ارشيف من : 2005-2008

العالم الاسلامي ودع آية الله السيد مرتضى العسكري الى مثواه الاخير في قم المقدسة

العالم الاسلامي ودع آية الله السيد مرتضى العسكري الى مثواه الاخير في قم المقدسة

المقدسة.‏

ولد السيد مرتضى العسكري في العراق في مدينة سامراء المقدسة في الثامن من جمادي الثاني عام 1332هـ ودرس في حوزتها العلمية السطوح والمقدمات مدة سنتين وبعد عام 1349 هـ هاجر الى مدينة قم المقدسه في ايران في محرم 135.هـ وبقى فيها حتى عام 1353 هـ‏

درس الراحل الكبيرفي قم على كبار اساتذة حوزاتها العلميه ومنهم :‏

ـ السيد شهاب الدين مرعشي نجفي .‏

ـ الشيخ محمد حسن شريعت مدار .‏

ـ آية الله العظمى المقدس السيد روح الله الموسوي الخميني في بعض دروس العقائد.‏

ـ الشيخ ميرزا خليل كمري في التفسير وكان هذا الاستاذ الجليل بمثابة المربي لسماحة العلامة السيد العسكري.‏

ـ السيد مهدي شهيد متولي المدرسة الرضوية حيث بقى فيها سماحته سنتين انتقل بعدها الى المدرسة الفيضية.‏

خطوات على طريق الاصلاح :‏

ادرك السيد العسكري من خلال دراسته الحوزوية واقع الحوزة وعدم استيعابها لمتطلبات التطور الاجتماعي المتنامي فكان ان شخص خطوات الإصلاح التي يجب ان تبدا من الحوزة ذاتها فقام بمحاولة مع مجموعة من الطلبة من بينهم المرحوم السيد محمود الطالقاني لاعادة تنظيم الدراسة الحوزوية بالشكل التي يمكنها من النهوض بمسؤلياتها في اوساط الامة.‏

وكان من بين فقرات المنهاج المقترح تدريسه : التفسير والحديث والعقائد الاسلامية المقارنة الى جانب الفقه والاصول.‏

كما تضمن برنامج التدريس تمرين طلبة العلوم الدينية على الخطابة والتاليف والعمل الاجتماعي مع التركيز على دراسة حالة المسلمين وحاجاتهم الى بناء الشخصية الاسلامية الرصينة وصولا الى المجتمع الاسلامي المنشود.‏

حينما رجع السيد العسكري الى موطنه الاصلي سامراء لمتابعة دراسته العلميه فدرس الفقه الاستدلالي في حوزتها واستمر في تحصيله العلمي حتى قيام الحرب العالمية الثانية‏

رجل العلم والعمل:‏

توجه العلامه العسكري ومنذ اواسط العقد الثاني من عمره نحو دراسة السيرة والتاريخ والرحلات وتنوعت مطالعاته في هذه الجوانب خرج عن حدود المالوف من اهتمامات اقرانه في ذلك الوقت مما تعارفوا عليه.‏

فدرس تاريخ الهجمة الاستعمارية على العالم الاسلامي واستطاع بنباهته وذكائه ان يحدد غايات الغزو الفكري الذي اجتاح بلادنا على حقيقتها والذي تواصل بشكل مبطن او مكشوف حتى بعد انتهاء السيطرة الاستعمارية المباشرة على العالم الاسلامي.‏

كما ادرك خطورة محاولات الخلط المتعمد بين ما هو اصيل في فكر الاسلام وما هو طارىء عليه من افرازات الحضارة الغربية واثر تلك المحاولات المقصودة في تشويه معالم الصحوة الاسلامية الناصعة في اذهان الاجيال المتعاقبة.‏

