ارشيف من : 2005-2008

تضامنا مع مصابي وضحايا القنابل العنقودية

تضامنا مع مصابي وضحايا القنابل العنقودية

للعدوان الاسرائيلي على لبنان في تموز من العام 2006، وفي تضامن مع مصابي وضحايا القنابل العنقودية بعنوان "القنابل العنقودية...عدوان مستمر"، وذلك في الخامسة من عصر اليوم في الاونيسكو في حضور ممثل كتلة الوفاء للمقاومة النائب حسن فضل الله، والنواب: علي بزي، مروان فارس، رئيس المركز اللبناني للأعمال المتعلقة بالألغام العقيد محمد فهمي ممثلا قائد الجيش، مدير عام الدفاع المدني في الهيئة الصحية الاسلامية الحاج عدنان مقدم، إضافة الى عدد من السادة العلماء ورجال الدين، وممثلي الهيئات الثقافية والاجتماعية.‏

بعد عشر من الذكر الحكيم، النشيد الوطني افتتاحا، ثم قدم السيد عماد خشمان الحفل بكلمة أشار فيها الى "أن العدوان الاسرائيلي ما زال مستمرا من خلال القنابل العنقودية التي زرعها في جنوب لبنان والبقاع الغربي، والتي تقدر بأكثر من مليون قنبلة غير منفجرة".‏

ثم عرض فيلم وثائقي عن تأثير القنبلة العنقودية وانعكاساتها على المجتمع اللبناني، والاصابات التي يتعرض لها بين الحين والآخر عدد كبير من المواطنين الأبرياء.‏

كلمة المصابين‏

ثم ألقى الطفل المصاب علي جمعة كلمة المصابين قال فيها:"ان اسرائيل في عدوانها الأخير على لبنان وخلال كل اعتداءاتها السابقة استهدفت فينا روح الطفولة والبراءة، حرمتنا السعادة، وشوهت أجسادنا، وسببت لنا الاعاقات الدائمة والمعاناة الطويلة والآلام، دمرت بيوتنا ومنعتنا من التمتع بطفولتنا، قتلت أهلنا وروح التسامح فينا، ومارست علينا القسوة والعدوان.‏

باسم المصابين من جراء القنابل العنقودية وباسم الشهداء الذين سقطوا بسببها، باسم عوائلهم المفجوعة، نناشد المجتمع الدولي إدانة اسرائيل على هذا العدوان والزامها بتقديم ما يلزم لازالتها من أرضنا وما خلفته من آثار إنسانية واجتماعية واقتصادية وغيرها.‏

كما وانني باسمهم أشكر الجيش اللبناني والمؤسسات الدولية والأهلية الوطنية على كل ما قدموه في سبيل إزالة هذه القنابل والألغام وتخفيف المعاناة عنا وعن أهل الجنوب والبقاع الغربي المقاومين".‏

د. فرانكلين‏

ثم تحدث الدكتور فرانكلين بيلامب عن المنظمات الحقوقية الذي قال:"ان القنابل العنقودية أصبحت مسألة بالغة الأهمية في لبنان، وانعكاساتها السلبية على المواطنين اللبنانيين". وقال:"ان رئيس الوزراء الاسرائيلي أعلن انه لا قيود على الطيران الاسرائيلي وتحليقه في لبنان، وخلال حربه على لبنان استخدم الاسرائيليون الذخائر الممنوعة دوليا من القنابل العنقودية وغيرها"، وتحدث عن المساعدات الاميركية العسكرية والمالية لاسرائيل وان الكونغرس الاميركي أقر منذ أسابيع مساعدة لاسرائيل تقدر ب30 مليار دولار وهذا عبء كبير على المكلف الاميركي الذي لا يعرف شيئا عن ضرائبه أين تذهب وماذا تقتل.‏

مقدم‏

ثم ألقى مدير عام الدفاع المدني في الهيئة الصحية الاسلامية الحاج عدنان مقدم كلمة قال فيها:"نلتقي اليوم في الذكرى الأولى للعدوان الاسرائيلي على لبنان في تموز من العام 2006، الذي كان سقطا لمخاض الشرق الأوسط الجديد كما أراده أعداء لبنان وأعداء الأمة، وفرصة للقضاء على المقاومة الباسلة.‏

