ارشيف من : 2005-2008

خالدة جرار: مؤتمر الخريف واتفاقاته تكرار لتجربة أوسلو المريرة

خالدة جرار: مؤتمر الخريف واتفاقاته تكرار لتجربة أوسلو المريرة

رام الله ـ ميرفت صادق

منذ منتصف حزيران من العام الجاري عبرت القضية الفلسطينية منحنى لم يكن بالسهل تجاوزه، برغم مرور أكثر من ثلاثة أشهر على عملية الحسم العسكري التي نفذتها حركة حماس في قطاع غزة، وتوليها السلطة الأمنية والإدارية هناك.
ولم يكن هذا العبور بالأمر السهل، إذ شكل إعلان الرئيس الفلسطيني حال الطوارئ وحل حكومة الوحدة الوطنية، الضربة التي قسمت ظهر البعير "المنقسم أصلا". ورافق ذلك كله شطحات سياسية أودت بالوضع الفلسطيني الداخلي إلى مرحلة قد توصف "باللاعودة"، فعطل المجلس التشريعي وأدخلت منظمة التحرير غرف الإنعاش من جديد، " لعل وعسى" تحل مكان "شرعية أنجبتها صناديق الاقتراع".
النائبة خالدة جرار عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية ورئيسة لجنة الأسرى في المجلس التشريعي، حاولت في لقاء خاص مع "الانتقاد" استبعاد التشاؤم عن الوضع الفلسطيني الداخلي، خاصة في ما يتعلق بالعلاقة بين حركتي فتح وحماس.. ولكنها في الوقت ذاته توقعت تشاؤما كبيرا حيال توقعات الفلسطينيين من "اجتماع الخريف المقبل" الذي دعت إليه الإدارة الأميركية في محاولة لإعادة إحياء عملية التسوية.. وفي ما يلي نص اللقاء:

ـ دعت الجبهة الشعبية إلى إصلاح الأجهزة الأمنية الفلسطينية على أساس وطني، لكنها في الوقت ذاته طالبت حماس بالتراجع عن الحسم العسكري وإعادة المقرات إلى الوضع الذي كانت عليه، ألا يشكل ذلك تناقضا باعتبار تشكيل الأجهزة الأمنية قبل الحسم لم يكن على أساس وطني؟
دعوتنا لإصلاح الأجهزة الأمنية ليست جديدة، بل قديمة، وكنا قد قدمنا تصورا متكاملا في رؤيتنا لإصلاح هذه الأجهزة. ويقوم مضمون هذه الرؤية أولا على أن هذه الأجهزة يجب أن يكون أساسها خدمة الوطن والمواطن، وثانيا يجب ان تكون بعيدة عن الحزبية والفصائلية. وحينما ندعو حماس الى التراجع عن نتائج حسمها العسكري نقصد بذلك خطوة سياسية للعودة عما أفرزته خطوة الحسم، ولا نقصد بذلك العودة إلى الأجهزة الأمنية كما كانت دون إصلاح، لأن هذا مرتبط برؤيتنا حول الإصلاح، التي توافقنا حولها مع مختلف القوى في وثيقة الوفاق الوطني.

ـ هل هناك محاولات غير معلنة من قبل الجبهة الشعبية لتقريب وجهات النظر ورأب الصدع بين حركتي فتح وحماس؟
لا توجد لقاءات سرية أو غير معلنة، وما فعلناه أننا تقدمنا بمبادرة ونجتمع مع كل الأطراف، وللأسف كان التجاوب غير ايجابي، ولم نحصل على إجابة كاملة بنعم او لا، لأن الأمور صعبة جدا في ظل إصرار الطرفين على التصعيد الإعلامي وبالممارسات، سواء في قطاع غزة او الضفة الغربية التي لا توفر الأجواء المواتية للبدء في حوار وطني شامل بشكل هادئ.

ـ ما هو موقف الجبهة الشعبية بخصوص المشاركة في مؤتمر الخريف، هل أنتم مع العمل الجاد على إنجاحه، أم أنكم حكمتم عليه بالفشل مسبقا؟
الجبهة الشعبية أعلنت موقفا رسميا من مؤتمر الخريف، ويتلخص في أن هذا المؤتمر يأتي في إطار الحلول الانتقالية والجزئية التي يجب عدم المراهنة عليها، ولن تؤدي إلى حل سياسي للقضايا الرئيسية، ولذلك نرى أن هذا المؤتمر من الخطورة بمكان، وفي ظل الانقسام الداخلي وما يحمله من أجندات معلنة، لن يؤدي إلى حلول حقيقية، والاحتلال على الأرض يكرس حقائق جديدة في حين يستمر في سياسة القتل والاعتقالات والاستيطان.
رفضنا هذا المؤتمر وحذرنا من نتائجه الخطيرة، وطرحنا البديل، وهو الشروع في التحضير لمؤتمر دولي تحت رعاية الأمم المتحدة لتطبيق قرارات الشرعية الدولية ذات العلاقة بالقضية الفلسطينية.

