ارشيف من :آراء وتحليلات
فورين بوليسي: ايران الرابح الأكبر في الانتخابات العراقية

اعداد:علي شهاب
أسفرت الانتخابات العراقية عن واقع جديد أفرز صورة مختلفة للخارطة السياسية بما لا يتناسب ومصالح الاحتلال الاميركي مقابل تقدم إيراني، بحسب دوائر الاحتلال نفسه.
الخوض في تداعيات ودلائل الانتخابات العراقية كان محور تقرير وضعه الخبير في الشؤون العسكرية والأمنية لدول الخليج، الباحث الأميركي مايكل نايتس لمجلة "فورين بوليسي" الاميركية، وهنا ترجمة لما ورد في التقرير:
" بالنسبة للمتابع العادي، قد تظهر العملية السياسية في عراق ما بعد الإنتخابات وكأنها قد وصلت إلى طريق مسدود أو تتحرك بخطى السلحفاة. وعلى الرغم من أن المراقبين الدوليين قد تحققوا من صحة نتائج انتخابات السابع من آذار/مارس ووصفوها بأنها كانت حرة ونزيهة إلى حد كبير، تعرضت النتائج لسلسلة من التحديات القانونية المزعجة. وسوف يؤدي ذلك إلى تعقيد التحدي الشاق الذي يواجه تشكيل حكومة ائتلافية تتألف من أكثر من ثلاثة عشر حزبا رئيسيا. وعلى الرغم من التحرك نحو قيام تحالف حكومي يتكون من الكتلتين الشيعيتين الرئيسيتين، لا تزال هناك حاجة إلى التغلب على عقبات كثيرة قبل أن يكون بالإمكان تشكيل حكومة جديدة.
إن أولئك الذين يتَّبعون ما يجري في العراق عن كثب، يعتمدون على الساسة العراقيين لكي يستنفذوا حتى آخر لحظة ممكنة من تلك السياسات الخطرة التي تجلبهم إلى حافة الهاوية، والتي عادة ما تكون بعد مرور فترة طويلة من انتهاء المواعيد النهائية التي فرضتها تأثيرات أجنبية.
وفي الوقت نفسه، يجري فوز وخسارة المعارك السياسية الحساسة على أساس يومي، وهي بعيداً من أن تكون في حالة جمود. إن إعادة الفرز الجارية لـ 2.4 مليون صوت في بغداد واستمرار أسطورة اجتثاث البعث ضد بعض المرشحين في الإنتخابات، هي ليست فقط مطبات مفتعلة ومقلقة على الطريق لتشكيل حكومة جديدة، بل معالم تدل على ذلك نوع الحكومة الذي يبرز حتماً من داخل غرف مليئة بالدخان. وإذا استمرت الإتجاهات الحالية، سوف تكون البيئة المثالية لإيران لكي تنشر نفوذها في أعقاب انسحاب الجيش الأمريكي.
وعلى الرغم من أن الإنتخابات الأخيرة كانت سلمية وخالية من الغش إلى حد كبير، إلا أنها في خطر من أن تصبح أول اقتراع وطني فقد مصداقيته على نطاق واسع في فترة ما بعد صدام حسين. وقد تم وضع الأساس لهذه الظروف المنحرفة خلال فترة ما قبل الإنتخابات عندما سعت «لجنة المساءلة والعدالة» إلى منع 511 مرشحاً من خوض الإنتخابات باستخدامها قوانين اجتثاث البعث، هذا بالإضافة إلى ادعاءات الإحتيال التي وجهها كل من «تحالف دولة القانون» الذي يضم رئيس الوزراء نوري المالكي و«الحركة الوطنية العراقية» التي ينتمي إليها إياد علاوي، حتى قبل بدء إحصاء الأصوات الأولى. وفي 19 نيسان/ابريل، وافقت «اللجنة القضائية العراقية» على الدعوة لإعادة فرز الأصوات بصورة يدوية لأكثر من 2.4 مليون صوت في بغداد، وهي العملية التي بدأت في 2 أيار/مايو، وستستمر لمدة أسبوعين على الأقل. وفي أواخر نيسان/أبريل المنصرم، قامت «لجنة المساءلة والعدالة» بإعادة فتح ملفات مجموعة كبيرة من قضايا اجتثاث البعث التي تشمل مرشحين كانوا قد خاضوا الإنتخابات الأخيرة.
