ارشيف من : 2005-2008

مؤشرات

مؤشرات

كتب إبراهيم الموسوي
تقترب الاستحقاقات، وتتصاعد معها حرارة الحركة السياسية الهادفة إلى تمريرها بأقل الخسائر الممكنة على البلد، في ظل غليان اقليمي يتوزع على أكثر من نقطة وينطلق من أكثر موقع.
ومع توسع دائرة الاتصالات التي تتمحور حول الوضع اللبناني لتشمل أكثر من عاصمة إقليمية ودولية، يبدو أن الآمال بالوصول إلى حلول ـ أو حتى أنصاف حلول ـ تتصارع مع المخاوف من أن تطغى الوقائع السلبية على الأرض، وتذهب بكل بوادر الأمل التي يتنسّمها اللبنانيون من هذا التحرك أو ذاك.
جاء لقاء سان كلو اللبناني ـ بنكهة فرنسية ـ ليفتح كوّة في الجدار الذي وصلت إليه الأزمة الداخلية، وتبعته الزيارة الهامة واللافتة التي قام بها المبعوث الفرنسي جان كلود كوسران إلى العاصمة السورية دمشق، والجولة التي يقوم بها على عواصم أخرى في المنطقة، مقترنة مع عودة شيء من الروح إلى التحرك العربي، مقترناً مع زيارة "صاحب الملف الزهري" إلى القاهرة، ما شكّل نوعاً من الحراك الذي يمكن توقع شيء منه على صعيد الاقتراب من نقطة يمكن الوصول منها إلى تفاهم ما ـ ولو ضمن الحد الأدنى ـ لو أن إرادة بعض الأفرقاء اللبنانيين كانت حرة من الوصاية الغربية بما يسمح بالتقدم في مواقفها إلى مكان يمكن أن تتلاقى فيه مع إرادة القوى المعارضة لإخراج لبنان من المأزق الذي يقف فيه، ولتجنيبه المآزق اللاحقة التي يخشى من وقوعه فيها.
إلا أن هذا التحرك لا يبدو أنه يحظى بـ"رضى" الادارة الأميركية التي تعلن بوضوح أنها لن تسمح بـ"المساومة" على لبنان، ولا حتى مع أقرب أصدقائها إليها، فرنسا الساركوزية التي رُسم لها أن تكون أكثر التصاقاً بواشنطن من فرنسا الشيراكية في سنواتها الأخيرة.
وقد تعددت مظاهر البرود الأميركي في مواجهة التحرك الفرنسي باتجاه منع الوضع اللبناني من الدخول في مرحلة الانهيار التام، من التصريح الذي تحدث عن مبادرات عديدة بلا نتائج، إلى نفي صحافة السلطة للزيارة التي قام بها المبعوث الفرنسي إلى دمشق، في الوقت الذي كان فيه كوسران يبيت في أحد قصور الضيافة الدمشقية، مستمتعاً بمنظر الليل وروائح العطور الشامية العريقة، من دون ان ننسى مطالعات الدفاع عن الحكومة، ومحاضرات الردح والشتم المعتادة التي صدرت عن هذا وذاك من أقطاب السلطة.
في حمأة هذا التصادم بين رغبات التهدئة ومواقف التوتير، تبدو الساحة اللبنانية في الموقع الذي تقف فيه منذ أشهر، بلا حسم إيجابي، أو انفجار سلبي، بانتظار معطيات أخرى تدخل على المعادلة، وتسير بها نحو اتجاه من الاتجاهين، وإن كانت التطورات الاقليمية تتكفل بتفعيل الأجواء السلبية، بما يؤدي إلى التضييق على أي فرصة فرج ينتظرها اللبنانيون.
إنها اللحظات التي تسبق الحراك الكبير، يحس بها الجميع، حتى ولو اختلفوا حول المسار الذي يقود إليه هذا الحراك، وإن كان الأمل لا ينعدم بأن يكون الاتجاه نحو الانفراج.. لا نحو الانفجار.
الانتقاد/ العدد1224 ـ 20 تموز/يوليو2007

2007-07-20