تأتي الذكرى وربيع النصر الذي تحقق على أيدي رجال الله تزهر أيامه من جديد عطاءات جسام، نصر ارتوى دما وأشلاء من أجساد أشرف الناس وأطهر الناس وأكرم الناس، وعبق الشهادة والتضحيات يملأ سماء لبنان الذي غسل وجهه بدم العزة والكرامة، ببسالة مقاومته وصبر وصمود شعبه الذي تشبث بأرضه ومنع العدو من تحقيق أي من أهدافه فكانت الهزيمة للعدو الذي جر خلفه ثلاثة وثلاثين ذيلا من أذيال الخيبة، فقد أنجز الله وعده وأتى النصر المؤزر، وولى زمن الهزائم إنه وعد الله الصادق.‏

اضاف "نستحضر في مثل هذه الأيام من عدوان تموز، حجم الهمجية والوحشية لدى العدو، فبعد 33 يوما من العدوان لجأ خلالها الى ارتكاب المجازر المتنقلة المجزرة تلو الأخرى بحق المدنيين الأبرياء، وألقى حمم آلته العسكرية مستخدما القدرة التدميرية لجيشه بصورة مفرطة، فهدم الجسور وقطع الطرقات وقصف قوافل الامدادات والمساعدات للنازحين واستهدف سيارات الاسعاف والمراكز الطبية والاجتماعية.‏

لقد ترك العدو في نهاية عدوانه لونا آخر من ألوان الحقد والجريمة، تمثل في القائه ما يزيد عن أربعة ملايين قنبلة عنقودية في غير منطقة من مناطق لبنان وفي المناطق المأهولة بالمدنيين، وذلك قبيل إعلان وقف إطلاق النار بثلاثة أيام، ويقدر الخبراء، وجود أكثر من مليوم ومئتي ألف قنبلة غير منفجرة.‏

لقد استنفرت هذه الجريمة العديد من الجهات والهيئات للعمل على معالجة مخاطرها حيث يعمل جيشنا اللبناني ومجموعة من الشركات والمؤسسات الدولية والمقاومة على نزعها والتوعية من مخاطرها بصورة متواصلة".‏

وختم :"ان قصف الأحياء السكنية بالقنابل العنقودية يعد فضيحة كبرى للمجتمع الدولي الذي وقف ساكتا متفرجا على انتهاكات الدولة العبرية، وأمن لها غطاء سياسيا لاستمرار العدوان بكافة أشكاله".‏

فهمي‏

ثم ألقى رئيس المركز اللبناني للأعمال المتعلقة بالألغام العقيد محمد فهمي كلمة قال فيها:"سنة مضت على عدوان تموز، تجسد خلالها التلاحم بين الجيش والمقاومة والشعب، عزة لبنان وعنفوانه، قابلها خيبة وفشل وهزيمة لعدو غاصب غاشم.‏

كما تعلمون جميعا أن لبنان وبخاصة الجنوب، وجد نفسه بعد هذا العدوان أمام مشكلة ضخمة تفوق إمكانات الدولة وحد الواقع.‏

لذلك عمدت قيادة الجيش اللبناني وبتوجيهات واضحة من العماد ميشال سليمان بالوقوف يدا بيد الى جانب أهلنا في الجنوب وفي كافة المناطق اللبنانية دون استثناء، وبمساعدة الدول المانحة وبخاصة دولة الامارات العربية المتحدة، بالاضافة الى الجمعيات الأهلية والمؤسسات الانسانية واللجان الوطنية، وذلك لوضع حد لتأثير آفة الألغام التي أبى العدو الصهيوني إلا أن يزيدها بلة من خلال مئات الآلاف من القنابل العنقودية التي غطت الجنوب اللبناني، والتي رفض العدو الصهيوني تحديد الأماكن التي قصفها وتزويدنا بها بواسطة الأمم المتحدة. وقد نتج عن ذلك ما يزيد عن 250 إصابة بينهم 32 شهيدا.‏