وعلى الرغم من أنه من المتوقع أن لا يحدث تغيير سوى في 2-4 مقاعد، والتي ستنتقل بدورها من قائمة إلى أخرى داخل البرلمان الذي يضم 325 مقعداً، ستؤثر هذه الحالات تأثيراً كبيراً على ديناميات تشكيل الحكومة. فالنتيجة الأولى المهمة هي التأخير؛ فحتى في ظل أفضل الظروف، لن يتم التصديق على نتائج الإنتخابات حتى الأسبوع الأخير من أيار/مايو الحالي وهذا أقرب وقت ممكن، ما يؤخر إمكان قيام البرلمان بانتخاب رئيس للبلاد قبل منتصف تموز/يوليو، ومن شأن ذلك أن لا يترك سوى القليل من الوقت الثمين لرئيس الوزراء المنتخب للتصديق على حكومته قبل بداية شهر رمضان في 11 آب/أغسطس المقبل. وحتى من خلال "إبحار" عادي في مياه السياسة العراقية، قد لا تستطيع الحكومة الجديدة استلام مهامها قبل منتصف أيلول/سبتمبر أو، بعبارة أخرى، بعد الإنسحاب المقرر لجميع القوات الأمريكية المقاتلة من العراق.
ومن الممكن حدوث تأخيرات شديدة أكثر، حيث بإمكان الأحزاب والأطراف المختلفة الضغط من أجل قيام المزيد من أعمال الفرز، والطعون، والتحقيقات. وقد تضررت أيضاً عملية "الهندسة السياسية" في العراق بسبب الخلافات السياسية الحادة التي وقعت منذ الإنتخابات. وقد كانت النتيجة الأكثر لفتاً للإنتباه هي عرقلة قيام تحالف بين الإئتلافين الوطنيين برئاسة المالكي وعلاوي، اللذين فازا بأكثر المقاعد. وعلى الرغم من أنه كان دائماً من الصعب قيام مثل هذا التحالف، بسبب شخصيتي الزعيمين، كان بإمكان ذلك أن يؤدي إلى إعادة تشكيل صيغة الحياة السياسية العراقية. ومن شأن مثل هذا التحالف القومي الكبير أن يدعم قيام دولة فيدرالية قوية، وجذب الإستثمار الأجنبي، والإستقلال عن إيران، وتجديد التعاطي مع العالم العربي. وبدلاً من ذلك، فقد أصبح المالكي وعلاوي يخوضان صراعاً مريراً ومدمراً بصورة متبادلة وبشكل متزايد لكي يتجاوز كل منهما الآخر، بوصفه زعيم التحالف الفائز بأكبر عدد من المقاعد في البرلمان. وفي نهاية المطاف فإن هذا التمييز المشكوك فيه قد لا يزيد من إحتمالات فوز أي منهما برئاسة الوزارة.
وفي أعقاب المفاوضات التي جرت في الأسبوع الماضي، من شبه المؤكد أن يتكون جوهر الحكومة القادمة من «تحالف دولة القانون» برئاسة المالكي (89 مقعداً) و«التحالف الوطني العراقي» (68 مقعداً)، ويتضمن هذا الأخير 39 نائباً من «التيار الصدري» و17 برلمانياً مرتبطاً بـ «المجلس الأعلى الإسلامي في العراق» المدعوم من إيران.
وبسبب تمتع هذه الكتل بالأصوات اللازمة تقريباً (163) للتصديق على الحكومة، فقد قل الآن نفوذ الكتل الأخرى، وسوف "يقفز" الأكراد وأحزاب أخرى "في عربة" هذا الإئتلاف دون قيام شروط مسبقة وواسعة النطاق.
ويتطلب انتخاب الرئيس العراقي المقبل أغلبية الثلثين من أعضاء البرلمان، أو 216 صوتاً. ومن المرجح أن يوفر تشكيل هذه الأغلبية العظمى في وقت مبكر، الخطوط العريضة لإقامة "حكومة وحدة وطنية"، التي قد لا يكون لها أي هدف متماسك باستثناء منح حقائب وزارية للأحزاب السياسية المكونة لهذه الحكومة. وسوف يتطلب مرور أشهر من تجارة التصويت المضنية قبل أن يتم سن جميع التشريعات، لأن الأحزاب الستة الكبرى في العراق لم تحز سوى ما مجموعه 136 مقعداً فقط من أصل 325 مقعداً في البرلمان.