وكان العسكري من اوائل المفكرين الاسلاميين في العراق الذين اكتشفوا حقيقة المناهج التربوية والتعليمية التي قررها المستشارون الاجانب في دوائر التعليم الحكومية للناشئة في بلداننا فحدد بعد دراسة معمقة التفاوت والبون الشاسع بين المناهج التي تدرس في المانيا وفرنسا واليابان ومثيلاتها المقررة في البلاد الخاضعة لنفوذهم وتوصل بذلك الى احد الاسباب الحقيقية لتخلفنا والمتمثلة بالمناهج الدراسية السائده .. لذلك سمى المدارس بـ( معامل تحضير الموظفين ) لانها لا تخرج الا الموظفين الذين يجلسون على الكراسي ويقولون نعم لامراء الاستعمار كما تنبه سماحته رحمه الله الى علاقة الحوزة بالجامعات الحديثه وانقطاع الصلة بين هذين القطاعين الحيويين من جسم الامة فالحوزة منكفئة على ذاتها ولا تعني الا بتخريج علماء للدرس والتدريس والجامعات غربية في توجهاتها وغربية عن مجتمعاتها الاسلامية.‏

ولذا كان لا بد من انطلاقة تكسر الجمود وتزيل حالة التقوقع والخمول فتحرك العسكري من سامراء هذه المرة والحرب الثانيه تنيخ بظلالها الثقيلة على العراق ارضا وشعبا . وكون حلقات للتوعية وللتدريس على شكل مدرسة اشبه ما تكون انذاك بالكتاتيب في حين انها لم تكن الا عملا مدروسا خطط له السيد بعناية واراد له ان يكون مقدمة لمشاريع اوسع.‏

وكالعادة فقد واجه العسكري شأنه شان باقي المصلحين على مر العصور معارضة من ذوي الافكار القديمة.‏

فشد الرحال الى بغداد العاصمة ليستقر في الكاظمية عله يجد مجالا ارحب يستطيع من خلاله ان يعالج بالاسلام بعضا من امراض مجتمعه. فالتقى هناك بالمربي الفاضل الاستاذ احمد امين صاحب كتاب التكامل في الاسلام فحصل التفاهم بينهما واتفقاعلى تاسيس مدرسة ابتدائية فتصدى المرحوم احمد امين للمشروع والعسكري يدفعه الى العمل ويقف من وراءه فكان ان تاسست مدرسة منتدى النشر في الكاظمية التي التحقت بجمعية منتدى النشر في النجف الاشرف تسهيلا لحصولها على الاجازة الرسمية.‏

ورجع العلامة العسكري الى سامراء بعد انجاز تلك المدرسة.‏

غير ان الاستاذ احمد امين واجهته بعض الصعوبات فاستعان بالعسكري الذي رجع ليستقر في الكاظمية ويدير بنفسه مدرسة منتدى النشر. وبعد ان تكلل المشروع في مرحلته الاولى بالنجاح صمم السيد العسكري على البدء في تنفيذ المرحلة الثانية منه وكان قوام مادتها التعليمية تدريس العلوم الاسلامية ( تخصص علوم اسلامية ) اي على غرار كلية اصول الدين التي تاسست فيما بعد.‏

وقد واجهت عمليات التطوير عقبات هي الاخرى تمثلت في معارضة بعض المتسلطين في الكاظمية.‏

وكانت تلك الفترة مرحلة فاصله في حياة العلامة العسكري الثرية في عطاءاتها الغزيرة في انتاجها.‏

فقد قفل راجعا الى سامراء كما في المرات التي سبقت لينصرف الى البحث والتاليف بعد ان تكاملت قدراته ووجد في نفسه الامكانيه على كتابة تاريخ الفكر الاسلامي فقسم مخطط بحثه الى عدة اقسام تمثل مراحل نشوء وتكوين الدعوة الاسلامية المباركة والعصور الاسلامية التي تلتها انتهاء بالعصر العباسي . وكانت العقبة الشائكة التي تقف في طريق هذا الانجاز الضخم وجود احاديث مسلم بها عند جمهرة المسلمين الا انها لا تصمد عند التحقيق من صحتها امام البحث العلمي الرصين.‏

ولعل الذي تحقق كان لا نظير له حين توصل السيد العسكري بالدليل القاطع الى اكتشاف حقيقة احاديث سيف وغيره التي خرج منها عبد الله بن سبا " خمسون ومائة صحابي مختلق " . فاهتزت اثرها حقائق تعارف عليها الناس منذ قرون خلت توارثها الخلف عن السلف . وتداعت صروح شيد عليها الطبري وغيره من كبار المؤرخين وقائع واحداث جسام .. وكانت اول الكتب التي طبعت لسماحته في هذا الصدد (عبد الله بن سبا) الى جانب كتاب (كيف تعلم الدين) و (مع الدكتور الوردي) صدرت جميعها عام 1955 .‏

