ارشيف من : 2005-2008

الحوار أم الاستفتاء يقسم الفلسطينيين الى معسكرين..والاحتكام للسلاح بات وارداً

الحوار أم الاستفتاء يقسم الفلسطينيين الى معسكرين..والاحتكام للسلاح بات وارداً

غزة ـ عماد عيد‏

انقسم الفلسطينيون الى معسكرين، الأول تمثله الرئاسة الفلسطينية ومعها حركة فتح، ويدعم الاستفتاء، والثاني حركتا حماس والجهاد الاسلامي ومعهما الحكومة الرافضان للاستفتاء والداعيان لاستمرار الحوار، وبين هذين المعسكرين تتخذ بقية الفصائل الفلسطينية موقفا وسطا من الاستفتاء وتدعو الى الحوار.‏

فصول هذا النزاع دخلت مرحلة جديدة بإعلان المرسوم الرئاسي للرئيس محمود عباس الذي اعلن اجراء الاستفتاء في يوم السادس والعشرين من الشهر القادم مع استمرار الحوار الوطني بين الاطراف الفلسطينية حتى ليلة الاستفتاء، وفي حال توصلت الاطراف الى اتفاق يصبح الاستفتاء لاغيا، والا فالاستفتاء في موعده.‏

وقد لاقى هذا المرسوم رد فعل كبيراً من قبل حماس على وجه الخصوص والجهاد اللذين اعلنا رفضهما للاستفتاء لما له من مخاطر على الحوار وعلى القضية والثوابت الفلسطينية، وطالب الفصيلان باجراء الحوار. لكن الموقف لم يتوقف عند هذا الحد بل اعلنت الحركتان في مؤتمر صحفي اخر في غزة عن انسحاب أسرى الحركتين من الوثيقة التي قالوا ان المقصود منها هو ورقة عمل تشكل ارضية للحوار وليس اتفاقا نهائيا لاعتماده كبرنامج سياسي للسلطة الفلسطينية والفصائل على اختلاف انتماءاتها، غير ان الرئيس عباس قدم الى غزة بعد اقل من ثلاث ساعات من اعلان المرسوم كما يبدو ليقطع الامل بإمكانية التراجع عن موقفه او عن مرسومه بخصوص الاستفتاء حول الوثيقة، وقد التقى الرئيس برئيس الوزراء ووزير الداخلية في غزة فور وصوله الى غزة، واجتمع في اليوم التالي بهما اجتماعا اخر من دون أن يتمخض عن ذلك أي شيء ذي قيمة سوى اعلان الطرفين التمسك بموقفيهما، كما التقى عباس الفصائل الخمسة الكبرى حماس وفتح والجهاد والجبهتين الشعبية والديمقراطية كلاً على حدة، في حين عقد اجتماعا اخر مع لجنة المتابعة العليا بحضور رئيس الوزراء ليضع الجميع في صورة اخر المباحثات مع حركة حماس وفي توجهات السلطة والمرحلة المقبلة، بالاضافة الى استشراف المواقف من الحوار في محاولة لإنجاحه.‏

وبحسب هذه المعطيات فإن الاجماع معقود على ضرورة استمرار الحوار الوطني، لكن الخلاف ما زال منصبا على ان يكون الاستفتاء سيفا مصلتا على رقاب المتحاورين، ومن المتوقع على هذه الخلفية ان تبقى الاطراف في ظل تعميق هوة الخلافات بينها، متمسكاًً كل منها بموقفه، ما لم يكن هناك حل خلاق تنزل الاطراف بموجبه عنده لمنع الاقتتال ووقف السجال والاستقطاب بين الاطراف.‏

على انه من بين ثنايا هذه الحوارات برزت احداث دموية مؤلمة تمثلت في الاشتباكات التي دارت في قطاع غزة بين حركتي فتح وحماس بلغت ذروتها في رفح جنوب قطاع غزة عندما حاصرت مجموعات من كتائب القسام مقر جهاز الامن الوقائي واطلقت النار وبعض قذائف الار بي جي بعد ان قتل احد اعضاء حماس في مسيرة مرت من امام مقر الوقائي وادت الى وقوع اشتباكات قتل خلالها احد اعضاء حماس، في حين نصب مسلحون كمينا لضابط من الامن الوقائي واصابوه بجراح خطرة جدا كما ان فلسطينيا اصم قتل في الاشتباكات واصيب سبعة عشر مدنيا اخر بجراح وذلك عندما حاولت مسيرة عشوائية ان تتدخل في محيط المقر لتفض الاشكال.‏

وعلى خلفية اشتباكات رفح خرجت تظاهرات مسلحة غاضبة في رام الله، واقتحمت مقري المجلس التشريعي ومجلس الوزراء، واشعلت النار في اجزاء منهما، كما اشعلت النار في مقر بلدية جنين، واعتدي بالضرب على ثلاثة من اعضاء المجلس التشريعي في الضفة الغربية في حين لجأ عشرة اخرون من اعضاء المجلس التشريعي الى مقر الرئاسة برام الله طلبا للحماية، ولم تتوقف قضية السجال عند هذا الحد فقد اقدم وزير السياحة جورج مرقص على الاستقالة من منصبه احتجاجا على هذه الاحداث، وهو امر يشير بكل ما له من تداعيات الى ان السجال ما زال بين فتح والرئاسة وبين حماس والحكومة.‏

وكان مسلحون قتلوا ضابطا اخر من الامن الوقائي في كمين نصبوه في حي الزيتون في مدينة غزة في حين اطلقت النار باتجاه موكب العميد رشيد ابو شباك مدير الامن الداخلي الفلسطيني ما ادى الى اصابة ثلاثة من مرافقيه بجراح، واندلعت اشتباكات في محيط مقر الاجهزة الامنية في مدينة غزة اثر هذا الحادث لتتوقف موجة التوتر مؤقتا دون أي بوادر لحلها حتى الآن.‏

الانتقاد/ مقالات ـ العدد 1166 ـ 16 حزيران/يونيو2006‏

2006-10-30