ارشيف من : 2005-2008

رئيس الهيئة الإيرانية المهندس نويس لـ"الانتقاد" : لا ننافس أحداً وما نفعله لخدمة الشعب اللبناني

رئيس الهيئة الإيرانية المهندس نويس لـ"الانتقاد" : لا ننافس أحداً وما نفعله لخدمة الشعب اللبناني

"من اليوم الاول الذي أتيت فيه الى لبنان ارتديت بزة العمل وليس بزة الدبلوماسي", هذا ما يقوله رئيس الهيئة الإيرانية لإعادة إعمار لبنان المهندس حسام خوش نويس، مشيراً الى أن "ما تتطلبه مرحلة ما بعد العدوان الصهيوني ضد لبنان هو مشاريع اعمار وإنماء، وليس أقوالا". معتبراً أن "واجبنا ان نخدم الشعب اللبناني المضحي".
(2406) مشاريع ضمن قائمة العمل لإعادة الاعمار انجزت منها الهيئة الإيرانية (1895) مشروعا لغاية الآن، وما زال العمل مستمراً، كما أن القائمة يمكن ان تكبر.
صعوبات ومعوقات كثيرة تواجه الهيئة من قبل الاطراف الرسمية اللبنانية, يلمّح اليها المهندس نويس: "لكن ارادة العمل أقوى من المعوقات، لذلك وجدت الهيئة طريقاً لخدمة الشعب اللبناني من خلال اتفاقيات عقدتها مع الوزارات المختصة مباشرة".
وإلى الطرقات الرائعة والحدائق الجميلة التي تقوم ببنائها الهيئة الإيرانية، ثمة مشاريع كبيرة مثل الكهرباء والمياه للضاحية تقوم بدراستها الهيئة بشكل جدي.
"الانتقاد" التقت رئيس الهيئة الإيرانية لإعادة اعمار لبنان المهندس حسام خوش نويس في مكتب الهيئة، وكانت اطلالة على أهم المشاريع:

ـ في البداية ما هي أنواع العمل والمشاريع التي تنفذونها؟
عملنا ونعمل في اعادة اعمار دور العبادة، المراكز الصحية، الجسور الفرعية والرئيسية، تأهيل وشق الطرق الفرعية والرئيسية، وأيضاً في مجالات الكهرباء والبلديات والبنية التحتية وإزالة الألغام.. وهناك مساعدات جانبية من أضرار السيارات والآليات. نحن نعمل في (2406) مشاريع، أنجز منها (1895) مشروعا لغاية الآن.
 بدأنا العمل في المراكز التربوية الخاصة والرسمية فور انتهاء العدوان الصهيوني على لبنان، التي  كان ملفها تقريبا جاهزا، وتعهدنا (200) مركز تربوي، وأنجزنا (104) مراكز, ويوجد قيد التنفيذ (33) مركزا تربويا و(15) مركزا قيد الدراسة.

ـ هل تواجه الهيئة الإيرانية أي عوائق ومشاكل من أي جهة؟
 نحن منذ اليوم الأول لانتهاء العدوان زار معاون رئيس الجمهورية السيد علي سعيدلو بيروت وعقد اجتماعاً مطوّلاً مع رئيس الحكومة السيد فؤاد السنيورة، أعلنا بعده استعدادنا للتوقيع  فورا على آلية العمل والبدء فوراً في اعادة الاعمار, ولكن لاحظنا انه لم يرحب بذلك, لأنه  كان يريد ان نقدم المساعدات المالية للحكومة وهي تعمل، بينما نحن نفضل العمل المباشر. هذا الأمر سبب عدم التنسيق مع الحكومة وبداية المشاكل. الهيئة الإيرانية يمكنك القول انها مظلومة نسبة الى الدول الاخرى التي عملت في لبنان, كما أنه تواجهها عراقيل وقيود من الحكومة، ورئيس الحكومة في كل جلسة له ينتقدنا، ولا نعرف لماذا؟! عندما قال الرئيس بري ان كل الجسور التي تعهدتها جهات غير حكومية في الجنوب أعيد اعمارها، جاء الرد من مكتب الرئيس السنيورة ان ايران تعهدت ولم تعمل! نحن تعهدنا اكثر من (25) جسرا رئيسيا ولم ينسقوا معنا، وحتى لم يعطونا الخرائط للجسور! نحن قمنا بواجبنا وأنجزنا اكثر من عشرة جسور والباقي ما زلنا نعمل به, كل ذلك يجري من خلال تنسيق واتفاقات منفصلة مع وزراء الاشغال والصحة والكهرباء والطاقة والمياه, ومع مجلس الإنماء والاعمار، بينما كان بالامكان توقيع بروتوكول بين الحكومتين الإيرانية واللبنانية يشمل كل نواحي العمل.

