ارشيف من :آراء وتحليلات

مجرد كلمة: الجميّل يستعيد روح القوات ويصادر شعارها

مجرد كلمة: الجميّل يستعيد روح القوات ويصادر شعارها
كتب أمير قانصوه
من قال إن الانتخابات النيابية لم تفعل فعلها منذ الآن، فكل ما يحدث في الساحة السياسية هو من زمن الانتخابات حصراً.
على هذا المحمل يمكن أن نحمل خطاب أمين الجميّل، فقد وجد "فخامة الرئيس الأعلى" نفسه أمام حشد غير مسبوق من المحازبين، وعلى مسافة قريبة من الكرنتينا، حيث كان المجلس الحربي للقوات اللبنانية التي وُلدت من رحم الكتائب، فأخذه الحنين وشده الشوق الى "مجد غابر". وعلى طريقة الأفلام الوثائقية استعرض شريط أيام "عزّه"، قبل أن تُسرق القوات من الكتائب! واستعاد معها روح القوات، بل صادر شعار سمير جعجع وتبناه، داعياً إلى تعديل اتفاق الطائف من أجل تحقيق الفدرالية، أو الكونفدرالية.
يعتقد أمين الجميّل كما سلفه في الطرح، أن هذا الشعار البالي سيفعل فعله في الجمهور، وسيقلب "ميمنة الانتخابات على ميسرتها"، وسيجعل من الناخبين الذين اختبروا جيداً مثل هذه الشعارات يصطفون خلف مرشحيه.. كما على المرشحين والقوى المنافسة ترك الساحة لـ"رجالها الفدراليين".
من يتابع حركة الجميّل بعد اتفاق الدوحة لن يذهب الى تحميل خطابه أكثر من كونه إطلاقاًً لمعركته الانتخابية الخاصة، ويصبح كل ما قاله محض تجييش للشارع، ومن قبيل إعادة التذكير بحضور الكتائب التاريخي في الساحة المسيحية.. وإلا فلماذا كل هذه الأفلام المعدّة قصداً، وما فيها من مشاهد للكتائبيين يقبضون على زناد بنادقهم خلال الحرب الأهلية التي كانت الكتائب اللاعب الأساس في ميدانها، قبل أن تنتقل البندقية إلى كتف القوات؟!
من يتابع ملف العلاقة بين القوات والكتائب، خاصة خلال السنوات الأخيرة، يتأكد من أن الجميّل كان يعبر عن أزمة الكتائب الخاصة مع جعجع ومحاربيه الذين يطمعون بأخذ الكتائب كلّها تحت جناحهم.
لذلك فإن الوحيد الذي فهم ما كان يريده الجميّل، هو حليفه اللدود سمير جعجع، الذي لم يكتفِ الجميّل بإرسال رسائل الترشيحات له، والكشف عن اتصالات يجريها مع التيار الوطني الحرّ انتخابياً ـ كما تردد مؤخراً ـ بل فوق كل ذلك صادر الجميّل الشعار الذي بنى عليه جعجع كل استراتيجيته، ما يعني أن الجميّل انتقل من مرحلة الدفاع الى الهجوم في مواجهته مع القوات.
لا يشك أحد في أن الذين أراد الجميّل أن يسمعهم مقولاته الجديدة، لم يعودوا الجمهور الذي تصاغ خياراته في بكفيا، بل بات لديهم خيارات أخرى تقتضيها المصلحة الوطنية للبنان الواحد الموحد، بعيداً عن الطروحات التقسيمية والانعزالية ومدّ الجسور البعيدة عن ثقافة المنطقة وتاريخها.
في موسم الانتخابات هناك الكثير من الأمور التي لن تفاجئنا، لكن ليس كل شيء جائزاً.
الانتقاد/ العدد1318 ـ 25 تشرين الثاني/ نوفمبر 2008
2008-11-25