ان قيادة الجيش اللبناني تؤكد التزامها بدعم المخطط الوطني لنزع الألغام والقنابل العنقودية، من خلال مساهمتها في الانماء الوطني، وقد بان ذلك جليا من خلال تنظيف ما يزيد عن 65% من حقول الالغام وعلى 55% من القنابل العنقودية حتى يومنا هذا.‏

إن قيادة الجيش إذ تثني على هذا اللقاء الانساني تضامنا مع مصابي الالغام العنقودية من أجل تسليط الضوء للعالم أجمع على أننا عملنا وما زلنا نعمل وبكل ما اوتينا من عزم وتصميم على مجابهة آثار هذا السلاح الخفي، الذي أصاب أطفالنا وأهالينا وما زال يهدد سلامتهم وحياتهم اليومية".‏

النائب فضل الله‏

ثم ألقى النائب حسن فضل الله كلمة جاء فيها:"نلتقي اليوم بمبادرة طيبة من مؤسسة الجرحى والهيئة الصحية الاسلامية لإثارة ملف العدوان الاسرائيلي المستمر على لبنان والمتمثل بالقنابل العنقودية التي زرعها هذا العدو في البيوت وفي الحقول وفي الشوارع مستهدفا حياة المدنيين بأرواحهم وأرزاقهم، في واحدة من أبشع الجرائم ضد الانسانية، إذ هي ممارسة لقتل المدنيين من أطفال ونساء وشيوخ من أجل القتل. وهذا ذروة الارهاب الدولي المنظم، ارهاب الدولة المدعوم من جهات دولية.‏

ان هذه القنابل المصدرة من الولايات المتحدة الاميركية وقد استمعنا الى بعض الشروحات حولها هي بمثابة الجريمة اليومية التي تستنزف حياة المدنيين أمام مرأى العالم، مرأى الهيئات الدولية، المجتمع الدولي، مجلس الأمن الذي انشغل قبل أيام بنقاش مستفيض حول بيانه الرئاسي المتعلق بالقرار 1701 من دون أن يرف له جفن حيال مأساة المدنيين، حيال دماء وجراحات وآلام هؤلاء المدنيين، ألم تستحق وحشية هذه الجريمة ومعاناة ومظلومية الشعب اللبناني ولو التفاتة من مجلس الأمن في بيانه الأخير، ألا يجرم القانون الدولي ويعاقب من يمول ويستخدم مثل هذه القنابل ضد المدنيين، لماذا يعطل القانون الدولي دائما على أشلاء ضحايانا وتتوقف مفاعيل هذا القانون أمام دمائنا؟ الجواب التاريخي واضح وجاهز دائما لأن المجرم واضح ومكشوف وصريح وهو اسرائيل والولايات المتحدة الاميركية التي تدعمها.‏

ولأن الضحايا هم مدنيون لبنانيون فهم لا يستأهلون محكمة دولية تحت أي فصل من فصول الأمم المتحدة ومجلس الأمن ولا حراكا من سلطة سياسية في بلادهم، سلطة لم تعد تجيد إلا التفريق بين انتماءات ومناطق ودماء أبناء شعبها، وان كانت الجهود الانسانية المشكورة التي تقوم بها الهيئات المحلية، الجيش اللبناني، الهيئات العربية الداعمة، الهيئات الدولية للتخفيف من معاناة وآلام المدنيين فإن مواجهة هذه الجريمة تتطلب أيضا جهدا سياسيا وقانونيا للضغط على الكيان الاسرائيلي، من أجل أن يسلم خرائط الألغام وخرائط القنابل العنقودية وايضا من اجل محاكمة هؤلاء المجرمين المعتدين حكومة اسرائيلية وجيشا اسرائيليا وداعمين لهذا العدو الاسرائيلي.‏

ان الادارة الاميركية التي زودت العدو بهذا لسلاح الفتاك وامنت الدعم والتأييد للعدوان الاسرائيلي في تموز 2006 تتحمل المسؤولية الكاملة عما يصيب المدنيين ولن اتحدث هنا عن المسؤولية الاخلاقية لان المسؤولية الاخلاقية شطبت من القاموس الرسمي الاميركي .‏

