ارشيف من : 2005-2008
مرشحو كتائب الاقصى ابرز الفائزين نجاح القيادات الشابة في انتخابات فتح يعكس حالة الخلاف داخلها
الانتقاد/ اقليميات ـ العدد 1138 ـ2/12/2005
فلسطين المحتلة ـ ابراهيم قنن
تعيش حركة فتح كبرى فصائل منظمة التحرير الفلسطينية، أصعب مراحل تجاربها السياسية الجديدة، وأدق مفاصل ترسيخ العمل الديمقراطي فيها وانعكاساته على الحالة السياسية الفلسطينية برمتها، حيث تعصف بها جملة من المعوقات والإشكاليات التي تحول تنفيذ وتثبيت النهج الجديد، لاستنهاض قواها ولملمة جراحها بعد أن أدمتها جروح سنوات طويلة من الترهل التنظيمي وسياسة التعيينات التي كانت مسيطرة على فكر ونهج الحركة لعشرات السنين، ما خلق حالة كبيرة من الإرباك والتفسخ في قاعدة الحركة اثر بدوره على عملية الانتخابات الداخلية وخاصة في قطاع غزة الذي تم فيه "إيقاف" عملية الانتخابات بسب الفوضى وحوادث إطلاق الرصاص على المراكز الانتخابية.
قفزة نوعية
ولقد رأى العديد من كوادر الحركة وقياداتها، وخاصة جيل الشباب "القادة الجدد" أن المخرج الحقيقي والعملي من أزمة فتح الحالية هو اللجوء إلى الانتخابات التمهيدية "البرايمرز" كونة بمثابة طوق النجاة للحركة، على طريق إعادة بناء أطرها، وهياكلها بالطرق الديمقراطية النزيهة التي تستند للاحتكام لصوت القاعدة الفتحاوية العريضة، ما يكفل استنهاضها واستمراريتها، ويوضح ماجد أبو شماله عضو لجنة التعبئة والتنظيم وأحد مرشحي الحركة للمجلس التشريعي، أن حركة فتح تهدف من وراء هذه الانتخابات إلى اختيار مرشحيها لمعركة المجلس التشريعي بصورة ديمقراطية محترمة، تكفل لكل عناصر فتح اختيار مرشحيهم، بدلا من سياسة التعيينات والتكليفات التي كانت متبعة بالماضي، والتي اثرت على الحركة بصورة سلبية، معتبرا أن هذا النهج يؤسس لمراحل قادمة تقف فيها حركة فتح بشكل موحد خلف قادتها بدل الخلافات التي تعصف بها.
تأجيل الانتخابات
وقال أبو شماله: "ان "البرايمرز" فكرة ديمقراطية مهمة على طريق الإصلاح والتغيير والرقي بالحركة، وهي تمارس لأول مرة في الأطر والهياكل التنظيمية للحركة، ولذلك فهي بحاجة إلى إعداد مسبق بحيث يتم التغلب على كل الإشكاليات الفنية والإدارية، وهو ما لم يجر بشكل كاف".
واعتبر أبو شماله حالة الفوضى والاعتداء على المراكز الانتخابية، وإطلاق الرصاص، التي أدت إلى تأجيل الانتخابات بالدوائر الخمس في قطاع غزة، هي نتيجة خلل فني في تعبئة الاستمارات وحصر العضوية، وعدم التعرف الى عناوين المسجلين في سجلات الناخبين، بالإضافة إلى الأخطاء في أرقام بطاقات الهوية وتكرار بعض الأسماء، وعدم الإعداد للمؤتمر بطريقة جيدة تضمن عدم حدوث إشكاليات تؤثر على سير العملية الديمقراطية، وكل هذه الأخطاء تتطلب جهدا إضافيا، لتصحيح وتصويب كل الأخطاء.
