد افاد العديد من الأطفال الذين تمت زيارتهم بأن الاعتقال تسبب في تراجع مستواهم الأكاديمي، وأن هناك أطفالا معتقلين يعانون من اوضاع نفسية صعبة.. وكذلك هي الحال لدى الأسيرات تحت السن القانوني، واللواتي يشعرن بحالة من الحرمان والعزلة في سجنهن.
الانتقاد/ تقارير ـ العدد 1156 ـ 7 نيسان/أبريل 2006
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018