ارشيف من : 2005-2008
فرنسا توتِّر ثم تتراجع : محاولات دعم لبوش الغاضب من الوكالة الدولية للطاقة
المواجهة النووية مع ايران وهي الحرب" قابلها المسؤولون الايرانيون بنوعين من رد الفعل:
1- الاستخفاف بهذه المواقف المتملقة لاميركا والتي تحاول مساعدة ادارة بوش على الخروج من ورطتها في ما يتعلق بتجييش الرأي العام الغربي ضد ايران بعد الاعلان عن توافق جديد وهام بين ايران والوكالة الدولية للطاقة، وبعد التصريحات المفاجئة للبرادعي ـ اعتبرتها مجلة نيوزويك اكثر مواقفه غرابة خلال عشرة اعوام من ادارته للوكالة ـ والتي بدد فيها جميع الاتهامات الاميركية واكد خلو البرنامج النووي الايراني من أي اشارات على التسلح النووي. الغضب الاميركي العارم على البرادعي شخصيا واجهه رئيس الوكالة بتحذير للإدارة الأميركية من استمرار توتيرها للاوضاع! أما الرئيس الإيراني احمدي نجاد فأعلن انه لا يأخذ الكلام الفرنسي على محمل الجد وهو ما يشير الى رأي ايراني يعتبر ان المشكلة الاساس هي مع اميركا، وان الاوروبيين يخشون على مصالحهم السياسية والاقتصادية المعرضة للخطر في حال حدوث أي مواجهة مع ايران، وهم بأكثرهم يسعون لمنع حصول مواجهة، وهذا ما عبرت عنه الخارجية الالمانية والمواقف الايطالية والنمساوية المستغربة من هذه "الحمية" الفرنسية.
2- الرد الايراني الآخر كان بتذكير فرنسا بضرورة الحفاظ على صورة مقبولة نسبيا ومتناسبة مع مكانتها الثقافية والتاريخية وعدم انجرارها لسياسات رئيس أميركي يحاصره الفشل في داخل بلاده وخارجها، ويسعى من خلال هذه الحملات والتهديدات الى الالتفاف على ارادة قانونية ورسمية دولية تمثلها الوكالة الدولية للطاقة من اجل منافع استعمارية ضيقة تقف اغلبية شعوب ودول العالم ضدها, وبالطبع كان لا بد من تذكير خاص للفرنسيين بخطورة هذه اللعبة والتي ارتفعت اصوات في الداخل الفرنسي وفي مجلس النواب للمطالبة بالتحقيق بخلفية هذه التصريحات غير المدروسة والخارجة عن الإطار العام للسياسة الفرنسية وكذلك للمصالح النفطية والغازية لفرنسا في إيران.
ولعل من نتائج هذا الرفض لتصريحات "كوشنير" كان تراجعه عن حدته واعتباره ان المفاوضات مع ايران ينبغي ان تستمر حتى النهاية.
اللعبة اذاً كانت اميركية بلسان فرنسي يسعى لمساعدة سيده العالق سواء في لبنان او في الملف النووي الايراني.
الصلابة الايرانية برزت في المواقف القوية التي اطلقها قائد الثورة الاسلامية الامام الخامنئي، والتي مثلت ما يشبه الرد على التهديد الاميركي بادراج الحرس الثوري الايراني على لائحة الارهاب، فكانت دعوة الامام الخامنئي الى مواجهة الادارة الاميركية المجرمة التي ينبغي لرئيسها بوش ان يحاكم على جرائمه ضد الانسانية وخاصة في العراق.
وقد لاقت هذه الدعوة ترحيبا لافتا في الاوساط الشعبية والرسمية في نقاط عديدة في العالم، وبدأت لجان وجمعيات وأحزاب بالتحضير لإعداد ملف رسمي وقانوني يحصي الجرائم التي ارتكبتها الادارة الاميركية ضد الشعوب والابرياء في العالم تمهيدا لمحاكمة كبير مجرمي العصر.
على صعيد اخر جددت ايران تأكيدها على الجهوزية والقدرة على الرد الحاسم والصاعق على أي عدوان اميركي ـ اسرائيلي، وكان اللافت التصريحات الصريحة والواضحة لمستشار القائد الخامنئي اللواء رحيم صفوي الذي قال ان على الاميركيين ان يفكروا بثلاث نقاط قبل تورطهم في أي مغامرة عسكرية ضد ايران:
1- مصير مئتي الف جندي اميركي من القوات الموجودة في العراق وافغانستان، والتي هي في مرمى النار المباشر للقوات الايرانية.
2- مصير ومستقبل الكيان الصهيوني.
3- المصالح الاقتصادية الغربية وخاصة فيما يتعلق بالنفط وصادراته التي يمر اكثر من ثلثيها من مضيق هرمز.
إشارة إلى أن التصعيد الاميركي يأتي على اعتاب التمهيد لاصدار مجلس الامن لتقريره الثالث المتعلق بالمسألة النووية الايرانية، وبعد الاتفاق الايراني مع الوكالة الدولية الذي اسقط الذرائع الاميركية ومهد الطريق لاعادة الملف برمته الى مكانه الطبيعي في الوكالة الذرية بدلا من تسييسه اميركيا في مجلس الامن.
في سياق مواز كشفت دراسة قام بها المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في لندن ان الدول العربية الخليجية قلقة ومتخوفة من أي عمل عدائي أميركي ضد ايران، وأنها تعتبر نفسها المتضرر الاكبر من مواجهة بين الجار الايراني القوي والحليف الاميركي الذي يمكنه ان يغامر ويقامر ويشن عدوانه من على اراض عربية مجاورة لايران بدون احتساب رد الفعل الشعبي في داخل البلدان العربية او رد الفعل الايراني في مقابل دول ضعيفة عسكريا وسياسيا، وهي قد مررت الرسائل المتعددة الى ايران بأنها ضد أي تصعيد وانها عمليا "مغلوبة على امرها".
المصادر الاميركية تشيع في صحافتها بأن العام 2008 هو عام الحسم كون ايران ستتمكن في آخره من تخصيب كامل لليورانيوم الصناعي، ومن صناعة القنبلة النووية, الامر الذي تربطه المصادر الايرانية ليس بعمليات التخصيب المستمرة، بل بكون 2008 هو عام بوش الاخير في البيت الابيض، وانه بعد سلسلة نكساته في العراق وافغانستان ولبنان قد يحاول الهروب الى الامام في "خاتمة أحزانه" في ايران والمواجهة سجال.
الانتقاد/ العدد1233 ـ 21 أيلول/سبتمبر2007
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018