إن رئيس الوزراء نوري المالكي هو "الفيل في الغرفة"، وقد لا يزال يكون بحاجة إلى الإنتقال جانباً لإفساح المجال أمام شخصية ضعيفة لاستلام منصب رئاسة الوزارة، بحيث تستطيع جميع الاحزاب الموالية لايران (وخصوصاً «التيار الصدري») الموافقة عليه. وفي الواقع، إذا أصبح المالكي عقبة أمام مشاركة «تحالف دولة القانون» في الحكومة القادمة، فقد وضع تحالفه الأساس لعزله. وتبرز أربعة بدائل مرجحة لتحل محل المالكي من بين مجموعة من السياسيين ذوي المنزلة السياسية المتوسطة: رئيس الوزراء السابق ابراهيم الجعفري، الذي لديه فرصة كمرشح خارجي؛ والسياسي من «المجلس الأعلى الإسلامي في العراق»، نائب الرئيس عادل عبد المهدي؛ وأحد كبار المسؤولين في «تحالف دولة القانون»، علي الأديب؛ والسياسي من «تحالف دولة القانون» جعفر محمد باقر الصدر، نجل المرجع الديني الشهيد محمد باقر الصدر وأخو زوجة السيد مقتدى الصدر. ويتشارك هؤلاء الأفراد في عدد من السمات الرئيسية، بما في ذلك قواعد دعم شخصية محدود والقدرة على العمل مع معظم الأطراف.
لقد نجحت إيران في وضع عقبة أمام تطوير حكومة وطنية قوية في بغداد لمدة أربع سنوات أخرى على الأقل، بعملها جنباً إلى جنب مع وكلائها في «التحالف الوطني العراقي».
وهذه هي المكافأة النهائية لأدائها المبدع في التلاعب في السياسة العراقية. وفي الوقت الذي يقتصر فيه أفق حكومة الولايات المتحدة على انسحاب قواتها العسكرية من العراق، لا يبدو أن واشنطن قادرة على اتخاذ مثل هذه التمييزات الدقيقة بعد أن استنفدت قواها في تلك البلاد، ومن المرجح أن ترحب بتشكيل حكومة ـ أي حكومة ـ عراقية جديدة".
أسفرت الانتخابات العراقية عن واقع جديد أفرز صورة مختلفة للخارطة السياسية بما لا يتناسب ومصالح الاحتلال الاميركي مقابل تقدم إيراني، بحسب دوائر الاحتلال نفسه.
الخوض في تداعيات ودلائل الانتخابات العراقية كان محور تقرير وضعه الخبير في الشؤون العسكرية والأمنية لدول الخليج، الباحث الأميركي مايكل نايتس لمجلة "فورين بوليسي" الاميركية، وهنا ترجمة لما ورد في التقرير:
" بالنسبة للمتابع العادي، قد تظهر العملية السياسية في عراق ما بعد الإنتخابات وكأنها قد وصلت إلى طريق مسدود أو تتحرك بخطى السلحفاة. وعلى الرغم من أن المراقبين الدوليين قد تحققوا من صحة نتائج انتخابات السابع من آذار/مارس ووصفوها بأنها كانت حرة ونزيهة إلى حد كبير، تعرضت النتائج لسلسلة من التحديات القانونية المزعجة. وسوف يؤدي ذلك إلى تعقيد التحدي الشاق الذي يواجه تشكيل حكومة ائتلافية تتألف من أكثر من ثلاثة عشر حزبا رئيسيا. وعلى الرغم من التحرك نحو قيام تحالف حكومي يتكون من الكتلتين الشيعيتين الرئيسيتين، لا تزال هناك حاجة إلى التغلب على عقبات كثيرة قبل أن يكون بالإمكان تشكيل حكومة جديدة.
إن أولئك الذين يتَّبعون ما يجري في العراق عن كثب، يعتمدون على الساسة العراقيين لكي يستنفذوا حتى آخر لحظة ممكنة من تلك السياسات الخطرة التي تجلبهم إلى حافة الهاوية، والتي عادة ما تكون بعد مرور فترة طويلة من انتهاء المواعيد النهائية التي فرضتها تأثيرات أجنبية.