هذا العدوان الذي هزمته المقاومة في الميدان بصمود مجاهديها وشعبها وجيشها تحاول الادارة الاميركية مواصلته بأوجه مختلفة فهي مدت الجيش الاسرائيلي بالقنابل العنقودية بأوجه لبنانية وبدون اختباء لتستهدف الجسم اللبناني بالجراح من خلال العمل على اثارة الفتن السياسية والفوضى وضرب الاستقرار الداخلي. قنابل عنقودية سياسية نراها كل يوم لترهيب اللبنانيين بقرارات اختارت ادارة بوش توقيتها لضغط على الادارة الشعبية لمنع هذه الادارة من التعبير عن خياراتها الوطنية وللحؤول بينها وبين حقها الديمقراطي في احداث التغيير الذي كفله القانون والدستور. وعندما نتحدث عن الديمقراطية نتحدث عن حكومة ومعارضة نتحدث عن سلطة ومعارضة وهناك حق مكتسب للمعارضة بالعمل بالوسائل السلمية بالادارة الشعبية على التغيير وهذه الارادة تجلت في لبنان في مناسبات كثيرة وابرزها مسيرة المليون ونصف المليون، لكن ديمقراطية السيد بوش الجديدة تريد ان تحمي الديكتاتورية وتمنع الديمقراطية وتمنع الشعب من ممارسة حقه الطبيعي في التغيير وتتوسل فيه حكومات قرضاي ورفاق قرضاي في المنطقة لحقيق انجازات سياسية وتثبيت الحكومات الفاشلة وغير الشرعية والشعبية من اولمرت في الكيان الاسرائيلي الى من هم عندنا في لبنان. صار هؤلاء هم المعتمدون للانجاز الاميركي وهم الذين يتوسلهم بوش لتحقيق انجاز عندما يكون انجاز الفاشل دعم المهزوم كيف ستكون النتيجة. ووصل الامر في عهد هذه الادارة الاميركية الى حد ان حكومة مبتورة فاقدة للشرعية الدستورية والميثاقية وفاقدة للشعبية التي اظهرتها كل التظاهرات والانتخابات، حكومة فؤاد السنيورة باتت جزءا من الامن القومي الاميركي وهي غير شرعية.‏

وقال:" ربما يتوهم الفريق الحاكم ان اعتباره جزءا من الامن القومي الاميركي يؤمن ه القدرة على الاستئثار والتفرد، وهو الفريق الذي اتقن القراءات الخاطئة وتحريف الوقائع والحقائق حتى صار من عادته ان يجعل من الهزيمة نصرا ومن النصر هزيمة. الم يفعل ذلك في عدوان تموز وبعد عدوان تموز وهو يكرر هذه المقولة، ندعوه الى الخروج من وهمه وخياراته الخاطئة والكف عن المكابرة وعدم الرهان على ادارة فاشلة، وندعو شركاءنا في الوطن ونمد يدنا لشركائنا وندعوهم الى التعاون الى الوحدة الى العودة الى العقل الى التوافق والتفاؤل من خلال حكومة وحدة وطنية كمنطلق اساسي للشراكة والتوافق في كل الخيارات والاستحقاقات المقبلة.‏

كلمة راعي الاحتفال‏

وفي الختام القى النائب علي حسن خليل كلمة راعي الاحتفال الاستاذ نبيه بري وجاء فيها: " كان ذلك عام 1978 خلال الحرب الاسرائيلية على لبنان بعنوان عملية الليطاني.‏

كانت المرة الاول التي نسمع فيها بقنابل الكانستر العنقودية الاميركية الصنع , التي ضرب بها لبنان خصوصا طريق الساحل ومنطقة صور.‏

يومها قامت ضجة في الولايات المتحدة على استخدام اسرائيل لهذه القنابل دون تصريح اميركي.‏

