ارشيف من : 2005-2008

بالطبع إنه كلام غير شرعي..

بالطبع إنه كلام غير شرعي..

هكذا تحوّل، عند هذا الكاتب، سلاح المقاومة الذي حرّر الأرض المحتلة إلى سلاح يهدد كيان لبنان.. وإلى "سلاح يمسك به تنظيم عقائدي، مموّل من الخارج ومحكوم منه، ويعيش في دائرة اجتماعية مقفلة يمكن أن يتحول في سرعة البرق ومن وجهته المعلنة (إسرائيل) ليستخدم في الداخل".. هكذا قال.‏

وهكذا تحوّل سلاح المقاومة من كونها إرادة نابعة من وجدان الناس ورد فعل على وجود محتل، إلى سلاح تسبّب وبقرار لا مسؤول، بتدمير واسع في لبنان، كما تسبب بموت مئات اللبنانيين الأبرياء، وقطع لقمة عيش مئات الآلاف من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب.."..‏

بالطبع، لا يعكس هذا الكاتب وجهة نظره ومكنوناته، بقدر ما ينفذ دوراً مرسوماً له، ووظيفة يدأب للحفاظ عليها ضمن إطار حدّدته له دوائر من داخل الوطن، مخلصة ومتفانية ومستعدة لبذل الغالي والنفيس، وتبيع دمها لتشتري سلاحاً، وجاهزة في أي لحظة لمبادلة الورد بالرصاص... كرمى لعيون العم سام ولعيون من يكتنفه ويرعاه ويحنو عليه ويرسل إليه كبار وزرائه لطمأنته وتأكيد تحالفه التاريخي معه.‏

والطريف أن العدد نفسه من الصحيفة العريقة نفسها تضمن مقالاً مجتزءاً عن صحيفة "هآرتس" يتحدث، وطبعاً بلسان إسرائيلي، عن صعوبة الوضع الاقتصادي في لبنان بعد حرب تموز كتبه "تسفي برئيل". وبعض ما جاء حرفياً في مقال الصحيفة "العريقة" نقلاً عن المقال الأصلي: "وراء الأبراج الفاخرة التي يملكها المستثمرون الأجانب، لا يزال الاقتصاد اللبناني يرزح تحت وطأة الحرب عاجزاً عن النهوض من كبوته بسبب الأزمة السياسية التي يفرضها حزب الله على البلد: "عندما تصبح لكم دولة تستطيعون الكلام على دولة داخل الدولة". هكذا سخر نصر الله في خطابه الأسبوع الماضي من الحكومة. وهو لا يزال مصراً على أن يثبت للجمهور اللبناني أن لا مجال لقيام الدولة ما دامت مطالبه غير مستجابة ولم يحصل على الثلث المعطل في الحكومة التي يمكنه تعطيل قراراتها".. هكذا يرى الكاتب الإسرائيلي ولكن ألا تتذكرون معي أن نفس هذا الكلام جاء على ألسنة وتصريحات مسؤولين لبنانيين سياديين حريصون على دم الرئيس الشهيد رفيق الحريري؟‏

وتكمل الصحيفة نقلاً عن مقال الكاتب الصهيوني: "اقتراحات التسوية التي حاول الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى طرحها قبل بضعة اشهر رفضت. ولم ينجح الضغط السعودي في تحريك الأمور. يعتقد نصر الله أن النتائج التي أسفرت عنها الانتخابات الأخيرة ألحقت ضرراً بالشيعة الذين يشكلون الأكثرية في البلد. وهو يريد مساعدة السوريين في وضع العراقيل أمام عملية تشكيل المحكمة الدولية التي يفترض أن تحاكم قتلة رفيق الحريري..". هكذا يقول الإسرائيليون وهكذا يقول سياديو لبنان.. تطابق عجيب!؟ وكأن الذي كتب وأملى ووجّه ونشر و..و.. واحد.!‏

ولكن هذا ليس كل شيء.. فكاتبنا "اللبناني" الحريص على الوحدة اللبنانية يرى في سلاح المقاومة تهديداً لها، ولا حاجة لأي أحد من الخارج أن يحرّض على اعتباره غير شرعي..أما الكاتب الصهيوني فيرى التالي: "..والأهم من ذلك يرغب الحزب في منع حكومة السنيورة من انتهاج سياسة خارجية تتعارض مع مصالح سوريا وإيران، أي سياسة موالية لأميركا وإسرائيل..".‏

نعم.. السياديون في لبنان لا يحتاجون إلى تحريض، والأنكى من ذلك أن كاتبنا "السيادي" يحمّل المقاومة وسلاحها وقيادتها مسؤولية تدهور الوضع الاقتصادي في البلد، وتكدّس أكثر من أربعين مليار دولار ديوناً على لبنان بسبب استمرار الاعتصام السلمي الشعبي في وسط بيروت.. وهو ما يراه أيضاً "برئيل" في "هآرتس" حيث قال: "حتى الآن حقق حزب الله نجاحاً في مسعاه. فالجمود السياسي دفع الاقتصاد ثمنه غالياً.. والبلد عاجز حتى عن الحصول على الهبات والتقديمات من جانب الدول المانحة التي أعربت عن استعدادها لتقديمها إليه.. بالاستناد إلى كلام نصر الله والجدل الدائر في الأيام الأخيرة بين المعارضة والأكثرية، من الصعب رؤية دلائل تشير إلى حدوث تحول في الأزمة. ليس هناك قوة دولية او عربية او لبنانية – محلية يمكن أن تجبر نصر الله على تغيير شروطه ومنع انهيار الدولة. ومع انعدام الحل يتراجع عدد المستثمرين الأجانب في لبنان ويفكر الذين سبق لهم ان استثمروا أموالهم في مطالبة الدولة بتعويض خسائرهم..".‏

هذا ما ورد في الصحيفة اللبنانية "العريقة" وهذا أيضاً ما نشرته في العدد نفسه نقلاً عن صحيفة "هآرتس"، ويمكنكم أن تعودوا إلى النص الأصلي لتقرأوا ما كتب هذا الصحافي "السيادي"، أو إذا أحد منكم يعرف اللغة "العبرية" فباستطاعته أن يعود إلى العدد الأصلي من صحيفة "هآرتس" ليقرأ ما كتبت "إسرائيل".‏

محمد الحسيني‏

2007-04-19