وفي الوقت نفسه، يجري فوز وخسارة المعارك السياسية الحساسة على أساس يومي، وهي بعيداً من أن تكون في حالة جمود. إن إعادة الفرز الجارية لـ 2.4 مليون صوت في بغداد واستمرار أسطورة اجتثاث البعث ضد بعض المرشحين في الإنتخابات، هي ليست فقط مطبات مفتعلة ومقلقة على الطريق لتشكيل حكومة جديدة، بل معالم تدل على ذلك نوع الحكومة الذي يبرز حتماً من داخل غرف مليئة بالدخان. وإذا استمرت الإتجاهات الحالية، سوف تكون البيئة المثالية لإيران لكي تنشر نفوذها في أعقاب انسحاب الجيش الأمريكي.
وعلى الرغم من أن الإنتخابات الأخيرة كانت سلمية وخالية من الغش إلى حد كبير، إلا أنها في خطر من أن تصبح أول اقتراع وطني فقد مصداقيته على نطاق واسع في فترة ما بعد صدام حسين. وقد تم وضع الأساس لهذه الظروف المنحرفة خلال فترة ما قبل الإنتخابات عندما سعت «لجنة المساءلة والعدالة» إلى منع 511 مرشحاً من خوض الإنتخابات باستخدامها قوانين اجتثاث البعث، هذا بالإضافة إلى ادعاءات الإحتيال التي وجهها كل من «تحالف دولة القانون» الذي يضم رئيس الوزراء نوري المالكي و«الحركة الوطنية العراقية» التي ينتمي إليها إياد علاوي، حتى قبل بدء إحصاء الأصوات الأولى. وفي 19 نيسان/ابريل، وافقت «اللجنة القضائية العراقية» على الدعوة لإعادة فرز الأصوات بصورة يدوية لأكثر من 2.4 مليون صوت في بغداد، وهي العملية التي بدأت في 2 أيار/مايو، وستستمر لمدة أسبوعين على الأقل. وفي أواخر نيسان/أبريل المنصرم، قامت «لجنة المساءلة والعدالة» بإعادة فتح ملفات مجموعة كبيرة من قضايا اجتثاث البعث التي تشمل مرشحين كانوا قد خاضوا الإنتخابات الأخيرة.
وعلى الرغم من أنه من المتوقع أن لا يحدث تغيير سوى في 2-4 مقاعد، والتي ستنتقل بدورها من قائمة إلى أخرى داخل البرلمان الذي يضم 325 مقعداً، ستؤثر هذه الحالات تأثيراً كبيراً على ديناميات تشكيل الحكومة. فالنتيجة الأولى المهمة هي التأخير؛ فحتى في ظل أفضل الظروف، لن يتم التصديق على نتائج الإنتخابات حتى الأسبوع الأخير من أيار/مايو الحالي وهذا أقرب وقت ممكن، ما يؤخر إمكان قيام البرلمان بانتخاب رئيس للبلاد قبل منتصف تموز/يوليو، ومن شأن ذلك أن لا يترك سوى القليل من الوقت الثمين لرئيس الوزراء المنتخب للتصديق على حكومته قبل بداية شهر رمضان في 11 آب/أغسطس المقبل. وحتى من خلال "إبحار" عادي في مياه السياسة العراقية، قد لا تستطيع الحكومة الجديدة استلام مهامها قبل منتصف أيلول/سبتمبر أو، بعبارة أخرى، بعد الإنسحاب المقرر لجميع القوات الأمريكية المقاتلة من العراق.
ومن الممكن حدوث تأخيرات شديدة أكثر، حيث بإمكان الأحزاب والأطراف المختلفة الضغط من أجل قيام المزيد من أعمال الفرز، والطعون، والتحقيقات. وقد تضررت أيضاً عملية "الهندسة السياسية" في العراق بسبب الخلافات السياسية الحادة التي وقعت منذ الإنتخابات. وقد كانت النتيجة الأكثر لفتاً للإنتباه هي عرقلة قيام تحالف بين الإئتلافين الوطنيين برئاسة المالكي وعلاوي، اللذين فازا بأكثر المقاعد. وعلى الرغم من أنه كان دائماً من الصعب قيام مثل هذا التحالف، بسبب شخصيتي الزعيمين، كان بإمكان ذلك أن يؤدي إلى إعادة تشكيل صيغة الحياة السياسية العراقية. ومن شأن مثل هذا التحالف القومي الكبير أن يدعم قيام دولة فيدرالية قوية، وجذب الإستثمار الأجنبي، والإستقلال عن إيران، وتجديد التعاطي مع العالم العربي. وبدلاً من ذلك، فقد أصبح المالكي وعلاوي يخوضان صراعاً مريراً ومدمراً بصورة متبادلة وبشكل متزايد لكي يتجاوز كل منهما الآخر، بوصفه زعيم التحالف الفائز بأكبر عدد من المقاعد في البرلمان. وفي نهاية المطاف فإن هذا التمييز المشكوك فيه قد لا يزيد من إحتمالات فوز أي منهما برئاسة الوزارة.
