ارشيف من : 2005-2008

هو النصر الآتي بصدق الوعد

هو النصر الآتي بصدق الوعد

كنا صغاراً يوم كانوا.. يمتشقون بنادقهم، ويرحلون خفافاً جنوبي الجنوب.. يومها لم نكن نسمع لهم صراخاً، أو هتافاً..
يرحلون بصمت، ويعودون، وأحياناً لا يعودون.. بل يذهبون إلى عليين.. شهداء.
كنا نلهو خلف متاريس بنوها لحمايتنا، يواجهون على اكثر من جبهة، لوحدهم.. متكلين على الله الذي ينصر من نصره، و"إن ينصركم الله فلا غالب لكم"...

كنا نشاهدهم تارة في "غزارات التيرو" خلف مطار بيروت، وطوراً على شاطئ الاوزاعي قرب "الميامي بيتش"، آخر وأكبر مواجهاتهم كانت على تخوم خلدة.. قرب دار الإمارة..
كانوا بعدد اصابع اليدين.. و"كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله".."والله مع الصابرين"..
يأكلون يوماً ويجوعون أياما.. فالكل هرب، والكل رمى سلاحه على "أقرب مزبلة".. أو "دسه في التراب"، إلا هم.. لبسوا الأكفان وتوجهوا نحو المعركة بصدورهم.. وبقية سلاح..
25 عاماً مرت.. كبروا وكثر العدد وتجذروا في الأرض.." كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها"..
25 انتصارا.. وما زلّت اقدامهم عن طريق ذات الشوكة التي كانوا يعلمونها جيداً.. ويعلمون من يقاتلون.. يومها استهزأ بهم الكثيرون.. "العين لا تقاوم المخرز".. "شوية مجانين"..
ضحك السيد وأذّن لصلاة الظهر بين "غزارات الغدير" وأمّ الصلاة في الدورة الاولى.. ومضى..
مشوا خلفه سراجاً تليق به القيادة ويليق بها.. ذخيرة الماضين.. ومضى..
رحل الشيخ راغب، ورحل الموسوي العباس.. نحو المقر الأبدي بنفس مطمئنة كما علمهم "الإمام".. ومضى..
ومن لوسي والسريرة وميدون الى الدبشة وصافي وعيترون .. وبالامس مارون وعيتا الشعب وبنت جبيل..
نصرنا الله بهم وبمن معهم ومن بعدهم.. وأعاد العدو الكرة.. وكان الوعد "إن عدتم عدنا وجعلنا جهنم للكافرين حصيرا".. وحاول نصراً.. فذل.. والراية لا تزال خفاقة.. وفي العمر بقية..
"منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا".. ويتساءل البعض لماذا النصر إلهي.. في مسيرة كهذه، بكل فاصلة من فواصل حركتها تعتمد على الله وحده.. لا شريك له، الذي صدق وعده وأعز جنده.. ترى هل هناك مكان لما هو غير إلهي..
عبير شهدائها يعطر الارجاء، ومداد علمائها.. والدماء.. وصلوات امهاتها والدعاء.. وحنو الاباء.. مسيرة حبلها ممدود من السماء إلى كربلاء.. هل تهزم.. وشعارها.. هيهات منا الذلة.. يتردد على مدى الزمن..
إنه النصر، آت آت آت.. ولا يخلف الله وعده..
مصطفى خازم
الانتقاد/ شخصية الاسبوع ـ العدد1216 ـ 26 ايار/مايو2007

2007-05-24