ارشيف من : 2005-2008
بعد العقبات التي يواجهها داخلياً : بوش يحرض بعض العرب لتمرير سياسته في المنطقة
كل مرة تعاود أميركا ممارسة سياسة بيع الأوهام للعرب أنفسهم عبر مسرحية اعادة الروح الى عملية السلام في المنطقة، بعد أن تقوم بسحب كامل أموال النفط التي بحوزتهم، وبعد أن تجرهم لدعم تحالفات وحروب، تصب في خدمة مصالحها السياسية، ومصالح ربيبتها "اسرائيل" الأمنية، وهي بذلك تستنزف قواهم وعبرهم تستنزف قوة الدول التي تعتبرها خطرا على استمرار وجودها الاستعماري في العالم الإسلامي وسيطرتها على ثرواته.
بعد تآمر هذه الدول على العراق، ومساهمتها في عملية احتلاله عبر سماحها للغزاة باستعمال أراضيها وأجوائها قاعدة انطلاق، في عملية الغزو، تتآمر اليوم على الجمهورية الإسلامية في إيران عبر إنشاء حلف جديد وإثارة موضوع البرنامج النووي الإيراني السلمي، متجاهلة وجود ترسانة نووية إسرائيلية، بإمكانها تدمير العالم العربي عدة مرات، وهي بذلك تشكل الخطر الأساس على أمن العرب ووجودهم.
الانتقاد حاورت الباحث في الإستراتيجية الأميركية في جامعة باريس 13 الأستاذ نبيل نايلي حول السياسة الأميركية الجديدة في العراق والمنطقة، الذي رأى أن أميركا في ورطة كبيرة في العراق، وهي تستنجد ببعض الحكومات العربية لإنقاذها من المستنقع الدموي هناك، ويتم ذلك عبر حشد الدعم العربي لإستراتيجية بوش الجديدة، المتمثلة بإرسال المزيد من الجنود وإدخال تعديلات على الدستور العراقي، ما سيسمح بمشاركة أكبر للأحزاب السنية في العملية السياسية، اضافة إلى حشد الدعم العربي لأميركا في صراعها مع ايران.
ويضيف نايلي أن هؤلاء العرب يشكلون حاجة حيوية لأميركا اليوم، ودورهم يتلخص في ثلاثة أبعاد.
1- البعد الجغرافي، حيث ستكون بعض هذه الدول مركز انطلاق للقوات الأميركية في أية مواجهة محتملة مع ايران.
2- البعد الاستخباري، حيث ستقوم دولة عربية معروفة بنفوذها الاستخباري في العراق ودول الجوار بمساعدة أميركا استخبارياً.
3- البعد السياسي والديني، المزمع تأمينه عبر احياء الجامعة العربية، بعد عدة سنوات من تجاهلها، واعلان موتها السريري، فمن يرى حماسة بعض الدول لاستضافة القمة العربية المقبلة، بعد طول رفض لاستضافة القمم السابقة، يدرك الدور المرتقب للجامعة العربية في الإستراتيجية الأميركية خصوصا حيال إيران.
وحسب رأي الباحث في جامعة باريس فإن أميركا لن ترضى ببيان مقتضب حيال إيران على غرار ما حصل في قمة مجلس التعاون الخليجي الأخيرة، وهي تسعى إلى الحصول على بيان واضح وشديد اللهجة في قضية البرنامج النووي الإيراني، وهذا ما سوف تحصل عليه حسب تعبيره، لأن هذا البيان يشكل الهدف الأول لعقد هذه القمة، ودور العرب محوري في مواجهة الممانعة الإيرانية للوجود الاستعماري الأميركي في العالم الإسلامي.
أما عن جولة رايس في المنطقة فيقول نايلي إن رايس وزعت الأدوار إثر اجتماعاتها في دول محور الاعتدال حسب التوصيف الأميركي، حيث سوف تقوم دول الخليج بتغطية نفقات القوات الأميركية الجديدة المزمع ارسالها للعراق، بينما تؤمن دول أخرى الجانب الإستخباري وتوفير الغطاء السياسي في العالم العربي لتحالف هذه الدول مع أميركا ضد دولة اسلامية شقيقة هي ايران.
وهو يدعّم نظريته هذه بمعلومات تفيد بحشود عسكرية أميركية لا سابق لها في المنطقة، مع استقدام ثلاث حاملات طائرات، بالإضافة إلى غواصتين نوويتين، كما تم تسريع وتيرة الإنتاج في المصانع الحربية الأميركية وفي بريطانيا، كل هذا يدل على استعدادات لمواجهة عسكرية في المنطقة، ولكن يبقى أن الحالة الإيرانية مختلفة كليا عن الحالة في العراق، ايران ليست العراق، ونحن هنا أمام وضع مختلف كليا، ايران بلد قوي وكبير وغير قابل للاحتلال، ولها نفوذ قوي في العراق، ما سوف يجعل أي تحرك أميركي ضدها مغامرة عبثية، فضلا عن امتداداتها الدينية والعرقية في غالبية دول المنطقة، فلو نظرنا مثلا الى دول آسيا الوسطى حيث توجد قواعد أميركية نجد أن مجمل شعوب تلك الدول ناطقة بالفارسية ولإيران ارتباط عرقي وديني مع شعوب تلك الدول، فضلا عن وجود اقتصادي ونفوذ سياسي كبير، في الشرق الأوسط، الارتباط الديني لا يخفى على أحد، ويبقى الأهم وهو قوة إيران ونفوذها في العراق، أميركا تعرف كل ذلك جيدا. والكونغرس لن يسمح لبوش بحماقة أخرى لذلك نراه يلجأ الى تحريض بعض العرب من أجل تمرير سياسته.
الانتقاد/العدد1199 ـ 26/01/2007
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018