ارشيف من : 2005-2008
ارتياح "أكثري"
ثمة ارتياح أكثري "غير مفهوم" لتفاقم أوضاع الأزمة اللبنانية، وفي تعداد أسباب هذا الارتياح يمكن إيراد التالي:
ـ لبنان على خط الشراكة الاستراتيجية مع الولايات المتحدة الاميركية كما صرّح أكثر من مسؤول أميركي.
ـ الأكثرية تعد بمفاجأة تقلب الطاولة (على من؟).
ـ ثمة تصعيد ناري في نبرة خطابي جنبلاط وجعجع وإطلاق نار على قائد الجيش.
ـ لم يعد رأي البطريرك صفير مهماً في الاستحقاق الرئاسي، ولا موقفه الداعي إلى ضرورة اعتماد الثلثين.
ـ هناك خيارات لانتخاب رئيس أكثري في نيويورك.
ـ الرئيس المقبل سيكون بالطبع، وحتماً، ودون شك، من فريق 14 شباط، ولا يهم الفريق الشباطي كل المدوّنات الدستورية والآراء والاجتهادات القانونية حول النصاب الدستوري، فيمكن انتخاب رئيس من فريق 14 شباط بمن حضر وفي أي مكان!
ـ جنبلاط يقصف مبادرة بري قبل إطلاقها، ويكرر توزيع التهديدات بالإعدام لحلفائه إذا ارتكبوا فعل الخيانة بقبول تسوية داخلية مع المعارضة، وهو ما تناوب على فعله رموز الفريق الشباطي مع السفير الأميركي جيفري فيلتمان الذي أصبح رمزاً لإجهاض كل مساعي التسوية ومبادرات الحل!
ـ ثمة ارتفاع في نبرة الخطاب المبشر بالتقسيم، المنظر للفدرالية لدى بعض رموز الفريق الشباطي.
بالمقابل، فإن فريق المعارضة ما زال متمسكاً بالثوابت التالية:
1 - ضرورة منع انزلاق البلد إلى أية فتنة داخلية مع كل موجبات ذلك في إطار المواقف والممارسات.
2 ـ التأكيد على اتفاق الطائف وضرورة التمسك بالدستور والقوانين حفظاً لما تبقى من الدولة.
3 ـ التمسك بخيار التسوية الداخلية وإبقاء سياسة اليد الممدودة وأبواب الحوار المفتوحة لإنجاز تسوية على قاعدة تأليف حكومة إنقاذ وطنية تكون مدخلاً للتوافق على الموضوع الرئاسي.
4 - التأكيد على سياسة تبريد الأجواء وإزالة الاحتقان ورفض منطق الاستئثار والإلغاء الذي تمارسه سلطة فريق 14 شباط.
5 ـ الاستمرار في إطلاق المبادرات الايجابية لإنهاء الأزمة، وهو ما دأب عليه أقطاب المعارضة من السيد حسن نصر الله إلى الجنرال عون وصولاً إلى مبادرة الرئيس بري التي سيطلقها اليوم من بعلبك.
الغرابة في موقف أركان الفريق الشباطي تتلخص باستمرارهم في الرهان على الحصان الأميركي الخاسر الذي كرس فشله من أفغانستان والعراق وصولاً إلى لبنان وفلسطين، ونعود هنا إلى خط الشراكة الاستراتيجي لنتساءل عن هذا الإصرار الشباطي الغريب على التمسك بشراكة أصحاب الفشل الاستراتيجي، طبعاً، فإن شراكة فريق 14 شباط لن تعدّل في موازين القوى، وتنقل واشنطن من موقع الخاسر إلى موقع الرابح، في أي من مناطق فشلها، وكذلك فإن واشنطن المثخنة بجراح خساراتها الجسيمة تستجدي حلولاً مع من كانت حتى الأمس القريب تسمهم بسمة الإرهاب وبمحور الشر، سواء في طهران أو دمشق وصولاً إلى فلسطين، حيث يدأب محللون استراتيجيون على إسداء النصح للإدارة الأميركية بالإقلاع عن سياساتها التصفوية لحركات المقاومة وعلى رأسها "حماس"!
إذاً ما الذي يجعل هؤلاء في موقع الارتياح إزاء كل هذه الوقائع القائمة، وما هي تصوراتهم للسيناريوهات القادمة؟
لعل كلمة السر تكمن في ازدياد الكلام على التقسيم لدى بعض أقطاب الفريق الشباطي في السر والعلن، وبالتلميح تارة والتصريح طوراً، فهل يكون السعي للتقسيم لدى هؤلاء حنيناً إلى ماضي إداراتهم المدنية و"غيتواتهم" المنغلقة الخاصة، هل يكون مشروع التقسيم هو القطبة المخفية في "أجندة" المشروع الأميركي للبنان والمنطقة القائم على نظرية الفوضى الخلاقة التي ترتكز حكماً على تفتيت المنطقة وتقسيمها إلى مناطق نفوذ وإمارات متنقلة لأمراء الحرب والميليشيات والمافيات.
هل تكون هذه هي المفاجأة التي يعد بها بعض أقطاب الأكثرية!
اذا كانت هذه هي حساباتهم وسبب ارتياحهم، فلهم ان يستعيدوا خلاصة تجربة فشل العدوان الاسرائيلي الاميركي في تموز/ يوليو 2006، ليعلموا أن ما لم يحققوه بالعدوان العسكري لن يستطيعوا تحقيقه بالعدوان السياسي.
الغد قريب، ومَن يَعِشْ يَرَ!.
ابراهيم الموسوي
الانتقاد/ العدد 1230 ـ 31 آب/أغسطس 2007
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018