كدنا نصدق , ولكننا تساءلنا لماذا اذا منحت الادارة الاميركية مثل هذه القنابل الى اسرائيل اذا كانت ممنوعة من الصرف على اجسادنا, وانتبهنا الى ان موتنا ليس معلقا على هذه القنابل مع وقف التنفيذ؟‏

بعد ذلك صارت القنابل العنقودية حبات السبحة الاسرائيلية التي ينفرط حبلها في ارضنا كل ما دق الكوز بالجرة, وصار اطفالنا خصوصا يقعون ضحية لمس هذه الاجسام المتنوعة الاشكال.‏

اذا وحيث لم تكن لعب الاطفال الاسرائيلية المفخخة كافية لاغتيال فرحنا بفلذات اكبادنا التي تمشي على الارض , فتح بابا نويل الاسرائيلي كيس القنابل العنقودية في ملاعب اطفالنا.‏

وهكذا لم تعد ( الباربي ) الاميركية المحشوة بالبارود والشظايا وحدها علامة الموت البرىء في حدائق منازلنا.‏

شيئا فشيئا دخلت القنابل العنقودية حياتنا اليومية , صارت جزءا من صياح تيننا وضحكة شمسنا وصرخة ارواحنا.‏

وعن عدلون حيث سقط الضحايا الاوائل بالقنابل العنقودية اخوة ثلاثة, الى كل مكان تتربص فيه القنابل العنقودية بأولادنا وسط صمت الدولة المنتجة, نطلق صرختنا في برية العالم من اجل ان تمتد الينا يد العون لازالة ما يزيد عن مليون قنبلة عنقودية ولغم وقذيفة اسرائيلية غير متفجرة.‏

وبعد وبعد,‏

ففي مثل هذه الايام من العام الماضي وطيلة 33 يوما, زرعت المدافع الاسرائيلية اضافة الى الطائرات جنوب لبنان وصولا الى البقاع الغربي والاوسط بالقنابل العنقودية, وهو الامر الذي مثل خرقا للحظر المفروض على الهجمات العشوائية والذي يرد في القانون الانساني الدولي.‏

لقد اثبتت كل الدراسات الدولية ان ثمانية وتسعين بالمئة من ضحايا القنابل العنقودية والذخيرة الانشطارية هم من المدنيين , وبإستثناء اسرائيل والولايات المتحدة فإن العالم يندفع بصورة متزايدة نحو خطر القنابل العنقودية , وقد عبر عن هذا الامر مؤتمر اوسلو, حيث اتفقت 46 دولة على اعلان يطالب بتوقيع معاهدة لحظر هذه القنابل بحلول عام 2008 وعلى نفس الصعيد اتفق ممثلو 70 دولة خلال اجتماع في ليما عاصمة البيرو على الالتزام بحظر تصنيع واستخدام القنابل العنقودية.‏

وبالمقابل عممت وزارة الخارجية الاسرائيلية مذكرة في الثاني عشر من تموز المنصرم, اعترفت في سياقها بأنها استعملت القنابل العنقودية في اثناء الحرب, بأعتبار ان هذا النوع من الاسلحة غير محظور بموجب القانون الدولي , وزعمت ان اي نقاش حول استعمالها له ينبغي ان يتركز على طريقة استعمالها بدل التركيز على شرعيته.‏

هذا هو اللامنطق الاسرائيلي مقابل موت الاطفال.‏

هذا هو الصلف الاسرائيلي الذي يعتمد على ان الغاية تبرر الوسيلة, ولا يهتم للرأي العام العالمي وحتى الاسرائيلي.‏

واذا كان المنطق الاسرائيلي يريد ان يأخذ النقاش الى طريقة استعمال القنابل العنقودية بدل شرعية استعمالها, فما هو المنطلق الاسرائيلي في الرد على استعمال الاسلحة الفتاكة والمحرمة دوليا.‏

لقد امطر الجيش الاسرائيلي المناطق الحرجية على امتداد الحدود بالقنابل الحارقة وضرب بالقذائف المسمارية والمنثارية مئات المناطق واستهدف في قصفه الثقيل مؤسسات دينية وتربوية وصحية , حيث اصاب المستشفيات ودمر عشرات المدارس والمساجد والكنائس.‏

