ارشيف من : 2005-2008

بعد أن صادرت ثلثي أراضي دير الحطب : "ألون موريه" مستوطنة تسرق تاريخ الفلسطينيين وتسقيهم "مجاريها"

بعد أن صادرت ثلثي أراضي دير الحطب : "ألون موريه" مستوطنة تسرق تاريخ الفلسطينيين وتسقيهم "مجاريها"

الحطب الفلسطينية شمالي مدينة نابلس بالضفة الغربية، يلاحظون أمرا ما في مياه الشرب التي تسقيهم منذ أعوام طويلة، والتي تأتيهم من "نبع العين الكبيرة" التاريخية قرب قريتهم. فلونها تغير وأصبح لها رائحة لم يعهدوها من قبل.. وبعد البحث عن السبب كانت المفاجأة! سكان القرية يشربون مياه صرف صحي مصدرها مستوطنة "ألون موريه" المقامة أصلا على أراضي القرية. يقول السكان: "لم يفكر احد بأن هذه المياه قد تحولت منذ فترة إلى "مياه صرف صحي"، وباللغة المتداولة "مياه مجاري"، ناجمة عن تحويل مواسير المياه التي تأتيهم من العين الكبيرة إلى "بركة سباحة" يلهو بها صغار المستوطنين في مستعمرة "ألون موريه" المقامة على أراضيهم. يقول عبد الكريم حسين رئيس المجلس القروي في قرية دير الحطب الصغيرة، التي لا يتعدى عدد سكانها 2350 نسمة: إن نحو نصف البلدة، بما يعادل نحو 120 بيتا، اكتشفوا بعد مضي 3 أشهر أن المياه التي كانوا يستخدمونها للشرب لم تكن سوى مجرد "مياه مجاري" كان صغار المستوطنين وأولادهم "يبولون فيها"، كما اعترفت جهات اسرائيلية رسمية في ما بعد.‏

مصادفة..‏

بدأت القصة تثير الانتباه عندما راحت المياه تصل بغير لونها الطبيعي، وفي أغلب الأحيان كان الأهالي يلاحظون رائحتها الغريبة أيضا، ما حدا بهم إلى استبعادها عن أغراض الشرب وقصر استخدامها على سقاية الزرع. كما ـ حسب رئيس المجلس القروي ـ سجل عدد من حالات الإصابة بجرثومة الأميبا بين السكان الذين كانوا يستخدمون تلك المياه.‏

ويضيف حسين: نحو نصف القرية كان في الفترة الماضية يعتمد بشكل جزئي على مياه نبع "العين الكبير" التاريخية، التي يمتد بناؤها إلى العصر الروماني، وفي أغلب الأحيان كانت مصدر رئيسي عند انقطاع شبكة مياه القرية. وفي الأشهر الثلاثة الأخيرة أصبحت المياه القادمة من نبع "العين الكبيرة" على علاتها، تصل متقطعة في مرات كثيرة. ومنذ ذلك الحين يقول رئيس المجلس القروي: "بدأنا سلسلة اتصالات مع الارتباط المدني الفلسطيني" الذي يُعنى بشؤون الاتصالات في النواحي المدنية مع الاحتلال، وعندما وصل وفد فلسطيني برفقة ممثلين عن مجلس دير الحطب، اكتشف وجود بركة سباحة خُصصت للترفيه عن الصغار قرب من مستعمرة ألون موريه".‏

يضيف رئيس المجلس: إن الأمر شكل لهم صدمة حين اكتشفوا قيام المستوطنين بتحويل مواسير الضخ التي تغذي القرية من مياه "العين الكبيرة" العذبة إلى بركتهم، ومن ثم ربطوا القرية بماسورة التصريف، فأصبحت نصف دير الحطب تشرب "مياه المجاري الملوثة".‏

بركة كبرى أخرى‏

إلى جانب المسبح الذي لوث مياه القرية الفلسطينية، اكتشف سكان دير الحطب أيضا أن مستوطني "ألون موريه" بنوا في أراضيهم الزراعية التي يمتلكون أوراق ملكيتها، بركة كبيرة بمساحة 300 متر مربع، لغرض استخدامها مجمع مياه ضخما فيما بعد.‏

وبرغم تدخل الجانب الفلسطيني الذي رفع قضية ضد البناء "غير القانوني" في أراض ذات ملكية فلسطينية، إلا أن الجانب الإسرائيلي لا يزال حتى اليوم يتجاهل هدم "بركة السباحة الصغيرة"، وكذلك مجمع المياه الضخم الذي كان ولا يزال قيد الإنشاء.‏

وإلى جانب رفع قضية في المحاكم الاسرائيلية، يقول رئيس المجلس القروي إن عشرات الشبان الفلسطينيين شرعوا في تنفيذ اعتصامات أسبوعية "كل يوم جمعة" على أراضي القرية التي انتهكت من قبل المستوطنين، وأقيمت عليها مشاريع الترفيه لسكان "ألون موريه".‏

ويضيف رئيس المجلس: ان سلطات الاحتلال في المستعمرة حاولت خداع الأهالي وتسوية الأمور بعيدا عن المحاكم، فدعتهم الى الحضور للمستعمرة "من أجل الجلوس معا والتباحث في كيفية حل الأزمة"، إلا أن سكان القرية رفضوا ذلك.‏

الأرض أيضا..‏

أما تلويث مياه دير الحطيب فلم يكن الاعتداء الأول على أهالي المنطقة، ويروي رئيس المجلس القروي أن حدود قرية دير الحطب كانت تمتد على مساحة تزيد عن 11 ألف دونم زراعي، ولكن منذ العام 1980 بدأت سلطات الاحتلال في بناء مستعمرة "ألون موريه" التي صادرت حتى اليوم (8) آلاف دونم (ما يعادل ثلثي أراضي القرية)، ولم تترك لهم سوى مساحات ضيقة للبناء فقط.‏

وبالطبع مستعمرة "ألون موريه" التي يسكنها مستوطنون من المتطرفين، ليست الوحيدة التي أقيمت في المنطقة، حيث سجلت الإحصائيات الرسمية الاسرائيلية والفلسطينية إقامة (48) مستعمرة وجيبا استيطانيا على أراضي محافظة نابلس.‏

وينهي عبد الكريم حسن حديثه بالقول: "منذ أعوام طويلة لم يسمح لنا جيش الاحتلال بالاقتراب من أراضينا التي صادرها، في حين يسمح للأهالي بقطف محصول الزيتون مدة يومين فقط كل عام".‏

وحتى مع هذا السماح سيجد الفلاحون محصولهم قد سُرق، ومياههم وقد لُوثت، فيما هددت حياتهم بفعل مطاردة المستوطنين الدائمة لهم.‏

الانتقاد/العدد 1232 ـ 14 ايلول/سبتمبر 2007‏

2007-09-14