ولم يترك السيد العسكري النشاط العلمي رغم تفرغه للبحث العلمي من اجل تاسيس المدارس والحوزات العلمية النموذجية. ولم يفت في عزمه الصعاب والعقبات التي واجهها في هذا السبيل . فزار لهذا الغرض ايران واتفق مع المرجع الديني الكبير السيد اغا حسين البروجردي على تشكيل (حوزة علمية خاصة) في قم يكون المسؤل عنها السيد العسكري .‏

لكن زحمة الاحداث التي تلاحقت على المسرح السياسي في ايران وتفجر الصراع بين الكاشاني ومصدق والحوزة العلمية في قم دفعت العسكري بالرجوع الى العراق ليستقر في الكاظمية ويشرع بتاسيس حوزة علمية فيها ولم يوفق بسبب المعارضة من قبل بعض الاطراف . فانصرف الى مشروع اخر وهو ( مدرسة الامام الكاظم "ع" ) التي استمرت الى ما بعد قيام ثورة 14 تموز 1958 .‏

المؤسسات الاسلامية:‏

ونتيجة لاتساع نشاط الاحزاب العلمانية كالشيوعيين وتصاعد حملة التبشير المنظمة الممثلة بالمدارس التبشيرية كمؤسسة راهبات الكلدان وراهبات مريم العذراء التي كانت تبعث بسياراتها لتنقل الطلبة من باب صحن الامام الكاظم (ع) .‏

شمر السيد مرتضى العسكري عن ساعد الجد ونزل مع اخوانه من جماعة العلماء في النجف وبغداد وبرعاية مباشرة من المرجعية الدينية المتمثلة بالإمام الراحل السيد محسن الحكيم ( قدس سره ) لخوض معترك الصراع السياسي والفكري المحتدم . وتميز نشاطه في هذه المرحلة بالانصراف للعمل السياسي والحركي بالاضافة الى مهامه الدينية.‏

وفي اطار هذا التحرك ذهب السيد العسكري الى منطقة البياع اولا كوكيل للمرجعية الدينية ثم انتقل منها الى الكرادة الشرقية التي اراد لها العلامة العسكري واخوانه المجاهدون ان تكون قاعدة الانطلاق والتغيير لبغداد كلها .‏

ان بداية التحرك الاسلامي كانت من داخل الحسينات فكانت مواكب الطلبة التي خرج في مقدمتها المرحوم الدكتور داود العطار ليقودها من مدرسة الامام الكاظم (ع ) الى الصحن الشريف ثم لتتسع بعد ذلك لتصل الى ما وصلت اليه في السنوات اللاحقة .‏

وللحقيقة وللتاريخ فان العلامة العسكري قد حمل على عاتقه ثقل المسؤولية الاساسي في التحرك الاسلامي الذي اتسع ليشمل كل زاوية من أرض العراق أرض المقدسات وموطن الانبياء والائمة عليهم افضل الصلاة والسلام.‏

وكانت نظرية العسكري في التحرك قائمة على اساس ان يكون العمل الاسلامي قائما ضمن مؤسسات وليس على اساس فردي لضمان ديمومته واستمراره ولصيانته من المؤثرات الشخصية فكانت جمعية الصندوق الخيري الاسلامي التي اسسها السيد هبة الدين الشهرستاني وكان اول رئيس لها وبعده كان رئيسها السيد مرتضى العسكري ومن الجدير بالذكر ان السيد العسكري سبق له ان اسس في وقت سابق جمعية التربي الاسلامية التي تركها لاختلاف اعضاء هيئتها الادارية فيما بينهم .‏

تولت (جمعية الصندوق الخيري) فتح مستوصف الرعاية الاسلامي في الكرادة الشرقية ومستوصف الرعاية الاسلامية في الكاظمية وكان على وشك الشروع ببناء مستشفى كبير يسمى مستشفى الامام الحسين عليه السلام .‏

