ارشيف من : 2005-2008

كلّما حان موعد استحقاق ما تحقّقت تنبؤات "شباطيين" : اغتيال النائب أنطوان غانم لاغتيال مبادرة التوافق

كلّما حان موعد استحقاق ما تحقّقت تنبؤات "شباطيين" : اغتيال النائب أنطوان غانم لاغتيال مبادرة التوافق

وذلك على مرأى من الفريق الحاكم وأجهزته الأمنية التي تكتفي بالتحقيق والحضور إلى مسرح الجريمة، من دون أن تتوصّل، ولو لمرّة واحدة، إلى معرفة الجهة الفاعلة والمنفّذة.‏

وكلّما ارتفعت أصوات بعض السياسيين من قوى 14 شباط بداعي التحذير من موجة اغتيالات، استباقاً لمخطّط مرسوم سلفاً، تحقّقت تكهناتها وتنبؤاتها بسرعة لافتة للنظر ومثيرة للريبة، وهذا ما يستدلّ عليه مما حصل طوال الفترة السابقة من اغتيالات وتفجيرات ذات نكهة سياسية لا يستفيد منها إلاّ المحذّرون أنفسهم، والذين يعوّلون على تجييرها لمصلحتهم بهدف تحقيق مكسب مهمّ يتمثّل في تضامن الرأي العام معهم.‏

فقبل مغيب شمس يوم الأربعاء الفائت بساعة ونيّف، اقتنص الجناة ترقّب اللبنانيين للجلسة النيابية الأولى المرتقبة يوم الثلاثاء المقبل لانتخاب رئيس للجمهورية، واغتالوا النائب الثاني والأخير لحزب الكتائب اللبنانية في المجلس النيابي المحامي أنطوان غانم بعدما استهدفوه بسيّارة مفخّخة في محلّة حرج ثابت في سن الفيل مستغلّين تردّده لزيارة صديقه الكتائبي المحامي سمير شبلي، فاستشهد على الفور مع اثنين من مرافقيه الشخصيين وستّة مواطنين آخرين صودف مرورهم في المكان، وأصيب 56 شخصاً بجروح مختلفة بينهم طفلة لم يناهز عمرها الشهرين.‏

وقد وضعت العبوة الناسفة داخل سيّارة من نوع "مرسيدس" بيضاء اللون وقديمة الطراز كانت مركونة على جانب الطريق وجرى تفجيرها لاسلكياً من مسافة بعيدة تسمح للجاني بالفرار بعد الاطمئنان إلى إجهازه على ضحيته. وأحدث الانفجار أضراراً مادية جسيمة في المباني والمنازل والمحال التجارية والسيّارات، وخلّف حفرة بقطر بلغ مترين وعشرة سنتيمترات.‏

والغريب أنّ غانم كان موجوداً في دولة الإمارات العربية المتحدة خشية التعرّض له أمنياً، وما أن وصل يوم الأحد الفائت إلى لبنان حتّى كان الاغتيال له بالمرصاد في عمل مدبّر قبل فترة زمنية ولم ينشأ فجأة وخلال الأيّام الثلاثة التي فصلت بين وصوله واغتياله، لأنّ مثل هذه الأعمال تحتاج إلى تخطيط ورصد ومراقبة وتهيئة المناخ المناسب، فمن هي الجهة التي كانت تعرف بعودة غانم المستغربة والتي فرضتها، كما قيل، ظروف توقيع كتاب عن مسار حياة وتاريخ مؤسّس حزب الكتائب بيار الجميل؟ وهل ما حصل كان "متوقّعاً" للنائب غانم قبل الفترة الفاصلة عن موعد جلسة المجلس النيابي؟‏

وهذا الاغتيال مشابه إلى حدّ كبير لاغتيال النائب والصحفي جبران تويني الذي ما ان وصل إلى بيروت مساء يوم الأحد في 11 كانون الأول/ ديسمبر من العام 2005 حتّى كان اغتياله صبيحة اليوم التالي مباشرة.‏

وكما جرت العادة في "عمليات إجرامية" سابقة عند التطرّق للمحكمة ذات الطابع الدولي والمخصّصة لمحاكمة قتلة الرئيس رفيق الحريري، وغيرها من المحطّات السياسية البارزة، سارعت أطراف في قوى 14 شباط/ فبراير إلى توجيه أصابع الاتهام إلى سوريا دون سواها من خلق الله، ودون سواها من مخابرات الدول العربية والأجنبية المنتشرة في لبنان وبعلم بعض الأجهزة الأمنية اللبنانية.‏

وزعمت هذه الأطراف أنّ "الدافع السوري" هذه المرّة، هو عرقلة الاستحقاق الرئاسي المزمع تمريره بـ"النصف زائد واحد"، و"كيفما كان" كما تنادي جهاراً نهاراً.‏

ويبقى سؤال لا بدّ من طرحه، من هي الجهة المستفيدة من تصفية نوّاب حزب الكتائب الواحد تلو الآخر وكأنّها تسعى إلى وراثته، وتحجيم دوره ومكانته؟ وهل هي الجهة نفسها التي كانت تحاول أخذ رئاسته مراراً بقوّة ميليشياتها خلال فترة الحرب؟‏

الأيام وحدها كفيلة بالإجابة.‏

علي الموسوي‏

الانتقاد/ العدد1233 ـ 21 أيلول/سبتمبر2007‏

2007-09-21