ارشيف من : 2005-2008
لقاء حزب الله ـ مون: اهتمام أممي بمراجعة الدستور اللبناني
الأهمية الاستثنائية التي حظيت بها زيارة الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الاستكشافية الى بيروت، تتصل بجملة نقاط بدءاً من القرارات الصادرة عن المنظمة الدولية بحق لبنان، الى القرار (1701) الصادر بعد عدوان تموز الماضي، الى ما يتصل بالكباش الحاصل بين المعارضة والفريق الحاكم حول جملة من القضايا، وفي طليعتها حكومة الوحدة والمحكمة الدولية التي يسعى الفريق الحاكم في لبنان الى جعل الأمم المتحدة الطرف الآخر في النزاع مع المعارضة.
ونظراً الى علاقة حزب الله بمجمل الملفات هذه، فقد حظي لقاؤه مع مون بأهمية خاصة أيضاً، وربما كان هو حدث الزيارة الى لبنان. فعلى مدى ساعتين استمع مون الى شرح مسهب ودقيق لموقف حزب الله من كل القضايا المطروحة، من الوفد الذي ترأسه الوزير المستقيل محمد فنيش، وضم اليه مسؤول العلاقات الدولية نواف الموسوي ومسؤول لجنة الارتباط والتنسيق وفيق صفا.
في ما يتعلق بالملف الداخلي كان حزب الله واضحا بأنه ليس من مهامّ الأمم المتحدة تحديد دستورية الحكومة اللبنانية، ذلك أن تحديد شرعيتها يعود إلى الدستور اللبناني. وأكد الوفد للمسؤول الأممي أن هذه الحكومة ليست شرعية لأنها تناقض صيغة العيش المشترك، وتخالف المادة (95) من الدستور. كما أن وفد حزب الله لم يكتفِ بهذا الإيضاح، بل أضاف موقفا حازما لجهة تأكيد أن أي تأييد من الأمم المتحدة لهذه الحكومة يعتبر انحيازا لفريق ضد فريق آخر.. لافتا إلى أن أي موقف من هذا النوع لا يساعد على حل الخلاف والخروج من الأزمة.
أما لجهة المحكمة ذات الطابع الدولي، فيشير أحد أعضاء وفد حزب الله الى أن الأمين العام للأمم المتحدة سمع تأكيداً أن هذه المحكمة جرى إقرارها من حيث المبدأ على طاولة الحوار، ولكن لا بد من مناقشة تفاصيلها حتى يتفق اللبنانيون عليها. وأبدى الوفد استعداده لمناقشتها على قاعدة الشراكة في القرار فيها، وأن أي إقرار للمحكمة الدولية تحت الفصل السابع يعني جعل لبنان مسرحا لصراعات إقليمية ودولية من شأنها زعزعة الاستقرار فيه.
الموضوع الآخر الذي لا يقل أهمية هو موضوع الأسرى اللبنانيين داخل سجون العدو، إذ أكد حزب الله أنه سبق لـ"إسرائيل" أن أخلّت بتعهداتها حيال إطلاق سراح عميد الأسرى اللبنانيين سمير القنطار، وهذا ما دفع المقاومة الى القيام بأي شيء يؤدي إلى إطلاق سراحه، وأن عملية أسر الجنديين الإسرائيليين أتت في هذا السياق.
أما لجهة تطبيق القرار (1701)، فشدد حزب الله على أنه لا يمكن لأحد أن يتبنى الرؤية الإسرائيلية لتفسير القرار المذكور، وخاصة أن "إسرائيل" ما زالت تخلّ بالقرار لجهة استمرار الخروق واستمرار احتلال الأرض، وهذا يعتبر استمرارا للعدوان.
لم يكتفِ وفد حزب الله بإبداء هذه الملاحظات فقط، بل أثار مع بان كي مون الممارسات العدوانية الصهيونية تجاه لبنان، فقدم له مذكرة توضح الخروق الإسرائيلية للسيادة اللبنانية، وأن المقاومة الإسلامية لم تقم بأي خرق على الحدود الجنوبية مع فلسطين المحتلة منذ صدور هذا القرار. وكشف الوفد بالأرقام الخروق الإسرائيلية المستمرة والتي لم تتوقف للسيادة اللبنانية، وبيّن له ان عدد الخروق بلغ (1130) خرقا جوياً، و(77) خرقا برياً و(7) اختراقات بحرية. ودعا الوفد الأمم المتحدة الى أن تقف بحزم في وجه الخروق الإسرائيلية.
موضوع الألغام والقنابل العنقودية أخذ حيّزا مهما من النقاش، فأظهر حزب الله للأمين العام للأمم المتحدة أن "إسرائيل" وزّعت على الأراضي الجنوبية أكثر من مليون ومئتي ألف قنبلة عنقودية، وأن هذا يُعتبر عدوانا مستمرا على اللبنانيين، إذ إن هذه القنابل قتلت العديد من اللبنانيين، فضلاً عن الجرحى. وشدد الوفد على ان عدم تسليم خرائط الألغام وانتشار القنابل العنقودية يعتبر خرقا للقرار (1701).
مصادر وفد حزب الله أكدت لـ"الانتقاد" أنه على ضوء الملاحظات التي قدمها وما سمعه مون من قيادات المعارضة حول عدم شرعية الحكومة، فإن بان كي مون أبلغهم أنه سيهتم بمراجعة الدستور اللبناني، وسيعيد تقييم الموقف، وأن لا تكون الأمم المتحدة منحازة لأي جهة.. كما أبدى حرصه على توضيح دور وطبيعة المنظمة الدولية، وأن الأمم المتحدة تحاول مساعدة اللبنانيين، وتحثهم على التوافق. أما في ما يتعلق بموضوع الأسرى داخل سجون العدو، فقال إنه أثار هذا الموضوع مع الجانب الإسرائيلي.
وتؤكد مصادر حزب الله أن بان كي مون لم يثر معهم مسألة تهريب السلاح، لأن المقاومة ليست بحاجة لأن تشتري السلاح، وما هو موجود لديها يكفي للقيام بدورها للدفاع عن لبنان في وجه أي اعتداء إسرائيلي.
وفي ضوء اللقاءات التي أجراها بان كي مون مع قيادات المعارضة اللبنانية، يمكن القول ان هذه الحكومة خسرت نقاطا في المواجهة مع المعارضة، إذ إن المعارضة قدمت مطالعة جامدة وثابتة في عدم دستورية الحكومة.
مصعب قشمر
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018