ارشيف من : 2005-2008

البيك يطلب قاتلاً

البيك يطلب قاتلاً

البيك.. يبحث عن قاتل مأجور على جميع الأراضي اللبنانية دون استثناء وفي الدول العربية والأجنبية، الجنسية غير مهمة، حتى لو كان من رعايا دولة العدو، أو من عناصر الأحزاب المنتمية الى الاشتراكية الدولية، المهم أن تتملكه روح الانتقام، فينتقم للبيك ممن كانوا حلفاءه وأصدقاءه القدامى، وأن يقدم له رأس الضحية المستهدفة في قصره البهي، ليحتفل مع محافظيه الجدد..‏

البيك يطلب قاتلاً

الإعلان لم يُقتطع من كتاب "كليلة ودمنة" وأحلامه، وليس من مخيلات كتّاب الروايات.. إنه إعلان جرى في وضح النهار وأمام جمع من الناس وتناقلته الشاشات المحلية والعربية، وربما الدولية.‏

الإعلان غير مفاجئ اذا ما صدر عن شخصية من مثل البيك وليد جنبلاط، لكن المفاجئ هو عدم إعلانه عن الجائزة التي سيدفعها لقاتله المأجور الذي يبحث عنه. وربما لن يتقدم أحد ممن خصّهم وليد جنبلاط بدعوته، لأنهم يعرفون أنه مفلس، وأن الولايات المتحدة الأميركية التي كانت تشحنه (تشرجه) بـ"إبر" الدعم المعنوي باتت إدارتها أيضاً مفلسة وتبحث عن قارب نجاة ينقذها من مستنقعها، حتى لو قادته سوريا وقائدها الذي يدعو جنبلاط للانتقام منهم.‏

لكن الغريب أن رجل المختارة الذي كان يقف على مسافة كيلومترات قليلة من حدود الشام وكيلومترات مماثلة من حدود الاحتلال الصهيوني، كان يقول كلامه وكأنه ينتظر جواباً من أحد الطرفين: فإن قال له من في الشام "طوّل بالك يا زلمي القصة ما بدها هالقد"، كنت ستجده يذهب راكضاً الى عنجر، فلن يجد هناك مستقبليه القدامى.. لا مشكله سيتابع السير الى المصنع ويركب أول "ميكرو باص" الى "ريف دمشق".‏

أما من الجهة الأخرى فأظن أن لا أحد يجيد فهم اللغة التي يتحدث فيها رجل المختارة، لذلك لم يعيروا له الانتباه، ولا سيما أن أولمرت كان مشغولاً في صياغة ما يمكن أن يقدمه من عروض تفتح باباً للتسوية مع سوريا.‏

عاد البيك الى "مختارته"، فلا طريق دمشق يمكن أن تفتحه تصريحاته المقتطعة من أوهام التاريخ، ولا من يقابل دمشق في تل أبيب وواشنطن مستعد أن يستمع لصوت أفيغدور ليبرمان متجدد.. حتى شارون ضحك وكاد يفيق من غيبوبته الطويلة، فما سمعه هو من أرشيف مزّقه قبل أن يذهب الى سباته.‏

من حق البيك أن يقول ما يشاء، أن يطلق العنان لما يشتهيه من أفكار.. فهو أمام الحقيقة المرّة: لبنان ليس له، ولم يستطع خلال كل ما فعله من يوم ودّع والده الشهيد، أن يضمه الى إقطاعيته ويضعه تحت إمرة الإدارة المدنية في دولته المستقلة.. طريق "الكرامة" صار طريقاً زراعية بعدما كان العابر فيه يحتاج الى "كوبون" ممهور بمبلغ مالي للصالح العام.. كل ما جناه من الجيّة الى سبلين لا يكفي لشراء بقية المناطق اللبنانية.. مال المهجرين طار قبل أن يعيدهم.. كل القرى أخذها وما زالوا يطالبونه بأجراس الكنائس ويتحدثون عن ضحايا قُتلوا في حروبه.. ماذا يعني أن يستقبل شمعون بيريز في دارته، فإكرام الضيف من شيَم "البيك"، هو كان يفضّل العمل زبالاً في بلدية نيويورك على البقاء في بلد لا ينصفه، وقد تبلغ من الإدارة الأميركية الموافقة؟‏

"يا محلى تلك الأيام".. قالها وهو يحك وراء أذنه..‏

إنها مرحلة عصيبة يمر بها البيك، ذهب مذهب الأميركيين حيث أرادوا، من رفض التمديد الى 1559 الى .. ويأتي اليوم من يمنعه من جني ما زرعه.‏

تحالف مع المقاومة وطلب منها ان تذهب حتى القدس بـ"سلاح الغدر"، وحملها الى البيت الأبيض والإليزيه.. ويأتي من يخونه.. ويقول سمير القنطار إنك "أبو رغال".. ألم يسمع أنه بارك انتصار المقاومة في حرب تموز قبل أن تبدأ ربما، أو بعد أن بدأت بقليل!‏

إنها مرحلة عصيبة يمر بها البيك وهو يرى مدّ الصديق "الفارسي" في مواجهة تلاشي جغرافيا الاحتلال الأميركي..‏

كيف يمكن أن تجتمع ضد الحكومة وفريقه ساحات رياض الصلح والشهداء ومتفرعاتها الممتدة من أقصى الجنوب الى أقصى الشمال طولاً وعرضاً، وهو لا يستطيع أن يجمع أكرم شهيّب وعاطف مجدلاني ووليد عيدو وأنطوان زهرا..‏

إنها أمور محيّرة للبيك.. تدفعه اليوم إلى قول ما لا يحسب حسابه. ليس مهماً، المهم أن يفتح طريقا بأي اتجاه، بعدما سد جمهور المعارضة طرقات الفتنة بكل الاتجاهات.‏

الحرب الأهلية.. فكرة! قد يستعيد من خلالها البيك حدود إدارته المدنية.‏

لم يطلب البيك في إعلانه رجل فتنة.. هل يعرف أحد لماذا؟‏

أمير قانصوه‏

العدد 1195 ـ 29/12/2006‏

2006-12-29