ارشيف من : 2005-2008
معبر رفح فرحة فلسطينية وقلق من تدخل إسرائيلي محتمل
الانتقاد/ اقليميات ـ العدد 1138 ـ2/12/2005
غزة- عماد عيد
"كنا وين وصرنا وين.. ألف الحمد لله كنا نرى الويل عندما تضطرنا الحاجة إلى السفر.. انتظار وذل وموت وخوف لكن الحمد لله اليوم لم انتظر أنا وعيالي ومرينا زي الهوا".
عبارات نابعة من قلب الحاج أبو الحسن الذي كان عائدا وزوجته من رحلة لمصر للعلاج ربما عبرت عن تغير وتبدل الحال بالنسبة للمواطنين الفلسطينيين الذين كانوا يعيشون مع شعور قاتل هو شعور الحصار والسجن والقهر داخل جدران القطاع، وتعبر ربما عن أهمية المعبر كمتنفس وحيد لهم لقضاء احتياجاتهم الحيوية كالعلاج والتعليم والتواصل الاجتماعي وزيارة الأماكن المقدسة في الديار الحجازية، لكنها أيضا تظهر مدى صعوبة الإجراءات التي كانت تتبعها قوات الاحتلال الصهيوني على هذا المعبر ليس لأغراض الأمن كما يقولون، ولكن لإذلال الناس وقهرهم واستغلالهم لأغراض تصل إلى حد محاولات الابتزاز اللااخلاقي، فضلا عن اعتقال الكثيرين بحجج وذرائع متعددة..
وكان المعبر قد افتتح يوم الجمعة الماضي (25/11/2005) بعد توصل الجانبين الفلسطيني والصهيوني إلى بروتوكول أو تفاهم على آليته، وقد حرصت الإدارة الأميركية والحكومة الصهيونية على استغلال تدشين افتتاح المعبر من خلال احتفال دولي تشارك فيه شخصيات أوروبية وعربية على مستويات عليا لتحسين صورة العدو الصهيوني واستثمارها لأغراض إعلامية وسياسية. لكن طلال عوكل الكاتب والمحلل السياسي أكد انه بكل الأحوال هذا يوم تاريخي وسينعكس ايجابيا على حياة الناس، وسوف يستفيد من افتتاح المعبر أكثر من 95 في المئة منهم، وهو أمر لمسناه لدى غالبية الناس بمن فيهم الذين أبدوا تحفظات على المعبر، فقد رمز مشاركة حماس في الاحتفال بوفد على أعلى مستوى من القيادة إلى أهمية الافتتاح وضرورة عدم غيابها عن مثل هذا الاحتفال برغم أنها عارضته في البداية، وبرغم أن حضورها يعتبر سلاحا ذا حدين بالنسبة لها في ظل معارضتها له.
هواجس مقلقة
زوجة الحاج أبو الحسن لم تطق أن تبقى صامتة ففاجأتنا بالقول "والله الحمد لله وان شاء الله يجي هالاتفاق بالخير على كل الناس وكل الشعب وكل الأمة الإسلامية والله ينصر امة محمد وان شاء الله ما يتحكموا فينا اليهود مرة ثانية وربنا يبعد شرهم عنا ويبقى ما الهم دخل في المعبر وإحنا بخير". هذه الكلمات برغم عفويتها إنما تعبر من وجهة نظر المراقبين عن هاجس يسكن غالبية المواطنين برغم فرحتهم في فتح المعبر، هذا الهاجس هو قدرة الصهاينة على التدخل لعرقلة حركة الناس والتحفظ على بعضهم كما قيل في كثير من التقارير الإعلامية.. ويغذي هذا الهاجس أمران مهمان، الأول هو أن الفلسطينيين هم الطرف الأضعف، وبالتالي فإن القوي يفرض شروطه دائما، وهذه تجلت خلال مسيرة المفاوضات مع الإسرائيليين، والثاني هو وجود موظفين صهاينة في غرفة التحكم الثلاثية التي يوجد فيها أيضا موظفون من الفلسطينيين بقيادة أوروبية، وما صاحب ذلك من لغط حول الدور الإسرائيلي ثم الدور الأوروبي الذي قيل انه دور تنفيذي وليس رقابياً فقط، وان بإمكانهم منع أي شخص يتحفظ الجانب الصهيوني عليه عن طريق منعه من قبل الموظفين الفلسطينيين إذا اقتنع الجانب الاوروربي بالمبررات الأمنية الصهيونية بعد توقيفه لست ساعات في المعبر، وهذا ما يقض مضاجع الفلسطينيين ويفسد عليهم فرحتهم حول وجود فلسطيني مباشر في المعبر، وتحكم بسير الأمور إلى حد كبير..
وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات صبري صيدم قال ان فتح المعبر يعتبر انجازا تاريخيا، وان الحكم في حل أي خلاف هو الاتفاق الذي وقع، مستبعدا وقوع إشكالات لان الفلسطينيين حريصون على أن تطبق المعايير الدولية على معبر رفح، مؤكدا أن كل الفلسطينيين مسموح لهم بالسفر، وان السلطة هي الوحيدة المخولة بالمنع، وهي لن تمنع إلا إذا طلب القضاء الفلسطيني ذلك.
وقد سارت الأمور خلال أيام هذا الأسبوع على خير ما يرام في المعبر، وكانت الحركة سهلة ولا يوجد فيها عراقيل خصوصا على الجانب الفلسطيني، واقتصر الدور الاوروربي على الرقابة فقط ومرافقة الحافلات والمسافرين منذ قدومهم إلى المعبر وحتى تسليمهم إلى الجانب المصري منه، لكن بعض المصادر الفلسطينية تحدثت أن أيا من المطلوبين أو المطاردين أو كبار الشخصيات في الفصائل الفلسطينية لم يسافر من خلال المعبر، وبالتالي لم يتم فحص الاتفاق، وإذا ما تضمن بنودا تسمح للاوروربيين بإرجاع أي شخص من الفلسطينيين أم لا كما صرح مصدر اوروبي مسؤول خلال هذا الأسبوع، وخصوصا ان بروتوكول تشغيل المعبر لم يوقع من الطرفين حتى الآن، ومع انه اتفاق موقت فإن آلية العمل فيه بدأت بأربع ساعات يومية، تم تمديدها إلى ست ساعات يوم الثلاثاء الماضي، ومتوقع أن يتم تمديده بالتدريج حتى يصل إلى أربع وعشرين ساعة، وبالتالي لن يبقى مشكلة سفر في قطاع غزة إذا كانت الحركة على الجانب المصري سهلة هي الأخرى.
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018