ـ من خلال اللقاءات الدورية التي يعقدها رئيس السلطة محمود عباس مع رئيس وزراء العدو ايهود أولمرت، يجري الحديث عن اتفاق مبادئ حول القضايا الرئيسية.. ما تعليقك؟
لدينا خشية حقيقة من وجود اتفاق مبادئ ثانٍ، لأن هذا سيكرر تجربة "اتفاق المبادئ الأول ـ اتفاقية أوسلو"، ونحذر من الاتفاق على "اتفاق مبادئ ثاني" قد يدخلنا مرة أخرى في دوامة الحلول الجزئية والانتقالية ولا يعالج مباشرة القضايا الرئيسية ولا يوصل إلى حلول نهائية تنهي الاحتلال.
وأيضا لدينا خشية من أن يكون هناك مسّ بحق عودة اللاجئين، والخشية ذاتها من أي اتفاقات حول دولة ذات حدود مؤقتة نرفضها جميعا، وبالتالي الخشية هي الدخول في اتفاقات اطر جديدة تفرض على الفلسطينيين سقفا أقل مما هو موجود.

تهديدات نأخذها على محمل الجد..

ـ هل تعتقدون أن حكومة أولمرت ومستوياتها السياسية والعسكرية جدية في توجيه ضربة عسكرية لقطاع غزة أو الإقدام على خطوة مثل اجتياح مناطق واسعة فيه؟
نعتقد ان الاحتلال ومن خلال معايشتنا له، ربما لن يجتاح قطاع غزة، لكنه ماض في سياسته التهديدية للضفة الغربية وقطاع غزة، ولذلك نؤكد أنه في هذه المرحلة الحساسة من التهديدات التي يعايشها الأهل في القطاع إلى جانب الحصار والعمليات العسكرية اليومية من قتل وتجريف نأخذها على محمل الجد، مما يستدعي مسؤولية وطنية عالية في ظل ذلك.

ـ ما موقف الجبهة الشعبية من طرح التهدئة مع الاحتلال الذي دعا إليه إسماعيل هنية مؤخرا، مقابل وقف العدوان على قطاع غزة؟
لدينا موقف واضح ومعلن منذ اتفاق القاهرة، فالمطلوب أولا من الجانب الإسرائيلي أن يوقف كل عملياته العسكرية، لأنه هو الذي ينفذ يوميا عمليات القتل والقصف.. وقد توافقنا في القاهرة عام 2005 باتجاه القبول بتهدئة مشروطة بتوقف كل العمليات العسكرية من قبل الاحتلال بشكل شامل في الضفة وغزة.

منظمة التحرير
ـ في الوقت الذي تعترف فيه الجبهة الشعبية بعدم سلامة بعض الأجسام والأطر في منظمة التحرير، تؤكد أنها ما زالت الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، ما رؤيتكم لوضع المنظمة الحالي؟
نحن نتمسك بالمنظمة ممثلا شرعيا ووحيدا للشعب الفلسطيني، يمثل الكيانية والهوية التي تجمع الفلسطينيين في الداخل والخارج، ولكننا نعترف بأن هذه المنظمة بحاجة إلى إصلاح حقيقي ضمن رؤية تستند إلى إجراء مراجعة سياسية، ومن ثم الشروع في انتخابات للمجلس الوطني الفلسطيني على قاعدة التمثيل النسبي في الداخل الفلسطيني وفي الخارج. وحتى في ظل حالة الانقسام الفلسطيني يجب أن تكون المراجعة السياسية على قاعدة مشاركة ك الفصائل في المنظمة. وقد سبق ان جرى الاتفاق على آلية لإعادة تفعيل وإصلاح وتطوير المنظمة.. نطالب بتنفيذها فورا.

ـ باعتقادكم هل يعاد إنعاش أجسام في منظمة التحرير، مثل المجلس الوطني والمجلس المركزي، في سبيل دعم أجندات سياسية معينة في الوضع الفلسطيني الراهن؟
نكرر أننا مع إصلاح منظمة التحرير بكل أطرها، لذلك كان موقفنا في انعقاد المجلس المركزي الأخير أننا ضد دعوة المجلس المركزي للانعقاد بتركيبته الأخيرة، لكن ندعو الى انتخابات على قاعدة التمثيل النسبي.
ولكن بكل الظروف والأحوال لا يمكن أن تحل هيئة في منظمة التحرير كالمجلس الوطني مثلا مكان المجلس التشريعي المنتخب، فالمنظمة لها مؤسساتها التي يجب ان نحافظ عليها ونطورها ونفعلها، والسلطة كذلك لديها مؤسسات التي لا نقبل استبدالها بأي جهات أخرى.

مشروع أميركي ـ إسرائيلي

ـ قلتم ان وضع المجلس التشريعي الحالي قد يستمر الى ما بعد مؤتمر الخريف، هل تعتقدون ان تعطيله إذاً هو خطوة مبيتة ومتعمدة؟
كلٌ يحاول للأسف ان يتعامل مع كل المؤسسات ضمن رؤيته الحزبية الضيقة، وهذا يضرب الأساس الوطني والوحدوي للقضية الفلسطينية. لدينا خشية من أننا نمر في مرحلة سياسية خطيرة عنوانها "أن هناك مشروعا أميركيا إسرائيليا يسعون لتنفيذه، وقد يجدون من حالة الانقسام الداخلي الفلسطيني الفرصة لتطبيق هذا المشروع، ولذلك علينا الحذر من المشاريع الأميركية ـ الاسرائيلية التي تُفرض الآن على الوضع الفلسطيني في ظل حالة من الضعف العام، وبالتالي على حماس ان تتراجع عن نتائج حسمها العسكري في قطاع غزة، وعلى القيادة الفلسطينية أيضا أن لا تتمسك بأوهام مثل مؤتمر الخريف وغيره.
الانتقاد / العدد 1233 ـ 21 أيلول/سبتمبر 2007

2007-09-21