ارشيف من :أخبار لبنانية
حقائق نتائج جبيل وتأويلات مسيحيي 14 آذار

هيلدا المعدراني
يبدو أن تعظيم مسيحيي 14 آذار لفوز لائحة زياد حواط في الانتخابات البلدية في جبيل يصدق فيه المثل العامي " تتغاوى الصلعاء بشعر ابنة خالتها"، فقد سكبوا على هذا الفوز معاني ودلالات لا يطيقها أو يقوى على احتمالها، وادعوا أبوته ونسبوه إليهم، علما أن لا صلة له بهم من قريب أو بعيد، حتى أن وجودهم الشحيح على هذه اللائحة، ليس من باب تكملة العدد فقط، إنما تم على اشتراط تدثرهم بالعباءات العائلية الجبيلية وستر انتماءاتهم الحزبية لعدم تنفير الناخبين منها.
ليست المشكلة كيف قرأ فارس سعيد وسمير جعجع ومعهما كارلوس إده وغيرهم نتائج الانتخابات البلدية في جبيل، فهذه القراءة معروفة، وبات الناس يحفظونها عن ظهر قلب، لأنهم يرددونها إثر كل انتخابات تميل بترجيحاتها إلى مصلحتهم، ففي انتخابات اليسوعية أو البلمند أو سوبر ستار أو ملكة جمال القرنبيط، يعيدون المعزوفة نفسها، وهي شعبية عون في انحدار، وصوابية خيارات 14 آذار في جر المسيحيين إلى استعداء سوريا ورهن لبنان للوصايات الدولية وملاقاة الهجمة الإسرائيلية على المقاومة بإثارة موضوع سلاحها وتصويره على أنه أداة استقواء بيد فئة من اللبنانيين بوجه فئة أخرى.
المشكلة على ما يردد الجبيليون هي أن مسيحيي 14 آذار لم يكن لهم وجود بالمعنى السياسي على الحلبة الانتخابية، حتى أن حضورهم في هذا الاستحقاق كان في المقاعد الخلفية للمتفرجين، ليس في مدينة جبيل وحدها، وإنما أيضا في بلدات أخرى زعموا تحقيق انتصارات فيها مثل قرطبا والعاقورة، فاللعبة الانتخابية في هذه البلدات تمت تحت سقف خيار سياسي سبق أن عبّر الأهالي عن تمسكهم به في الانتخابات النيابية الأخيرة بانتصار كاسح لـ3 مرشحين من التيار الوطني الحر، وفي انتخاباتهم البلدية كان هذا الموضوع خارج التنافس الذي اقتصر على عناوين إنمائية وقضايا متصلة بالشؤون المحلية.
فعالية جبيلية واكبت الاستحقاق الانتخابي البلدي في جبيل عن كثب، وكان لها بحكم موقعها إطلالة على مجرياته وما رافقه من خفايا وكولسات حسمت نتائجه على الشكل الذي انتهى إليه، اعتبرت أن الاصطفافات الانتخابية حول لائحتي حواط (القريب من الرئيس ميشال سليمان) وجان لوي قرداحي (المدعوم من التيار الوطني الحر) لم تكن مستنسخة من اصطفافات 8 و14 آذار أو مستوحاة منها، إنما قامت على جملة قضايا ترتبط بمصالح الجبيليين العامة والخاصة وكيفية إدارتها من قبل السلطة المحلية المتمثلة بالبلدية، وكان العامل الحاسم في فوز حواط مسألة فنية بالدرجة الأولى تمثلت بإجادته التحضير للمعركة الانتخابية (منذ سنة ونصف) واستعداده لها، إضافة إلى مزايا ذاتية في شخصه أحسن استثمارها في بناء قاعدته الانتخابية، وحرصه على نزع التسييس عن لائحته بشهادة الجميع، مع الإشارة الى أن عدد العونيين في صفوفها يفوق ما للقوات أو لفارس سعيد.
لا تنفي إحدى الفعاليات الجبيلية وجود أنصار لفريق مسيحيي 14 آذار، لكنها بالوقت نفسه تؤكد محدودية تأثيرهم في الاستحقاقات الانتخابية أو تلوينها بخياراتهم السياسية، وتضيف حتى أن هذا التأثير لا يتخذ حيز الملموس ما لم يطعم بنفوذ العائلات والبيوتات المعروفة، وإذ تعيد نفور الجبيليين من هذا الفريق إلى التاريخ الميليشياوي لبعض جماعاته ( الكتائب والقوات) وما عانوه منهما إبان الحرب وانهيار الدولة، فإنها استهجنت أن يذهب تعطش فارس سعيد لانتصار بوجه عون بأن يمد يده إلى نتائج المعركة الانتخابية الأخيرة والذهاب في تفسيرها على أنها انتصار للنهج الـ 14 آذاري، أو أنها تعبير عن انهيار الحالة العونية بين المسيحيين، فالحقائق في جبيل ليست تأويلات ولو قال ذلك نيتشه، فكيف إذا كان المتحدث من أمثال فارس سعيد.