ارشيف من : 2005-2008
وريث عرش البلاشفة
فقد تمكن بوريس يلتسين يومها بعد خروجه من الحصار منتصراً من إقناع البرلمان الروسي بتشكيل منصب جديد هو منصب الرئيس الروسي الذي انتخب يلتسين له كأول رئيس، وبدأ العمل على خط موازٍ لرئيس الاتحاد السوفياتي في مرحلة شكلت مفصل الانتقال نحو الانفصال التام لاحقاً وتفكيك الاتحاد السوفياتي بعد إرغام ميخائيل غورباتشوف على الاستقالة.
ولد بوريس يلتسين في العام 1931 في اقليم سفردلوفسك لعائلة تعمل في الزراعة، وتلقى تعليمه في كليات الاورال قبل ان يتدرج في عدة مناصب حزبية اوصلته الى اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفياتي، وقد شاغب على اكثر من صعيد داخل اللجنة ما ادى الى حرمانه من جميع مناصبه في الدولة والحزب في عام 1987. 
ولكن صديقه القديم وخصمه المتأخر ميخائيل غورباتشوف انتشله من صقيع مدينة كاترين بورغ حيث كان يشغل منصب سكرتير أول للمنظمة الحزبية في تلك المدينة الواقعة في سيبيريا، وعينه سكرتيرا أول للحزب في العاصمة موسكو في العام 1989.
طموحاته الشخصية دفعت حليفه غورباتشوف إلى الحذر منه مجدداً، فخرج يلتسين عن سريته ودعا الى اعطاء الجمهوريات السوفياتية استقلالها، وطالب بالانفتاح الاقتصادي، وهي مطالب يتفق اغلب معارضيه يومها انها محقة، ولكن الاداء الذي قدمه بعد ذلك وريث عرش البلاشفة كشف عن فساد ومحاصصة وسطو على الممتلكات وتجاوز للصلاحيات الدستورية خصوصاً بحل البرلمان الروسي ما أدى يومها الى معارك دموية في شوارع موسكو سقط فيها المئات من الضحايا.
لم ينس لغورباتشوف إعادة إبعاده عن المراكز الحساسة لكنه تظاهر بتجاوز خصومته معه، ودعاه للعودة الى منصبه رئيسا شرعيا بعد فشل الانقلاب، وفي الواقع كان الهدف عودة غورباتشوف ليكون "الايكروشكا"، أي الدمية الاخيرة التي تسقط بالضربة القاضية، مرغماً على الاستقالة.. ليحل الرئيس الروسي رئيساً عاماً مطلق الصلاحيات..
بالامس مات يلتسين، لكن التاريخ سيسجل أنه عطل الاتجاه المفترض لنجاح تجربة الديموقراطية والإصلاح وعودة القوة في روسيا بعد الانهيار، ومنعها من الوصول الى المكانة التي وصلتها متأخرة عشرة اعوام.. ولزمها مثلها للعودة الى نقطة الانفصال.. والايام المقبلة ستظهر الى أين ستذهب.
مصطفى خازم
الانتقاد/ العدد1212 ـ 27 نيسان/أبريل 2007
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018