ـ ما هي الاهداف من وراء هذه المشاريع الكبيرة؟
أريد ان أقول بكل محبة، من أهداف هذه الثورة مساعدة الشعوب الفقيرة والمستضعفة.. ساعدنا في تركيا وأفغانستان وباكستان، وحتى في الولايات المتحدة قمنا بمساعدة الناس الذين تضرروا من اعصار كاترينا.. ولبنان أيضاً تحت العدوان الإسرائيلي منذ خمسين عاماً، لذلك منذ انطلاقة الثورة الاسلامية في ايران ونظرتنا للشعب اللبناني لم تتغير، عملنا على مساعدته منذ ذلك الوقت وليس من حرب تموز فقط. هناك الكثير من المساعدات في مجالات عديدة قدمناها، ومنها ما قامت بتنفيذه مؤسسة جهاد البناء، وخصوصا بعد أي عدوان إسرائيلي على لبنان. أما في حرب تموز فحجم الأضرار الناتجة عن العدوان كان مختلفة: (330) مدرسة دمرت أو تضررت، (200) من دور العبادة، (50) مستشفى ومركزا صحيا، وغيرها من الطرق والبنى التحتية، لذلك جاء حجم المساعدات متناسباً مع حجم الأضرار.

ـ هل سيشمل الإعمار مناطق اخرى غير التي تعرضت للحرب؟
لقد جاءنا طلبات من (340) بلدية للتعاون معها وتنفيذ مشاريع معظمها من بلديات الجنوب والبقاع، والباقي من جبل لبنان والضاحية الجنوبية. نحن ندرس هذه الطلبات التي أغلبها ليست أضرار حرب. وضعنا هذه الطلبات في برنامج عملنا, ولكن حالياً الأولوية هي لأضرار الحرب.

ـ هل تشعرون بأن ما تقومون به قد أزعج بعض الدول الاخرى؟
نحن نعمل في مناطق ومجالات لا مكان للمنافسة فيها مع احد, هدفنا هو الاعمار، وليس المهم لدينا من هو الذي يقوم بهذه المهمة. الكثير من الدول جاءت وعملت هنا في لبنان، لكن نحن نقدم المساعدات والمشاريع للبنانيين بدون شروط مسبقة. وخلال وضع الحجر الاساس لطريق بعلبك ـ بوداي قال نائب رئيس مجلس الإنماء والاعمار انه بتاريخ لبنان أول مرة دولة مثل الجمهورية الاسلامية تقدم المساعدات الى اللبنانيين دون أي شرط مسبق أو أي تعهد.. لماذا؟ لأننا نشعر بأن هذا الشعب يستحق أكثر بكثير مما يقدم له من خدمات, وإذا رأيتم اللافتات المرفوعة على الطرق تحت عنوان "الهيئة الإيرانية في خدمة الشعب اللبناني", فهذا شرف لنا ان نخدم هذا الشعب المظلوم، ونفتخر بخدمتنا له.. كما أن عملنا هو خلاف ما تعمل عليه باقي الدول، نحن لم نسعَ وراء عمل يؤدي الى البريق الاعلامي، عملنا يتحدث عنا، كل اسبوع أو ثلاثة أيام أقوم بجولة على المشاريع على الارض. وكذلك لدينا مكاتب في اهم المناطق اللبنانية ولدينا مهندسون ومشرفون ومسشتارون ومختبر ومندوبون مقيمون في المشاريع، نؤكد النوعية الممتازة في الاعمال التي نقوم بها.