اننا حين نتحدث عن الطغيان الاسرائيلي وعن العدوانية الاسرائيلية فإننا لا نحصر المسألة في حال الحرب , بل ان اسرائيل في ذاتها تعبر عن هذا الطغيان وهذه العدوانية, وتؤكد كل يوم انها منبع ارهاب الدولة.‏

انني وبالانتقال الى الممارسات الاسرائيلية في المناطق الفلسطينية فإن المشهد الفلسطيني وحده كاف لان يعبر عن الارهاب العنصري لحكومات اسرائيل المتعاقبة.‏

انني مع التذكير بالمعتقلين اللبنانيين في السجون الاسرائيلية والذي يشكل استمرار اعتقالهم تأكيدا ان القرار الدولي رقم 425 لم ينفذ فأنني اوجه عناية العالم الى :‏

1 - قيام سلطات الاحتلال الاسرائيلي بإعتقال اثنين واربعين الف فلسطيني خلال ست سنوات من عمر انتفاضة الاقصى, بالاضافة الى عشرات الالاف ممن اعتقلوا سابقا, بينهم اربعة وثلاثلون نائبا واربعة وزراء سابقون ورئيس المجلس التشريعي عزيز دويك وامين سر المجلس محمود الرمحي.‏

في هذا المجال اوجه عناية العالم الحر وكل المهتمين الى وجود احد عشر الف اسير ومعتقل فلسطيني موزعين على ثلاثين سجنا ومعتقلا بينهم ستمئة سيدة وثلاثمئة وثلاثون طفلا.‏

2- قيام سلطات الاحتلال بوضع خمسماية وستة واربعين حاجزا اضافيا.‏

3- تقييد حياة الفلسطينيين عبر اغلاق المعابر، واغلاق نحو خمسين بالمئة من اراضي الضفة بوجه الفلسطينيين الذين يعيشون فيها.‏

انني في هذا الاطار اعيد على مسامع العالم ان اسرائيل تواصل عمليات الاستيطان واقامة الاطواق الاستيطانية حول مدينة القدس الشريف، وكذلك تواصل بناء الفصل العنصري.‏

وبالعودة الى لبنان الذي كان ساحة لحروب اسرائيل على ارضه، حتى الحرب الاخيرة التي نأمل انت تكون درسا رادعا للعدوانية الاسرائيلية، فان لبنان سيبقى يعاني طويلا جراء احتلال مساحات من ارضه بواسطة حقول الموت المتمثلة بالالغام التي لم تسلم اسرائيل خرائطها حتى للامم المتحدة وجراء استمرار الاحتلال الاسرائيلي لمزارع شبعا وتلال كفرشوبا.‏

انني بداية اقدر المساعدة المخلصة المتواصلة من دولة الامارات العربية المتحدة والتي بدأت بعطاء كريم من صاحب السمو زايد بن سلطان رحمه الله واستمرت مع رئيس دولة الامارات العربية المتحدة سمو الشيخ خليفة بن زايد.هذه المساعدات التي اسهمت بصورة رئيسية بتنظيف مساحات كبيرة في الجنوب على يد وحدات من القوات المسلحة الاماراتية ومؤسسات دولية متخصصة متعاقدة وعبر المكتب المتخصص في الجيش اللبناني واللواء اللوجستي، الذي قدم شهداء في هذا المجال، وفي الطليعة المؤسسات المتشاركة في نشر وعي حول خطر الالغام والاجسام المتفجرة، واخص بالذكر كشافة الرسالة الاسلامية والدفاع المدني في حركة امل ومؤسسة الجرحى في الحزب الله وجامعة البلمند.‏

وانني في هذا ادعو على المستوى الوطني الرسمي الى جعل هذه القضية اولوية وطنية، خصوصا بعد ان قامت اسرائيل خلال الحرب الاخيرة على لبنان باعادة تفخيخ الحياة المدنية والزراعية في جنوب لبنان والبقاع الغربي بالقنابل العنقودية، حيث تبلغ مساحة الاراضي الملوثة بالقنابل العنقودية سبعة وثلاثين مليون متر مربع حسب معلوماتي.‏

