ارشيف من : 2005-2008
صواريخ المقاومة كفيلة بقلب الموازين :لقاءات عباس أولمرت مقدمة لـ"اتفاق مبادئ" جديد
والفلسطيني بوجود عامل حاسم في نجاح المفاوضات او فشلها هو عامل المقاومة.
فقد نجحت الوحدة الصاروخية المشتركة لكل من سرايا القدس وألوية الناصر صلاح الدين في إصابة جيش العدو في مقتل، حيث للمرة الأولى في تاريخ صراعه مع المقاومة الفلسطينية يُجرح له 69 جنديا إضافة إلى مقتل جندي آخر في ضربة واحدة، بعدما استهدفت صواريخ المقاومة القاعدة العسكرية "زيكيم" بالقرب من المجدل شمال قطاع غزة. هذه العملية أربكت الكيان الصهيوني وجعلته في حيرة من أمره بكيفية الرد مع الأجواء الإقليمية والدولية الضاغطة، وإن كانت السيناريوهات المحتملة توزعت بين عملية واسعة النطاق في قطاع غزة أو تنفيذ بعض السيناريوهات العسكرية من قبيل اغتيال بعض القادة، خصوصا السياسيين، أو البدء بقصف مقرات القوة التنفيذية التابعة لحكومة إسماعيل هنية كسلطة مسيطرة على قطاع غزة، وذلك للضغط عليها لاتخاذ إجراءات لمنع إطلاق الصواريخ أو التخفيف منها، مثلما كان عليه الأمر مع حكومة فتح عندما كانت حماس والجهاد تطلقان الصواريخ على الأهداف الصهيونية إلى جانب تنفيذ عمليات مركزة ضد أهداف محددة في قطاع غزة.. واستبعاد الاجتياح الشامل للقطاع في هذه المرحلة لكن دون التخلي عن هذه الورقة في المستقبل.
وترجح بعض المصادر أن تكون هذه الخطوات الميدانية مقدمة لكسر شوكة حركة حماس والجهاد الإسلامي في القطاع لتسهيل تمرير أي اتفاق يُتوصل عليه بين الرئيس عباس والكيان الصهيوني حتى يُبسط ويُنفذ في قطاع غزة، وإلا فالأوضاع ستبقى تراوح مكانها.
المقاومة الفلسطينية كانت ترغب في ان تعيد هذه العملية البوصلة من جديد الى الصراع مع الاحتلال الاسرائيلي الذي يتربص بقطاع غزة في ظل استمرار الفجوة الواسعة بين حركتي فتح وحماس التي ما زالت على أشدها برغم إعلان استعداد رئيس الوزراء المقال إسماعيل هنية لقاء الرئيس محمود عباس في السعودية، إلا أن الرد الفتحاوي ومن قبل السلطة الفلسطينية لم يتأخر على لسان الناطق باسم فتح أحمد عبد الرحمن والمستشار الإعلامي للرئيس عباس نبيل عمرو، اللذين قللا من جدية هذه الدعوة وجددا شروط فتح والسلطة من اجل هذا الحوار، بتراجع حماس عما أقدمت عليه في قطاع غزة قبل الجلوس على طاولة أي حوار معها.
هذا كله في الوقت الذي تتسارع فيه وتيرة اللقاءات بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الوزراء الصهيوني ايهود اولمرت في القدس المحتلة برغم عدم التوصل إلى اتفاقات واضحة أو الإعلان عن خطوات عملية حتى على الصعيد الحياتي بالنسبة الى الفلسطينيين. فقد التقى اولمرت بعباس منتصف هذا الأسبوع واتفقا على الالتقاء مجددا خلال الشهر الجاري، وجاء الإعلان في نهاية اللقاء مخيبا للآمال والتوقعات المعلقة عليه، واقتصر على الحديث عن دراسة الحكومة الصهيونية الإفراج عن مئة معتقل من حركة فتح من الضفة الغربية وقطاع غزة في شهر رمضان دون تحديد الموعد، على أن تختار "إسرائيل" قائمة الأسماء ودراسة إعادة مبعدي كنيسة المهد إلى قطاع غزة إلى بيوتهم في بيت لحم بعد سنين من الإبعاد، ودراسة إعادة المبعدين إلى الدول الأوروبية كذلك، فضلا عن التفكير في التخفيف من الحواجز المنتشرة بكثافة في الضفة الغربية للفصل بين المدن والقرى والمخيمات هناك. وقد سلم وزير الحرب الصهيوني ايهود باراك خريطة جديدة للحواجز المنوي إزالتها.
على أن هذا الإعلان الذي لم يتحقق بعد لم يمنع الحديث عن الجانب الأهم في هذه المفاوضات واللقاءات، وهو الجانب السياسي وبالتحديد حول إمكانية التوصل إلى حل نهائي يفضي لإقامة دولة فلسطينية إلى جانب دولة الكيان الصهيوني "إسرائيل" وفق ثمانية أسس أو مبادئ متفق عليها بين منظمة التحرير الفلسطينية وكيان العدو. وأول هذه الأسس هو أن تنهي "إسرائيل" احتلال الضفة الغربية في مدة زمنية متفق عليها, ويكون الانسحاب وإخلاء المستوطنات بالتدريج وعلى عدة مراحل, وكل منطقة يجري الانسحاب منها تسلم للسلطة الفلسطينية, بحيث يسود فيها القانون والنظام. وإقامة نظام في غزة يكون جزءاً من عملية التسوية, ما يسمح لـ"إسرائيل" بالنظر إلى قطاع غزة والضفة الغربية كوحدة سياسية واحدة.