الانقلاب الأبيض والإقصاء
ويرفض محمد دحلان وزير الشؤون المدنية وأحد مرشحي الحركة عن دائرة خانيونس، اعتبار أن الانتخابات التمهيدية محاولة لإقصاء القيادات التاريخية للحركة (الحرس القديم)، متهما أصحاب هذا الرأي بقصر النظر وعدم النظر إلى المستقبل، والتحديات الكبيرة التي تواجهها، ففتح حركة تواصل مستمر بين أجيالها المختلفة، فجيل الشباب يستلم الراية من جيل القادة الكبار للحركة الذين نحترمهم ونقدرهم، ولهم علينا كامل الحقوق، الا انه لم ينكر نظرية المؤامرة، معتبرا ان هناك قيادات داخل فتح لا ترغب بمواجهة النتائج المخيفة التي حدثت في الضفة الغربية، والتي اقصت قيادات تاريخية، محملاً لجنة الانتخابات داخل فتح المسؤولية عما حدث.
تقدم كاسح للشباب
وقد أفرزت نتائج الانتخابات في الضفة الغربية تقدما واضحا للجيل الشاب، إذ سيطروا على معظم مقاعد المجلس التشريعي، وتهاوت مقابلهم شخصيات كبيرة من الحرس القديم والمحسوبين عليهم، في دلالة واضحة على أن عملية التغيير قادمة وتلوح في الأفق، وخاصة ان القيادات التي تم انتخابها في الضفة هي القيادات التي طالبت بالتغيير منذ سنوات، وأعضاء في كتائب الأقصى ـ الجناح المسلح لفتح، ومعتقلون في سجون الاحتلال، وابرزهم مروان البرغوثي امين سر الحركة وجمال حويل احد قادة معركة جنين، وحتى في قطاع غزة الذي تم إيقاف الانتخابات فيها فإن النتيجة محسومة مسبقا للقيادة الشابة، حيث اعتبر دحلان أن: "نجاح القيادات الشابة هو نتيجة وعي القاعدة الفتحاوية على انتخاب من حافظ على وحدة وتماسك حركة فتح، وأن نجاح الشباب في الضفة الغربية، ونجاح قادة من كتائب شهداء الأقصى، وعدد من قادة فتح المعتقلين في سجون الاحتلال يؤكد على وعي أبناء الحركة وثقتهم بالقيادات الشابة الذين سيحملون الراية وسيحافظون عليها, لأن لديهم من التجارب والخبرات ما يؤهلهم لذلك، وهؤلاء سيكونون جسر المستقبل للأجيال القادمة".
وقال يحيى رباح المحلل السياسي ان الانتخابات التمهيدية لحركة فتح، سوف يكسبها عمق جديد، وبداية صلبة لكي تبقى رائدة الشعب الفلسطيني والقوة الأساسية للمحافظة على الثوابت الوطنية، والمشروع الوطني بكامله. وبالرغم من الأزمة التي تعيشها الحركة بسبب المتغيرات الدولية والإقليمية الا
أنها تستطيع أن تبعث من جديد لتعيد ترتيب أوراقها، فليس فتح وحدها بأزمة بل ان الوضع الإقليمي بكامله، يعيش أزمة كبيرة وخطيرة، وما يحدث حولنا في المجتمعات العربية عنا ليس ببعيد.
واعتبر رباح أن ما يجري الآن داخل أروقة الحركة من انتخابات تمهيدية في الضفة الغربية، وفشلها بقطاع غزة، هو البروفة "الجنرال" للانتخابات العامة, وكل ما يحدث هنا من أخطاء ومعوقات وخلافات سنتعلم منه هناك في الخامس والعشرين من يناير القادم, واعتقد أن قيادة الحركة سوف تستوعب أخطاءها، وتقوم بمعالجتها بسرعة فائقة لتتجاوزها في مرحلة الانتخابات التشريعية.
ولكن يبقى السؤال مطروحا أمام قادة الحركة ورموزها الحرس القديم والشباب، هل بالفعل تستطيع الحركة أن تتغلب على أزمتها وخلافاتها؟ وان تدرك أن أمامها مرحلة صعبة وخطيرة في ظل منافسة حركة حماس القوية لها؟؟ هذا ما ستجيب عنه خطوات وتحركات فتح السريعة في الأيام القادمة.
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018