ارشيف من : 2005-2008

رسائل نارية إلى عباس وحصار سياسي محكم على حكومة حماس

رسائل نارية إلى عباس وحصار سياسي محكم على حكومة حماس

فلسطين المحتلة ـ خضرة حمدان‏

في نهاية نيسان/ إبريل الجاري سيكون الرئيس الفلسطيني محمود عباس في العاصمة النرويجية أوسلو عرابة عملية السلام بين الفلسطينيين والكيان الصهيوني، ويحمل الرئيس في جعبته آلام المرحلة وآمالاً بأن تلعب النرويج مرة أخرى دوراً في حث الصهاينة على مواصلة عملية المفاوضات والابتعاد عن لغة القوة والقصف المتواصل للأراضي الفلسطينية، لا سيما في قطاع غزة.‏

وسيطلب عباس من النرويجيين ممارسة الضغط على الحكومة الإسرائيلية القادمة برئاسة حزب كاديما الصهيوني الفائز بالانتخابات، الذي أراد بدوره توجيه رسائل قوية للرئيس عباس تؤكد له أنه غير معفي بالمطلق من القصف الإسرائيلي طالما واصلت فصائل المقاومة الفلسطينية قصفها بالصواريخ للمغتصبات والمواقع العسكرية الإسرائيلية المحيطة بقطاع غزة، ذلك عدا عن تلميح الكيان الصهيوني بشن حملة عسكرية برية قوية ضد قطاع غزة والضفة الغربية لضرب المقاومة والوصول إلى قواعدها وشل قدرتها على الاستمرار.‏

وبقصف الاحتلال الصهيوني لمهبط الطيران الخاص بالرئاسة والمجمع الأمني الواقع في مجمع أنصار العسكري غربي مدينة غزة في الرابع من الشهر الجاري، أراد الكيان الصهيوني بذلك توجيه عدد من الرسائل للرئيس محمود عباس الذي تبنى بدوره نهجاً من النيات الحسنة والسلوك الإيجابي والتعاون المتواصل مع حكومة فلسطينية تقودها حماس أكبر الكتل البرلمانية، والتي رفضت في برنامجها الحكومي الاعتراف بـ"إسرائيل" في ذات الوقت الذي قادت فيه حماس جولة دبلوماسية خارجية مع بعض الدول العربية والإسلامية والأوروبية مع استمرارها في نهجها المقاوم بجانب الإصلاح والتغيير على الساحة الداخلية الفلسطينية.‏

فقد استهدف الطيران الحربي الإسرائيلي المجمع الأمني الذي يضم عدداً من المقرات الأمنية التابعة للأمن الوطني وأمن الرئاسة الـ17 محدثاً حالة من الإرباك في صفوف المواطنين, الذين هرعوا إلى موقع القصف بعد دوي الانفجارات الشديدة التي أحدثها في مدينة غزة ومحيطها, فيما اضطر جميع العسكريين إلى مغادرة ثكناتهم بناءً على تعليمات تلقوها بعد القصف حفاظاً على سلامتهم.‏

ويأتي قصف المهبط الرئاسي الذي ما زال معطلاً بسبب ما لحق به من قصف مماثل سابقاً في الوقت ذاته الذي تعرضت فيه مناطق شرق غزة وشمال القطاع لقصف بالطائرات والقذائف المدفعية, والتي أسفرت عن سقوط أربعة شهداء وعدد من الجرحى بينهم أربعة أطفال.‏

ويأتي التصعيد الإسرائيلي هذا أيضاً في رسالة موجهة لفصائل المقاومة الفلسطينية وللحكومة الفلسطينية الجديدة بقيادة حماس، مفادها أن استمرار إطلاق صواريخ المقاومة باتجاه المغتصبات الفلسطينية سيواجه برد فعل صهيوني باستهداف منازل المواطنين بالقصف المدفعي الذي عهده الشارع الفلسطيني يطال في معظم الأحيان الأراضي الخالية البعيدة عن التجمعات السكانية والمحاذية للشريط الحدودي والتي توقع أحياناً شهداء وإصابات في صفوف المدنيين، غير أن القصف الأخير يعني أن منازل المواطنين باتت هدفاً مشروعاً للقذائف المدفعية الصهيونية.‏

كما تزامن القصف والتصعيد الإسرائيلي مع جلسة المجلس التشريعي التي أقرت تشكيل 14 لجنة برلمانية لمتابعة مختلف القضايا المدرجة على جدول أعمال المجلس.‏

رئيس الوزراء الفلسطيني اسماعيل هنية اعتبر أن القصف الإسرائيلي هو تصعيد خطير من قِبَل الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني وضد السلطة الفلسطينية وضد الحكومة الفلسطينية، قائلاً إنه استهدف حرماً خاصاً بالرئيس أبو مازن، وان ذلك يعد بمثابة رسالة موجّهة للرئيس أبو مازن والحكومة الفلسطينية بهدف إرباك الوضع الفلسطيني وإرباك الحكومة الفلسطينية والسلطة ومنعها من العمل على متابعة الملفات الداخلية وملفاتها السياسية، والتفرغ لهذا التصعيد الخطير ضد أبناء شعبنا الفلسطيني على حد تعبيره.‏

واتهم رئيس الوزراء الفلسطيني "إسرائيل" من خلال القصف بمحاولة "انتزاع أوراق سياسية من السلطة والحكومة والشعب الفلسطيني"، غير أنّه شدّد على أنّ هذا "التصعيد لن ينجح إطلاقاً في نزع أيّ أوراق سياسية تمسّ الحقوق والثوابت الفلسطينية".‏

وباستهداف الاحتلال الصهيوني للمقارّ الأمنية وخاصة للجهاز الأمني الوطني فإنه بذلك يوجه رسالة أخرى للحكومة الفلسطينية وللرئيس عباس مفادها أن الاحتلال لن يسمح بالمطلق بأن تؤول صلاحيات الأمن الوطني الفلسطيني لحكومة تقودها حماس، وهذا الجهاز هو المسؤول عن المعابر والحدود والتنسيق الأمني بين الجانبين الفلسطيني والصهيوني، عدا عن أن مثل هذا التصعيد الإسرائيلي يعود بالفلسطينيين إلى سياسة الاستفراد الصهيوني بجهة معينة من الشعب وذلك في إطار زرع بذور الفتنة وإثارة الاتهامات المتبادلة على الساحة الفلسطينية الداخلية.‏

وهذه الرسالة التي أرسلت بقصف المجمع الأمني يرفضها الشارع الفلسطيني حيث قال الناطق باسم وزارة الداخلية والأمن الوطني خالد أبو هلال ان القصف ما هو إلا رسالة قديمة جديدة، ويمثل استمراراًً لمسلسل التطاول على حقوق وممتلكات وحياة الشعب الفلسطيني.‏

ورفض أبو هلال المحاولات الإسرائيلية للتدخل في السياسة الداخلية الفلسطينية، متهماً الاحتلال بممارسة العدوان على الأرض الفلسطينية، قائلاً: "إن الأمن الوطني يتبع لوزارة الداخلية حسب ما يحدده الرئيس، وما يحكمنا هو برنامج عمل وطني ونحن ملتزمون بما يصدر عن الرئاسة".‏

ودعا أبو هلال العالم إلى التحرك الفعلي لوقف العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني والضغط الذي تمارسه "إسرائيل" على الحكومة الجديدة.‏

الانتقاد/ مقالات ـ العدد 1157 ـ 7 نيسان/أبريل 2006‏

2006-10-30