ثانيا: أن تكون الدولة الفلسطينية غير مسلحة, وتكون حدودها كما تحددها خرائط سنة 67، ويجري الاتفاق على حدودها بدقة بناء على الاحتياجات الأمنية والتطورات الديموغرافية والمستلزمات الإنسانية, ما يفتح الباب أمام تبادل أراضٍ بنسبة 1:1 مع الاحتفاظ بالكتل الاستيطانية بيد "إسرائيل" والحفاظ على تواصل جغرافي في فلسطين.
ثالثا: في القدس تكون عاصمتان: واحدة لدولة "إسرائيل" وواحدة لدولة فلسطين. الأحياء اليهودية تكون تحت سيادة إسرائيلية والأحياء العربية تكون تحت السيادة الفلسطينية، ويكون بين السلطتين السياديتين تعاون يسمح بإدارة الحياة لكل السكان.
رابعا: ترتيبات خاصة تعد للحفاظ على حرية الوصول لكل الأماكن المقدسة للأديان المختلفة، وتقام سلطة إدارية خاصة لإدارة وصول الشعبين للأماكن المقدسة داخل البلدة القديمة في القدس.
خامسا: تعلن فلسطين وطنا قوميا للشعب الفلسطيني, و"إسرائيل" تعلن كوطن قومي للشعب اليهودي.
سادسا: يجري إيجاد حل عادل ومتفق عليه لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين مع الاعتراف بالمعاناة التي عاشوها, ويتفهم الحق الفردي لهم في إطار الحل الشامل لمشكلتهم.
سابعا: يعلن الطرفان أهمية إنهاء النزاع والعمل من اجل تأييد الجمهور في كل طرف لهذا الاتفاق بأكبر قدر ممكن. وكذلك يعمل الطرفان ضد أي مظهر من مظاهر العنف والإرهاب الصادر من دولة أي منهما ضد الآخر.
ثامنا: ينظر الطرفان إلى هذا الاتفاق باعتباره متساوقا مع مبادئ مبادرة السلام التي طرحتها الجامعة العربية، ويدعوان الجامعة العربية الى القيام بخطوات ايجابية فعالة لتطبيقها بالكامل. وكذلك يدعوان الدول والجهات المتمثلة في الرباعية الدولية والمجتمع الدولي للتدخل وتقديم المساعدة بطرائق مختلفة لدفع الاتفاق المستند على هذه المبادئ وتطبيقه.
الملف الذي يرتكز على المبادئ المذكورة سابقا يجب أن يُتوصل إليه قبل انعقاد المؤتمر الدولي في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر ليعرض خلاله وليوثق بقرارات بعد المؤتمر وفور انتهائه بالتزامن مع المفاوضات للتوصل لاتفاق مفصل, تبدأ "إسرائيل" بسحب قواتها وإخلاء مستوطنات في مناطق الضفة الغربية، واستكمال مراحل الإخلاء تتم بالتزامن مع استكمال عملية المفاوضات.
وبرغم نفي منظمة التحرير لهذه الوثيقة، إلا أن أوساطا فلسطينية رجحت أن تكون هذه هي المبادئ الأساسية التي لن يطرأ عليها تغيير كبير إذا ما اتفق عليها من قبل الجانبين قبل دخول الإدارة الأميركية في حمى الانتخابات في البلاد، ومن بعدها حمى الانتخابات في الكيان الصهيوني، أو إثارة بعض الأزمات التي يعج بها الكيان في هذه الأيام، وهي كثيرة، وذلك من اجل وقف مثل هذا الاتفاق، حتى لو كان يصب في مصلحة الكيان الصهيوني، كما يعتبر كثير من المراقبين وغالبية الفصائل الفلسطينية وعلى رأسهما حماس والجهاد الإسلامي. على أن أي اتفاق يجب أن يحظى بدعم الكنيست الصهيوني، وإلا فمحكوم عليه بالفشل، ولذلك فإن الرئيس عباس هو الآخر قال انه شخصيا المخول بالتوقيع على أي اتفاق مع الصهاينة، باعتباره رئيس منظمة التحرير الفلسطينية، لكن أي اتفاق قال انه لا بد من عرضه على استفتاء شعبي عام أو على المجلس الوطني، وعرضه على المجلس أسهل من حيث تمريره وأخذ شرعية المنظمة عليه، باعتباره المرجعية السياسية لأي اتفاق من هذا النوع. لكن السؤال الأهم: هل يملك رئيس وزراء ضعيف كأولمرت ورئيس سلطة ضعيف كعباس التوقيع على اتفاق تاريخي؟
الانتقاد/العدد 1232 ـ 14 ايلول/سبتمبر 2007
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018