ارشيف من : 2005-2008

أيام حاسمة

أيام حاسمة

كتب ابراهيم الموسوي
مع دعوة رئيس مجلس النواب نبيه بري النواب لحضور الجلسة النيابية العامة لانتخاب رئيس الجمهورية الجديد في الخامس والعشرين من أيلول الجاري، يكون قد استكمل مبادرته الإنقاذية، التي قامت في مرحلتها الأولى على أساس إعلانه التخلي عن مطلب حكومة وحدة وطنية كمقدمة لانتخاب الرئيس، وتكون بالتالي كرة تمرير الاستحقاق الرئاسي طبقاً للدستور قد أصبحت في الكامل في ملعب فريق السلطة.
الأنظار مشدودة هذه الأيام إلى فريق 14 شباط، وما سيخرج به من موقف حيال دعوة الرئيس بري ومبادرته، وإن بدا واضحاً أن ما قام به رئيس حركة أمل قد أحرج العديد من أقطاب فريق السلطة، وهو ما بدأت تتسرب الكثير من المعلومات عنه، ولا سيما لجهة عدم تحسب أقطاب فريق 14 شباط لهذه الخطوة، وبالتالي فإن خطوة بري المزدوجة قد خلقت إرباكاً واسعاً لدى هؤلاء، وزادت من حدة تبايناتهم التي بدأت تظهر منذ فترة من خلال عدم التوافق على اسم محدد لرئاسة الجمهورية، أو لجهة عدم توحد موقفهم حيال مسألة النصاب المطلوب للانتخابات.
في هذا الوقت، استمرت مبادرة الرئيس بري بتلقي إشارات الدعم الايجابية من العديد من القوى المحلية والأطراف الإقليمية والدولية، وإذا كانت فرنسا قد دعمت هذه المبادرة واعتبرتها استكمالاً لمبادرة موفدها جان كلود كوسران، فإن فريق 14 شباط الذي لم يطلق أية إجابات حاسمة بصددها، ينتظر كما هو واضح الإشارة الأميركية لاتخاذ الموقف الذي يتلاءم مع ما تريده واشنطن في الساحة اللبنانية. الأميركيون من جهتهم، لا يظهرون أي استعجال في اتخاذ موقف واضح، ربما، بانتظار جلاء صورة الموقف في العراق، ومدى تعاون القوى الاقليمية الجارة معهم لتسهيل خروجهم من المستنقع العراقي، وساعتئذٍ يتخذون القرار الذي يناسبهم، ويملون على حلفائهم في الساحة اللبنانية الموقف المطلوب.
إزاء ما تقدم ما هي التوقعات السياسية المقبلة؟
ترسم جهات متابعة مسؤولة صورة قاتمة لما يمكن أن تؤول اليه الأوضاع على الساحة اللبنانية، انطلاقاً من قراءة تقول إن فريق 14 شباط سوف يستمر في تعنته ومكابرته ورفضه لكل طروحات التسوية والتوافق التي قدمتها المعارضة، ولعل الجنرال ميشال عون كان السبّاق في التحذير من إمكانية اتجاه الأوضاع نحو الانفجار، إذا تعذر التوصل إلى تسوية فيما يخص انتخابات الرئاسة. وتضيف هذه الأوساط، أن فريق السلطة، قد تدرّج في شروطه للموافقة على الحل ورفضه لتمرير التسوية برغم كل مزاعمه السابقة حول شروط يجب الاستجابة لها، وتستشهد هذه الأوساط بموضوع المحكمة الدولية التي اشترط فريق السلطة ضرورة تمريرها قبل الذهاب نحو حكومة وحدة، أو إعطاء الثلث الضامن، ليعود بعد تحققها لإجهاض المبادرات العربية والأوروبية فضلاً عن إدارة الظهر لكل مساعي التسوية المحلية.
وبالمقابل، ترى أوساط سياسية قريبة من المعارضة أن المستقبل القريب سيشهد انفراجات حقيقية بعد وصول فريق السلطة إلى طريق مسدود في سياسة المكابرة والمماطلة وتأجيل الحلول، وتذكر هذه الأوساط أن هناك مساعيَ حثيثة تتم منذ مدة بعيداً عن الأضواء، إنجاحاً للمساعي وضناً بإفشالها على غرار المرات السابقة، على اعتبار أن ما تبقى من وقت قد لا يسمح بأية فرصة إضافية للتسوية بعد أن ضاق هامش المناورة إلى أبعد حد.
وتضيف هذه الأوساط أن زيارة البطريرك صفير إلى الفاتيكان وعجقة الموفدين واللقاءات على خط روما ـ باريس وصولاً إلى عواصم عربية وإقليمية، سوف تثمر وبشكل حتمي التسوية المرتقبة، ولكن تؤكد هذه الأوساط أيضاً، على أهمية الموقف الأميركي وما سيصدر عن واشنطن قريباً، على اعتبار أنه سيشكل العنصر الوازن في المعادلة في أي من الاتجاهين: التسوية أو الانفجار.
يبقى أن المواطن اللبناني الذي اكتوى طويلاً، بتعنت فريق السلطة ورفضه لاقتراحات الحلول والمبادرات المتكررة، بدأ يكتوي مجدداً بنار لافحة مصدرها الغلاء الكبير الذي زاد بشكل ملحوظ جداً نتيجة الارتفاع الهائل في الأسعار، وخاصة على أبواب شهر الصوم.
هل يلتفت فريق السلطة لمطالب الناس، وخاصة أن الأزمة الاقتصادية الخانقة لم تعد مورداً للتفكير والبحث لديه على الأقل في المرحلة الحالية؟ الجواب لا يبدو ذلك.
مهما يكن، فإن البلد برمته بانتظار أيام حاسمة بدءاً من 25 أيلول حتى انقضاء المهلة الدستورية لانتخابات الرئاسة، والسباق بين التسوية والانفجار قد بدأ، وبالانتظار فإن المطلوب مراقبة ما يجري على جبهة الاحتلال الأميركي للعراق، وما سترسله واشنطن من مواقف، لأن فريق السلطة المرتهن لإرادة البيت الأبيض لن يدخل في أية تسوية قبل أن يتلقى الضوء الأخضر من هناك!
الانتقاد/ العدد 1231 ـ 7 أيلول/سبتمبر 2007

2007-09-07