ارشيف من : 2005-2008

رهانات فاشلة!

رهانات فاشلة!

والتي توجت بـ"مبادرة بعلبك" التي أطلقها رئيس مجلس النواب نبيه بري في ذكرى تغييب الإمام الصدر في 31 آب/ أغسطس الماضي.‏

أطلق فريق السلطة النار على المبادرة قاصداً إجهاضها، برغم أنها قامت على تنازل جوهري للمعارضة تمثل بإسقاطها المطالبة بحكومة وحدة وطنية كشرط سابق لانتخابات الرئاسة، مقابل الاتفاق على انتخاب رئيس للجمهورية بنصاب الثلثين.‏

قيام فريق السلطة بإجهاض المبادرة أمر خطير، ولكن كان يمكن تفهم هذا الرفض لو أنه جاء على خلفية طرح مبادرة بديلة أو المطالبة بتعديلها في إطار تحسين شروط اللعبة للخروج من الأزمة، ولكن الأشد خطورة في الموضوع هو تلطي فريق 14 شباط/ فبراير وراء القرارات الدولية، وزج الخارج في قضايا لبنانية حميمة تمس وجود البلد ومستقبله.‏

الواضح أن فريق السلطة لم يتلق إشارة الإيجاب من واشنطن للقبول بمبادرة بعلبك، وهو بالتالي، لم يجد طريقاً سوى المماطلة وتضييع الوقت بانتظار تطور ما، أو تبلور معادلة ما تمكنه من إعطاء إجابة تناسب حسابات ورهانات سياسية معينة، غير أن استمرار التخبط الأميركي في مستنقع الأزمة العراقية، ورهان واشنطن على استجلاب تنازلات أو تعاون إقليمي معها يمكنها من الخروج من مأزقها العراقي، فتفسح بالتالي المجال أمام الحل في لبنان بإعطاء أدواتها الضوء الأخضر لتمرير التسوية، قد فشل هو الآخر، ما حدا بالإدارة الأميركية إلى إعطاء إشارة لأدواتها كي يرفعوا من سقف التصعيد وتوتير الموقف، وليس أدل على ذلك من التدخل السافر "للمندوب السياسي" للإدارة الاميركية الناظر الدولي للقرار 1559 تيري رود لارسن في الشؤون الداخلية اللبنانية، حيث نصّب نفسه خبيراً بالدستور اللبناني مجتهداً في تفسير مواده وبنوده المختلفة، معلناً إمكانية انتخاب رئيس للجمهورية بالأغلبية العادية بدل نصاب الثلثين.‏

وإزاء هذا التدخل الفاضح للمندوب الدولي فإنه ينتظر أن تبرز مواقف لبنانية ترد على لارسن، ولا سيما أن المطلوب راهناً تحصين الوضع الداخلي من أية اختراقات خارجية سياسية وأمنية، وخاصة مع تصاعد نُذر التهديد بحرب في المنطقة.‏

نريد أن نسمع تعليقاً من جماعة 14 شباط، أدعياء السيادة الجدد، الذين أرهقونا بمزيد من شعارات الحرية والسيادة والاستقلال، ماذا سيكون موقفهم من هذا التدخل الدولي الجديد؟ أم أنه سيكون موضع ترحيب وإشادة كونه يصب في خدمة مشاريعهم ومصالحهم الانتخابية؟‏

لماذا لا ترفع الإدارة الأميركية يدها عن لبنان، ولماذا تبقيه رهين وصايتها، وأين فريق السلطة من جماعة 14 شباط من هذه الوصاية الجديدة؟‏

كلها أسئلة تستولد تساؤلات وشبهات حول ارتباطات فريق السلطة بمحاور مشاريع لا تمت لمصلحة لبنان بأية صلة.‏

مشكلة هؤلاء أنهم رهنوا أنفسهم للمشروع الأميركي الذي لا يعرف ولا يفهم الا لغة مصالحه الخاصة واعتباراته الذاتية، أما إذا كانوا يظنون أن بوش سيقيم لهم وزناً في لهاثه المستميت للخروج من مأزق العراق، فما عليهم إلا أن يلتفتوا إلى من تبقى حول بوش من أركان إدارته، هل فيهم من يعرفونه منذ بدأت الحرب، العبرة هي هنا، هي في أن بوش لن يكون مراعياً لهم أكثر مما كان لحاشيته ومساعديه المقربين.‏

أما إذا كانوا يراهنون على أكثر من ذلك، على ترياق يأتي من العراق، ويقلب الميمنة على الميسرة، فعبثاً يراهنون، ووهماً يراهنون، وسيحصدون فشلاً وسراباً!‏

الانتقاد/العدد 1232 ـ 14 ايلول/سبتمبر 2007‏

2007-09-14