ارشيف من : 2005-2008

خارطة جديدة للمنظومة الحزبية الإسرائيلية؟

خارطة جديدة للمنظومة الحزبية الإسرائيلية؟

الانتقاد/مقالات ـ العدد 1137 ـ 25/11/2005‏

في توصيف عام لواقع المنظومة الحزبية الإسرائيلية، اثر التداعيات المحتملة لفوز عامير بيرتس برئاسة حزب العمل، وانسحاب ارييل شارون من حزب الليكود، وقراره تشكيل حزب جديد لخوض انتخابات الكنيست المبكرة، يظهر ان هناك نوعا من إعادة تموضع وتصحيح للمواقع في القوس الحزبي الإسرائيلي، أكثر من كونه حركة انشقاقات وتغيير مواقع.. إذ ان اصل هذه الانشقاقات والمواقف المختلفة والمتعارضة داخل الحزب الواحد، فاضت خارج إطاراتها التقليدية والقدرة على استيعابها لتتحول إلى نوع من الوحدة الكاذبة التي لا تعبر واقعا عن حقيقتها، كما هو حاصل في حزب الليكود الذي يعتبر عمليا، قبل انسحاب شارون وأتباعه منه، كحزبين مختلفين في إطار واحد.‏

انتخاب بيرتس لرئاسة العمل، وهو الموصّف أساسا كحزب وسط ـ يسار في الخارطة السياسية الاسرائيلية، دفعته نحو اليسار الإسرائيلي (العمل)، نتيجة لطروحات بيرتس تجاه التسوية مع الفلسطينيين تحديدا، وهو الذي لا يخفي تأييده لمبادرة جنيف ولمعظم طروحات اليسار الإسرائيلي، الأمر الذي يعني قضما كبيرا من مؤيدي اليسار التقليدي تجاه العمل (حركة ميرتس ـ ياحد) .. في حين ان انسحاب ارييل شارون من حزب الليكود، بصحبة معسكره ومؤيديه، ونتيجة لطروحاته الأخيرة، سيسلخ عن حزب الليكود الجمهور الوسطي الذي يتبعه وجزءاً من يمين الوسط، إضافة إلى جزء من مؤيدي حزب العمل نفسه بعد انزياحه يساراً.. فيما يترك حزب الليكود ليعود إلى اصوله اليمينية الخالصة، مع توقع تمزق في اوساطه لكثرة مرشحيه لرئاسة الحزب بعد انسحاب شارون منه.‏

فانطلاقا من الحدثين البارزين الاخيرين في المشهد السياسي الإسرائيلي الداخلي (فوز بيرتس وانسحاب شارون)، فإن الجمهور الإسرائيلي سيكون في الانتخابات القادمة امام ثلاثة خيارات عمليا، على عكس الانتخابات السابقة، أي بين يمين ووسط ويسار، ما يعني وضوحا أكثر لدى الناخب الإسرائيلي في خياراته.. الأمر الذي يعطي استطلاعات الرأي مصداقية أكثر، بالرغم من ان الحديث يدور عن انتخابات تجري بعد أكثر من ثلاثة اشهر.. وما قد يستجد من تطورات سياسية أو امنية تغير من مزاج الرأي العام فضلا عن هامش الخطأ الذي تنطوي عليه كل عملية استطلاع التي اظهرت ان حزب شارون الجديد سيفوز بـ33 مقعدا، فيما يفوز حزب العمل برئاسة بيرتس بـ28 مقعدا، وحزب الليكود برئاسة نتنياهو (الأكثر حظا في انتخابه رئيسا له) بـ15 مقعدا، فيما تتوزع بقية المقاعد على الأحزاب الأخرى التي سيشهد معظمها تراجعا بيّنا لمصلحة العمل وحزب شارون.‏

لجهة حزب الليكود تحديدا، المتوقع له ان يشهد تمزقا باتجاه معسكرات أكثر من ذي قبل، وهو ما بدأت تمظهراته تتبين من خلال الهجوم على الترشح لرئاسة الحزب، إذ ترشح إلى الآن سبع شخصيات من ضمنهم شخصيات لم تنل أي تأييد من قبل مؤيدي الليكود في استطلاعات الرأي (يسرائيل كاتس وموشيه فايغلين)، وهو ما يشير إلى ان الليكود سيندفع أكثر نحو اليمين المتطرف وسيحرم من تأييد الجمهور الوسطي، وهو الجمهور الذي يرجح عادة الكفة في أي انتخابات عامة في "إسرائيل".‏

اما على صعيد الأحزاب اليمينية الأخرى، كحزب المفدال وحزب الاتحاد الوطني ويسرائيل بيتنا، والتي تمثل الأحزاب اليمينية الأكثر تطرفا في يمينيتها، فهي ما زالت تحاول تشكيل كتلة واحدة لخوض الانتخابات القادمة، التي لو فشلت في هذه المهمة ستتصارع فيما بينها على الصوت اليميني معاً مع حزب الليكود الذي سيتحول بدوره إلى حزب يميني خالص.‏

يحيى دبوق‏

2006-10-30