وفي أعقاب المفاوضات التي جرت في الأسبوع الماضي، من شبه المؤكد أن يتكون جوهر الحكومة القادمة من «تحالف دولة القانون» برئاسة المالكي (89 مقعداً) و«التحالف الوطني العراقي» (68 مقعداً)، ويتضمن هذا الأخير 39 نائباً من «التيار الصدري» و17 برلمانياً مرتبطاً بـ «المجلس الأعلى الإسلامي في العراق» المدعوم من إيران.
وبسبب تمتع هذه الكتل بالأصوات اللازمة تقريباً (163) للتصديق على الحكومة، فقد قل الآن نفوذ الكتل الأخرى، وسوف "يقفز" الأكراد وأحزاب أخرى "في عربة" هذا الإئتلاف دون قيام شروط مسبقة وواسعة النطاق.
ويتطلب انتخاب الرئيس العراقي المقبل أغلبية الثلثين من أعضاء البرلمان، أو 216 صوتاً. ومن المرجح أن يوفر تشكيل هذه الأغلبية العظمى في وقت مبكر، الخطوط العريضة لإقامة "حكومة وحدة وطنية"، التي قد لا يكون لها أي هدف متماسك باستثناء منح حقائب وزارية للأحزاب السياسية المكونة لهذه الحكومة. وسوف يتطلب مرور أشهر من تجارة التصويت المضنية قبل أن يتم سن جميع التشريعات، لأن الأحزاب الستة الكبرى في العراق لم تحز سوى ما مجموعه 136 مقعداً فقط من أصل 325 مقعداً في البرلمان.
إن رئيس الوزراء نوري المالكي هو "الفيل في الغرفة"، وقد لا يزال يكون بحاجة إلى الإنتقال جانباً لإفساح المجال أمام شخصية ضعيفة لاستلام منصب رئاسة الوزارة، بحيث تستطيع جميع الاحزاب الموالية لايران (وخصوصاً «التيار الصدري») الموافقة عليه. وفي الواقع، إذا أصبح المالكي عقبة أمام مشاركة «تحالف دولة القانون» في الحكومة القادمة، فقد وضع تحالفه الأساس لعزله. وتبرز أربعة بدائل مرجحة لتحل محل المالكي من بين مجموعة من السياسيين ذوي المنزلة السياسية المتوسطة: رئيس الوزراء السابق ابراهيم الجعفري، الذي لديه فرصة كمرشح خارجي؛ والسياسي من «المجلس الأعلى الإسلامي في العراق»، نائب الرئيس عادل عبد المهدي؛ وأحد كبار المسؤولين في «تحالف دولة القانون»، علي الأديب؛ والسياسي من «تحالف دولة القانون» جعفر محمد باقر الصدر، نجل المرجع الديني الشهيد محمد باقر الصدر وأخو زوجة السيد مقتدى الصدر. ويتشارك هؤلاء الأفراد في عدد من السمات الرئيسية، بما في ذلك قواعد دعم شخصية محدود والقدرة على العمل مع معظم الأطراف.
لقد نجحت إيران في وضع عقبة أمام تطوير حكومة وطنية قوية في بغداد لمدة أربع سنوات أخرى على الأقل، بعملها جنباً إلى جنب مع وكلائها في «التحالف الوطني العراقي».
وهذه هي المكافأة النهائية لأدائها المبدع في التلاعب في السياسة العراقية. وفي الوقت الذي يقتصر فيه أفق حكومة الولايات المتحدة على انسحاب قواتها العسكرية من العراق، لا يبدو أن واشنطن قادرة على اتخاذ مثل هذه التمييزات الدقيقة بعد أن استنفدت قواها في تلك البلاد، ومن المرجح أن ترحب بتشكيل حكومة ـ أي حكومة ـ عراقية جديدة".