ارشيف من : 2005-2008

الأمن: بداية متعثرة لضبط الأوضاع الداخلية

الأمن: بداية متعثرة لضبط الأوضاع الداخلية

غزة ـ عماد عيد‏

تفاقمت مضاعفات قرار تعيين قائد لجان المقاومة الشعبية جمال أبو سمهدانة لمنصب المراقب العام للأجهزة الأمنية، واستحداث وحدة أمنية خاصة تابعة لوزارة الداخلية لفرض الأمن، خصوصا بعد أن أعلن الناطق باسم وزارة الداخلية خالد ابو هلال أن هذه القوة تقرر أن يتم دمجها في جهاز الشرطة الفلسطينية كوحدة جديدة، وهو ما أثار رد فعل من قبل الرئاسة الفلسطينية التي رأت فيها مرحلة جديدة من أزمة الصلاحيات بين الحكومة التي شكلتها حماس وبين مؤسسة الرئاسة بقيادة أبو مازن الذي يمثل منظمة التحرير وحركة فتح، والتي اعتبرت أن قرار وتوجهات وزارة الداخلية في هذا الصدد غير قانونية ويتوجب التراجع عنها.‏

وقال وزير الداخلية الفلسطيني سعيد صيام ان ما فعله بخصوص هذه الوحدة هو قانوني ومن صلاحياته واختصاصاته كوزير للداخلية، وأضاف انه بنفسه استشار قانونيين فلسطينيين ومصريين وأردنيين بهذا الخصوص ولم يقل احد ان قرار تشكيل هذه القوة غير قانوني، لكن الرئاسة قالت أيضا ان القانون الأساسي الفلسطيني ينص على أن أي وحدة وأي تعيين لرتبة فوق مقدم يحتاج إلى مصادقة الرئيس الفلسطيني باستشارة لجنة من الضباط، وعليه فقد استمرت الأزمة في ما يتعلق بالصلاحيات، وخصوصا ان الرئيس محمود عباس غادر الأراضي الفلسطينية في زيارة لعدة دول عربية وإسلامية ودولية الأمر الذي أدى إلى زيادة الاحتقان في الأوساط الفلسطينية، وأدت إلى مواجهات بين أنصار الجانبين في الجامعات في قطاع غزة.‏

وقد قال مصدر مسؤول مقرب من وزارة الداخلية وحركة حماس ان هذه القوة ستضم بشكل أساسي أعضاء من كتائب القسام ـ الجناح العسكري لحركة حماس، أو ما أصبح يعرف فعلا بقوة المساندة التي تم تشكيلها حديثا من اجل إسناد الوزراء والموظفين الجدد من حركة حماس، وكذلك وزارة الداخلية من اجل تنفيذ خطتها الأمنية على الأرض في ظل أزمة الصلاحيات المستشرية حتى في الأجهزة الأمنية... فالأجهزة الأمنية يسيطر عليها مسؤولون من فتح، وغالبية عناصرها من فتح، وبالتالي فإن تنفيذ أوامر صادرة عن وزارة الداخلية يصيبها بعض التلكؤ من قبل هذه الأجهزة التي يفترض أنها تتبع وزير الداخلية.‏

وأضاف المصدر انه تعين أن ينضم إلى هذه القوة ما يقرب من 150 عضوا من القسام من كل منطقة في قطاع غزة، إضافة إلى المئات من أعضاء لجان المقاومة الشعبية وبعض مجموعات كتائب الأقصى التابعة لحركة فتح، ليتم استيعابهم في جهاز الشرطة، ولكن كوحدة خاصة تأتمر مباشرة بإمرة وزير الداخلية وتنفذ أوامره.‏

وقد انيطت بهذه الوحدة بعض المهام بالفعل مثل إلقاء القبض على مجموعة من المسلحين اقتحموا وزارة الصحة لانجاز معاملة بالقوة، فأصابت ثلاثة منهم واعتقلت خمسة آخرين سلمتهم إلى الشرطة الفلسطينية.‏

وفي اتصال ببعض القيادات من كتائب الأقصى أكدوا موافقتهم على الانضمام إلى هذه الوحدة الخاصة لخدمة الوطن وضبط الوضع الأمني في الأراضي لفلسطينية في ظل حالة الفلتان الأمني التي سادت الأراضي الفلسطينية في الآونة الأخيرة.‏

لكن هذا التشكيل تغيب عنه بعض القوى الرئيسة على الساحة الفلسطينية مثل الجسم الأساسي من حركة فتح وسرايا القدس التابعة للجهاد الإسلامي، وكتائب أبو علي مصطفى التابعة للجبهة الشعبية، وهذه القوى من الناحية النظرية تؤيد أي جهد من شأنه أن يساهم في فرض الأمن والاستقرار في الأراضي الفلسطينية، خصوصا سرايا القدس وأبو علي مصطفى، باعتبار أنها عانت من حالة الفلتان ابتداء، ولانها ليست جزءاً من حالة الفلتان ولا من أزمة الصلاحيات القائمة فعلا بين مؤسسة الرئاسة وفتح من جهة، والحكومة الفلسطينية وحماس من جهة أخرى.‏

وبما أنه من غير المتوقع أن تنتهي أزمة الصلاحيات في ضوء هذه التطورات والمعطيات، وما لم تتفق الأطراف المعنية على آلية واضحة تضمن سير الأمور، فإن تعيين جمال أبو سمهدانة الذي جاء لدعم هذه الوحدة لما له من رمزية ومصداقية وقوة عسكرية أيضا، وحسب مصادر مطلعة، يمكن أن يستبدل بأسماء أخرى قوية مرشحة أيضا لتزعُّم هذه القوة.‏

الانتقاد/ مقالات ـ العدد 1159 ـ 28 نيسان/أبريل 2006‏

2006-10-30