ارشيف من : 2005-2008
حكومة أولمرت القادمة: أغلبية مريحة لغاية استحقاق الانسحابات
يحيى دبوق
عادة لا يتمكن أي حزب إسرائيلي من تشكيل الحكومة الإسرائيلية بمفرده، بل يحتاج إلى ائتلاف مع أكثر من حزب، سواء باتجاه حكومة "وحدة وطنية" أو باتجاه ائتلاف من عدة أحزاب يجري التفاهم فيما بينها على الخطوط العامة للحكومة القادمة.. وإذا كان هذا هو الأصل الذي يفرضه واقع الأحزاب الإسرائيلية وقوتها في الكنيست، فإن نتائج الانتخابات الأخيرة لن تسمح للحزب المكلف (حزب كاديما) أن يحيد عن هذا الأصل، وخاصة أن ما حصل عليه من مقاعد هو 29 مقعدا من اصل 120، أي اقل بكثير مما كان يأمله رئيس الحكومة الإسرائيلية بالوكالة إيهود أولمرت، ما يعني انه سيدخل الائتلاف بقوة محدودة تسمح لبقية الأحزاب المرشحة أن تزيد من حجم ابتزازها بالمعنى الواسع للكلمة.
ومع بدء المفاوضات الائتلافية الرسمية اول هذا الاسبوع تمهيدا لإعلان التشكيلة، أصبح واضحا هوية الأحزاب التي ستأتلف في حكومة أولمرت القادمة، خاصة بعد ان خرج حزب الليكود من اصل النقاش، وبالتالي فإن التشكيلة ستكون على الشكل التالي: العمل، الأحزاب الحريدية (شاس و/أو يهدوت هتوراه)، إسرائيل بيتنا، المتقاعدون، إضافة أيضا إلى كاديما، - ما لم يحصل مفاجآت - ما يعني ان الحكومة ستحظى بتغطية 84 مقعدا، هذا بالتأكيد مع مساندة ميرتس (5 مقاعد) في حال اضطر أولمرت لاحقا لتأمين شبكة امان في الكنيست.. ما يعني ان احزاب المعارضة هي: الليكود، والاتحاد القومي – المفدال (12 + 9 مقاعد) والكتل العربية (10 مقاعد).
انطلاقا من هذه التشكيلة، في حال تحققها، يكون إيهود أولمرت قد حقق عدة مزايا:
يمكن لايهود أولمرت، مع تشكيلة موسعة من 84 مقعدا متوزعين على 6 احزاب وكتل، ان يحقق مساحة واسعة من المناورة بين هذه الكتل، في محاكاة لاسلوب أريئيل شارون السابق الذي اثبت جدواه، وذلك امام العقبات التي ستعترض طريقه لاحقا في حال بدء تنفيذه لخطة الانطواء/ التجميع، في الضفة الغربية، بحيث ان أولمرت لا يكون رهينة لأي حزب من الأحزاب المعارضة (أو التي يمكن أن تعارض) هكذا توجه مع الفلسطينيين.
يستطيع أولمرت ان يقلص سلة المطالب الخاصة بكل كتلة من الكتل المرشحة للائتلاف، وخاصة أن معظمها تتعلق بمطالب اقتصادية واجتماعية تتطلب منه تنازلات في السياسة المالية المتبعة إلى الآن، والتي نجحت إلى حد معين في لجم تداعيات الانتفاضة الفلسطينية على الاقتصاد الإسرائيلي، الذي كان على شفير الانهيار، على الرغم من أنها مست بشكل كبير جدا بالطبقات الدنيا في المجتمع الإسرائيلي.. وبالتالي فإن القدرة على تقليص سلة المطالب هذه، تفسح له مجالا معتبرا لمواصلة تلبية حاجات الاقتصاد الإسرائيلي برغم أثمانها الباهظة على الجمهور الإسرائيلي.
تؤمن هذه التشكيلة استقرارا حكوميا موقتا، اقله لغاية بلورة خطة الانطواء وطرحها على النقاش الجاد في الحكومة، حيث يتوقع ان تبدأ السجالات المتعلقة بها، وبالتالي تشكل تداعياً خاصاً على الحكومة واستقرارها، لكن مع استحضار هوية الكتل وراياتها المرفوعة، وبمعظمها رايات اجتماعية، إضافة إلى التغيير في موقف حزب إسرائيل بيتنا الذي بات يؤيد خطة الانطواء في الضفة الغربية على تفصيل، وكذلك هناك مساحة معتبرة للمراهنة على تغيير في موقف زعيم حركة شاس عوفاديا يوسف من اصل الانسحاب من الضفة الغربية، فإن توقعات ما بعد طرح الخطة على الحكومة لم تعد في مستوى الضبابية الذي كان مطروحا ابتداءً لحظة إعلان نتائج الانتخابات، وخاصة ان بعض الأحزاب في المعارضة غير المشاركة في الحكومة، أيضا، قد تؤمن لها شبكة امان في حال تعرضت للاهتزاز على خلفية خطة الانطواء.
في الخلاصة، وضع حزب كاديما في هذه المرحلة سواء من حيث حضوره في الكنيست أو من حيث تحالفاته الائتلافية، هو بالتأكيد افضل بكثير من وضع أريئيل شارون الذي كافح في العام 2001 لاطالة ولاية حكومته في صراع داخلي ليكودي وخارجي مع الأحزاب الأخرى لغاية انتخابات أواخر العام 2002.. ووضعه خلال إخلاء قطاع غزة...
يبقى أن الواقع الفلسطيني برمته، الذي يتأثر سلبا وايجابا بالواقع الإسرائيلي وتغيراته، سيتأثر بالتأكيد بهيكل ورؤى الحكومة الإسرائيلية القادمة، فقدر الفلسطيني ان يبقى اهدار دمه على لائحة الاستهداف لمصلحة تغيرات وتأثيرات الواقع الإسرائيلي الداخلي، ما لم تصمد ممانعة الفلسطينيين أو تتجدد ممانعة العرب للجمه.
الانتقاد/ مقالات ـ العدد 1159 ـ 28 نيسان/أبريل 2006
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018