ـ ما هي أبرز المشاريع التي تقومون بها في لبنان؟
نحن نعمل في مشاريع عديدة على مستوى جميع المناطق التي كانت عرضة للعدوان الصهيوني، وأبرز هذه المشاريع هي الطرق الرئيسية والفرعية. والملاحظة هنا اننا خلال عملنا في الطرق يمر في (12) مرحلة، بعض هذه المراحل هي بحد ذاتها مشاريع: نوسع الطريق الى (12) مترا، ننشئ أرصفة على الجهتين, نبني جدرانا تجميلية، جدران دعم، قلع الطريق القديم، المراحل الموجودة في الطريق نعيد تجديدها، التزفيت بطبقتين، تعليم الطريق بإرشادات المرور. ما نقوم به اساسه الجودة العالية جدا, ولدينا إشراف فني دقيق عليها.. اما الطرق الرئيسية التي نعمل عليها الآن فهي: طريق صور, الحوش, قانا, تبنين ـ النبطية, الغندورية, صريفا، بئرالسلاسل، كفر رمان، العيشية، الريحان، عين التينة ومشغرة.
ـ أوتستراد بعلبك ـ الحدود السورية، وهي 3 أقسام: بدأنا بالقسم الاول الذي فيه أقل قدر من الاستملاكات، والاقسام الاخرى نتابع ملفاتها مع المعنيين في الدولة. اما تكلفة القسم الاول الذي يمتد من بعلبك الى البزالية فهي بحدود 25 مليون دولار, وقد حددت لنا سنتان ونصف السنة للانتهاء، ونحن سنسعى للانتهاء منه خلال سنة ونصف السنة.
ـ طريق الناقورة ـ بنت جبيل الى مرجعيون، ونحن كان لدينا مشروع متكامل للمنطقة, وقدمنا كتابا الى الحكومة اللبنانية بعد الحرب للبدء بالمشروع، فرفضت لأننا ايرانيون! بعد سنة قالوا لنا قبلنا ان تنفذوا المشروع, أليس هذا الاسلوب مضيعة للوقت, وقبل كل شيء قطعنا أيادي "الواسطة" بيننا وبين الحكومة والمتعهد الذي يلزم المشروع الى غيره.. وهكذا حتى يمر على عدد من المتعهدين! جسر أبو الاسود تكلفته بحسب التقديرات الرسمية (990) ألف دولار, بينما الهيئة الايرانية اشتغلته بـ(100) الف دولار فقط!

ـ هل هناك مشاريع مستقبلية مختلفة نوعا مثل الكهرباء او المياه؟
نحن نرى الحرمان الموجود عند الشعب اللبناني بكل اسف, الوضع لا يُحتمل في بعض المناطق حيث هناك تقنين قاسٍ للكهرباء.. في المرحلة الاولى اشترينا عددا من المولدات الكهربائية (60) او (70) مولدا كهربائيا وقدمناها للبلديات, لكن المشكلة لا تحل الا من جذورها. في الضاحية الجنوبية مثلاً أزمة الكهرباء قديمة, كما أن هناك مشاكل أخرى على مستوى المياه والنظافة والطرق. يقال عن لبنان "عروس الشرق"، لكن ترى فيه مشاهد من مثل ما تراه في بلدان كالهند وأفغانستان وبعض مناطق العراق، مثل منطقة بئر حسن، رأيت بعض الناس هناك عندما يريدون ان يدخلوا منازلهم يتزحلقون على الرمال لأنه لا يوجد ممر مؤدٍّ الى المنازل. وكذلك في منطقة الشويفات والحدث والليلكي وتحويطة الغدير. في الاسبوع الماضي قمت بجولة تفقدية على ورش العمل فيها.. الصرف الصحي من المصانع ينتج رائحة كريهة جداً ويمر من جانب السكان؟ اذهبوا وانظروا بأعينكم النفايات الى جانب المنازل والأمراض والذباب. امرأة كانت تقف بقربنا هي وطفلها قالت لنا ان كل الأطفال مرضوا في المنطقة جراء هذا التلوث.. أين الجهات المسؤولة التي تقف وتحمي هذا المجتمع!
كما قلت سنحاول العمل في مشاريع نوعية في مجال الكهرباء، فمشكلة الضاحية ليست مشكلة مولد كهرباء، وإنما حاجتها الى معمل إنتاج كهربائي.. وكذلك هناك مشكلة المياه، ومياه الشفة بالتحديد، بحيث يفترض ان نجد حلولا لها. يوجد أنهار كثيرة في لبنان تذهب مياهها الى البحر. من هنا نلفت نظر الإخوة الإعلاميين والصحافيين الى أنه من أراد ان يرى أعمالنا وأشغالنا فليسأل الناس في قرى الجنوب من مدارس وطلاب ومدراء وغيرهم.
وأخيرا نشكر جريدة "الانتقاد" على دورها الإعلامي في لبنان.
حاوره : أمير قانصو ـ محمد طالب
الانتقاد / العدد 1234 ـ 28 أيلول/سبتمبر 2007

2007-09-28