ولعل اهم ما حققه العسكري كان تاسيس معاهد تربوية الاسلامية تخرج منها جيل رسالي هادف حمل هموم الاسلام وساهم في نهضته المباركة في العراق ومن تلك المشاريع التربويه كانت :‏

ـ مدارس الامام الجواد في الكراده الشرقيه ـ بغداد ـ .‏

ـ مدارس بغداد الجديده ـ بغداد ـ .‏

ـ مدارس الامام الكاظم (ع) ـ بغداد ـ .‏

ـ روضة الزهراء للاطفال ـ بغداد ـ .‏

ـ مركز تعليم البنات ـ بغداد ـ .‏

ـ مدارس الزهراء للبنات ـ بغداد ـ . باشراف الشهيده بنت الهدى‏

ـ مدارس الامام الصادق (ع ) ـ البصره ـ .‏

ـ ثانوية الامام الباقر (ع ) ـ الحله ـ .‏

ـ ثانوية الامام الحسن (ع ) ـ الديوانية ـ وكان للعلامة المجاهد الشيخ محمد مهدي شمس الدين دور كبير في تاسيسها قبل ان تتعهدها جمعية الصندوق الخيري .‏

ـ مركز تعليم البنات في النعمانيه الذي اسسه اية الله السيد قاسم شبر قبل ان تتعهده جمعية الصندوق الخيري‏

اما الانجاز الاكبر لسماحة العامة السيد مرتضى العسكري فكان تاسيسه لكلية اصول الدين في بغداد لتكون نواة لجامعة اسلاميه متكامله الاختصاصات.‏

ولا زال العلامة العسكري رغم شيخوخته وتفرغه التام لموسوعته الفذة ( معالم المدرستين ) ولغيرها من كتبه القيمه التي لازال الكثير منها مخطوطا ولم يطبع بعد ، لازال كما عهده ابناءه واخوته وابناء امتنا المجاهده في عراق التضحيه والفداء حاملا لهموم الامه ساعيا للاصلاح باذلا الجهد في سبيل رفعة راية الاسلام عالية خفاقة في كل مكان من بلاد المسلمين وخصوصا في عراقنا الجريح .‏

من مؤلفات السيد العسكري :‏

موسوعة معالم المدرستين‏

المطبوع منها :‏

1ـ بحوث المدرستين حول الصحابه والامامه .‏

2ـ بحوث المدرستين في مصادر الشريعة الاسلاميه .‏

3 ـ اثر قيام الامام الحسين في احياء سنة الرسول ( ص ) .‏

والمخطوط منها :‏

4 ـ من سيرة الخلفاء .‏

5 ـ الروايات المنتقله ، روايات واراء انتقلت من مدرسة الخلفاء الى مدرسة اهل البيت .‏

6 ـ بحوث في الفقه المقارن بين المدرستين .‏

7 ـ ا ـ عصور تاسيس افكار المدرستين وتاسيس حكوماتهم .‏

ب ـ كارثة حملة المغول على البلاد الاسلاميه وكيفية تعامل لمدرستين معهم‏

ج ـ افتراءات على مدرسة اهل البيت .‏

8 ـ القران الكريم وروايات المدرستين ـ بحوث تمهيدية ـ .‏

9 ـ القران الكريم وروايات مدرسة الخلفاء .‏

10 ـ القران الكريم وروايات مدرسة اهل البيت .‏

11 ـ الاستشراق والتبثير مع المدرستين .‏

موسوعة معالم الاسلام‏

المطبوع منها :‏

1 ـ تعليم الاسلام .‏

2 ـ احكام الاسلام .‏

3 ـ منتخب الادعية .‏

المخطوط منها :‏

4 ـ الاداب الاسلامية .‏

5 ـ مصطلحات العقائد.‏

6 ـ عقائد الاسلام من القران الكريم .‏

7 ـ السياسة في الاسلام او الاحكام السلطانية .‏

8 ـ قيام الائمة باحياء السنه .‏

عوامل التحريف في سنة الرسول. الفرق الاسلامية واسباب ظهورها.‏

قيام الائمة باحياء عقيدة التوحيد .قيام الوصي باحياء السنة .‏

9 ـ اشتات مجموعه.‏

2007-09-18