كما ادعو الى التسريع بدفع التعويضات الزراعية للمتضررين، خصوصا ان الاضرار تجاوزت المواسم الى المساحات التي باتت مليئة بالقنابل العنقودية والاجسام غير المتفجرة والتي لا يمكن الاستفادة منها، علما واستنادا الى مصادر الجيش اللبناني فان عدد الذخائر غير المتفجرة هي احد عشر الفا وعدد الالغام التي لا زالت موجودة هي اربعماية واربعون الفا، سبعة وثلاثون الفا منها على الخط الازرق.‏

وفي هذه الاجواء العنقودية المتفجرة لاسلحة الحرب الاميركية المصدر، وبعد فشل الادارة الاميركية في تمويه نواياها بالديمقراطية لتمرير مشروع الشرق الاوسط الكبير، تعود الينا وزيرة خارجيتها السيدة رايس ووزير دفاعها غيتس حاملين محملين بالاسلحة الى الشرق الاوسط، والتي تنال اسرائيل نصيبا موازيا منها لكل دول المنطقة العربية.‏

اننا نقول من موقع العارف ان احدا لا يستطيع قلب التاريخ ولا الجغرافيا، ولن تستطيع الادارة الاميركية ان تقلب الحقائق وتجعل من ايران عدوا رئيسيا للعرب بدل اسرائيل، ولن تنجح الادارة الاميركية في تسعير نار الفتنة المذهبية.‏

ان فشل استراتيجية الفوضى الاميركية العابرة للحدود في عرقنة المنطقة، واستنساخ نموذج الارهاب من العراق الى دول المنطقة، يجب ان يعطي الدروس والعبر بأن المنطقة لن تسلك طريق الدم والنار والتوترات والفتن والحروب.‏

اننا ندعو الادارة الاميركية اولا الى المصالحة مع دول ومجتمعات المنطقة، عبر تحقيق الاماني الوطنية للشعب الفلسطيني، وانسحاب اسرائيل من الاراضي العربية المحتلة حتى حدود الرابع من حزيران، واعادة مزارع شبعا وتلال كفرشوبا الى لبنان وتحرير المعتقلين اللبنانيين، ووقف الولايات المتحدة تصدير اسلحة الموت والدمار والفتك الى اسرائيل خاصة، وباستثناء ذلك فان مقاومة وممانعة شعوبنا ستمكننا من اسقاط كل مشاريع السيطرة والعدوانية والمشاريع الاستيطانية.‏

اخيرا وبالعودة الى لبنان، فاننا نعود الى التأكيد ان ترسيخ مبدأ المشاركة الوطنية بما يعني مشاركة كل فئة او جماعة او فرد في كل ما يصنع حياة الدولة والمجتمع هو المخرج من المأزق السياسي الراهن.‏

ونقول للجميع ان تجربة التفرد والاستئثار ادت وتؤدي الى التمرد والانتفاضة.‏

ونقول اننا نحتكم الى الدستور ولن نقبل بالتجاوز عليه، لان ذلك يعني تجاوزا على الصيغة وعلى اتفاق الوفاق الوطني.‏

اننا نأمل بأن يكون الاستحقاق الرئاسي بهذا المعنى الدستوري محطة لاعتراف كل منا بالاخر، وان نتفق على شخص الرئيس الذي سيكون عنوان لبنان غدا، لان الواقع الاجتماعي والاقتصادي في لبنان لم يعد يحمل حرق الوقت على النحو الجاري ولعبة الغميضة التي اوقعت الاكثرية نفسها بها، وباتت اسيرة الاستنتاجات المتعلقة بالحروب او التسويات الاقليمية، حيث ان اخضاع لبنان لتلك النتائج سوف لا يؤدي الا الى المساس بلبنان الكيان كضرورة لبنانية وعربية ودولية.‏

وختم "عسى ان نزيل العقد العنقودية التي باتت تحكم حياتنا السياسية، وهذا الامر متوقف على تنازلات متبادلة وعلى اسير خطوات متقابلة نحو لبنان".‏

2007-08-08